Al-jazirah daily newspaper
ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 13/02/2013 Issue 14748 14748 الاربعاء 03 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

إذا عدنا إلى مجمل ما نعانيه من بعض الإخفاقات التنموية والوطنية والإنسانية، فإن السبب الأول والمشترك في كافة هذه التراجعات ومواضع القصور، هو خيانة الأمانة وسرقة المال العام. وإن كان الحديث عن هذه القضايا يتم من خلف الستار في السنوات السابقة، ففي المرحلة الحالية هو حديث يدور على العلن، وما تلك الإحصائية المنشورة هذا الأسبوع في وسائل الإعلام، عن عدد قضايا خيانة الأمانة وسرقة المال العام، والتي وصلت إلى 2456 قضية منظورة تحت قبة المحاكم، إلا بداية صحيحة لمعضلة عانينا منها سنوات طويلة، كانت أصعب مرحلة فيها هي فتح الجُرح، وما دمنا الآن قد فتحناه، فيعني أنه سيُعالج بشكل صحيح، وسيلتئم، وستُشفى جراح الوطن -بمشيئة الله- ممن غدر به من أبنائه، واستحلوا ما حرّم الله باستغلال كراسي ومواقع وموارد ائتمنوا عليها، لأجل الوطن وأبنائه، فضعفت أرواحهم الرخيصة أمام المال العام، لينهبوه ويتلاعبوا بمقدراته. ثم يدفع الثمن المواطن (الغني- والمتوسط- والفقير) ندفع ثمن هذه الجرائم التي غاب فيها الضمير، التي رخصت فيها نفس الإنسان الغنيّة بأمانة يحملها لم تستطع السماوات والأرض والجبال حملها. ونتيجة هذه السرقات تظهر نتائجها على الشعوب، فمن الحالة الاقتصادية إلى الحالة النفسية، إلى حد مرحلة اليأس التي تصيب -البعض- وذلك بحسب قُرب ومُباشرة نتائج تلك السرقات، والتي بلا شك هي ضرر يعم الجميع. إلا أن -البعض- يُمكنه التماسك إلى وقت أطول، من أشخاص لا يُمكنهم التماسك أبداً عند حالة اقتصادية متدنية وفقر مدقع، جراحه تبقى عليلة طيلة الحياة.

إن هذه الإحصائيات الصادرة عن وزارة العدل، هي مؤشر على خطورة مرحلة، نحتاج فيها جميعًا إلى التكاتف والالتفاف والاقتراب، لقطع دابر الفساد والمفسدين. وأن لا تكون هذه القضايا مُوكلة إلى مسؤول ما، أو جهة ما، بل أن تكون قضية كل مواطن يحلم بوطن تسود فيه العدالة، ويستفيد من خيرات ومقدرات وطنه، من خلال الحصول على أبسط الخدمات، وهي: التعليم، والصحة، والوظيفة. ووجود إخفاقات في حصول المواطن على هذه الاحتياجات الأساسية، هي مؤشر الفساد، ونتيجة طبيعية لسرقة المال العام، الذي كما ذكرت الصحافة بُمعدل قضية كل ساعة طيلة العام الماضي!

إن الإنسان -الدنيء- الذي تسوّل له نفسه أن يمد يده على المال العام، هو مجرم مع سبق الإصرار والترصد. وفي ديننا الحنيف “السرقة” هي جريمة أصيلة لا تُفرق بين فاعليها، ولنا في حديث رسولنا الكريم قدوة، في قوله: (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) ورسولنا لم يذكر أحدًا آخر من بناته أو أبنائه، سوى فاطمة -رضي الله عنها- لعِظم حجم منزلتها لديه، ولمعرفة الجميع بمكانتها. من هنا، اتفق المشرعون على العقوبة التعزيرية، وجاء الخلاف الفقهي في عدم وجوب العقوبة حداً، لذا مع هذا الاختلاف، ومع كثرة هذه القضايا، فأعتقد أننا بحاجة إلى نصوص قانونية -موحدة- من الشريعة لتكون واضحة كعقوبة أمام كل من تسوّل له نفسه الوقوع بهذه الجريمة. أضف إلى هذا، دور الوعي المجتمعي في أن يكون كل مواطن وكل مقيم “رجل أمن” ومع هيئة الفساد، فإن هناك أبواب مُشرعة، إلا أن الآلية والوعي والتعريف بهذه الجرائم ومواصفاتها هي ثقافة بحاجة إلى أن تنتشر وتتوسع أكثر، كما حدث مع ثقافة حقوق الإنسان، وكانت قبل أعوام شبه -معدومة- أما الآن، وبفضل انتشار الوعي أخذت مكانا جيدا في العقل المجتمعي!

لذا فإن مواصفات الفساد، ومواصفات السرقة، من المهم أن تظهر ليتعرّف عليها الجميع، كما بدأت ترتسم ثقافة الحقوق وأوصاف الانتهاك في ذهنية المجتمع، وانتهاك المال هو جريمة موازية لانتهاك النفس، أعاذنا الله وإياكم وهذا الوطن منها!

www.salmogren.net

مطر الكلمات
سرقة المال العام.. وفتحنا الجُرح!
سمر المقرن

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة