Al-jazirah daily newspaper
ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 13/02/2013 Issue 14748 14748 الاربعاء 03 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

محليــات

قبل فصلين دراسيين أُصيب الدكتور محمد بن سعد بن حسين بجلطة في الرأس أفقدته القدرة على الكلام، وعلى حضور جلسات قسم الأدب في كلية اللغة العربية والمشاركة في التدريس والإشراف على الرسائل ومناقشتها والإسهام في النشاط الثقافي العام من ندوات وأمسيات ومؤتمرات وبرامج إذاعية مختلفة كان يعدها.

ومن حسن حظي أنني تلقيت على يديه العلم في مراحل متوالية من الجامعة إلى الماجستير إلى الدكتوراه، وقدمت له برنامج «المكتبة السعودية» أربعة وعشرين عاماً، من 1399هـ إلى 1423هـ سوى أشهر متقطعة أغيب فيها بإجازة لاستكمال دراستي وبحوثي، وتدور السنون وأجد نفسي لحسن الحظ أيضاً بجواره في كلية اللغة العربية، فمكتبي يقع ملاصقاً لمكتبه إلى أن غاب بسبب المرض، فكنت كل صباح وقبل أن أنطلق إلى قاعات المحاضرات آنس بالحديث إليه في الجد والهزل والممازحة اللطيفة، وحين يجتمع الأساتذة في استراحتهم يشيع جواً رائعاً من الردود السريعة الخاطفة على من يُناوشه بحب وتقدير مثل الدكتور العالم الجليل محمد القاضي أو الباحث المتمكن والمتحدث الفصيح الدكتور صالح بن رمضان، أو الموسوعة التراثية الحافظ الدكتور حمد الدخيل، وغيرهم من الأساتذة الأجلاء، فما يفتأ أحدهم يرسل عليه شواظاً من حب ومداعبة أنيسة لطيفة، فيرد عليه شيخنا الدكتور ابن حسين الصاع صاعين، ونحن نوقد نار المبارزة اشتعالاً برفدها بكلمة أو كلمتين لئلا تهدأ أو تنطفئ!

أما، طلبته فكانوا يأتون إليه في مكتبه الملاصق لمكتبي - فأستمع على الرغم من أنني أغلق الباب بإحكام - إلى حوار وجدل ساعات النهار، وأحياناً يتحول الحوار إلى كثير من الحزم والجد أو لأقل التأنيب والقسوة في الملامة على قصور أحد طلبته في تقديم ما يجب عليه في بحوثه!

قدَّم الدكتور محمد بن حسين للمكتبة السعودية والعربية أكثر من أربعين كتاباً، عدا المخطوط الذي لم ينشر بعد مما لم يقدم على نشره، بل أوصى بألا ينشر إلا بعد رحيله، ومنه مذكراته الشخصية التي تقع في أكثر من ألف صفحة ولم يطلع عليها إلا الخاصة من زملائه وتلامذته، وهي تأريخ دقيق لتطور الحياة العلمية والأدبية في بلادنا خلال أكثر من نصف قرن تبدأ من التعليم في الكتاتيب وحلقات المساجد حيث درس على الشيخ محمد بن إبراهيم وأخيه عبد اللطيف إلى دار التوحيد بالطائف إلى كلية اللغة العربية فتخرَّج فيها ضمن الدفعة الثانية من طلبتها عام 1378هـ، ثم واصل دراسته العالية فنالَ الماجستير من كلية اللغة العربية بالأزهر عام 1395هـ ثم الدكتوراه من الأزهر أيضاً عام 1398هـ، وهي السنة التي قدم إلينا فيها وكنت طالباً في السنة الثانية بكلية اللغة العربية، وحاضرَ علينا عن الأدب العربي الحديث وعوامل نهضته، ثم أولى عنايته بالأدب السعودي فطالبَ بتخصيص فصل دراسي مستقل له، وهو ما تحقق بالفعل.

ولعل من المناسب أن أشير إلى أبرز كتبه مثل: الأدب الحديث في نجد الذي طُبع لمرة واحدة عام 1391هـ ويعيد النادي الأدبي بالرياض الآن مشكوراً طباعته من جديد، والأدب الحديث تاريخ ودراسات، والأدب الصوفي، والمعارضات في الأدب العربي، وما كتبه عن الشعر السعودي بين التقليد والتجديد، وعن حمد الحجي، وعن إبراهيم حافظ، وعن محمد سعيد عبد المقصود خوجة، وعن مصطلح ما يُسمى بالأدب الإسلامي، وغير هذا كثير جداً مما يجده الباحث في سيرة هذا الأديب الجاد الدؤوب.

وقد عُرف ابن حسين بالإصدارات السعودية على مدى ربع قرن تقريباً من خلال برنامجه «من المكتبة السعودية» وقد سجلت معه ضمن الحلقة 1000 عام 1423هـ في منزله لقاء خاصاً مدته نصف ساعة بزيادة ربع ساعة عن الوقت المخصص للبرنامج، تحدث فيه عن فكرة وتأريخ هذا البرنامج ومنهجه وما عُرف به من كتب خلال حلقاته الألف، والتقطت معه صوراً تذكارية خاصة.

ألا يستحق هذا الرجل الباحث العصامي المكافح التكريم، وقد أقعده المرض بعد هذه الرحلة الطويلة مع المؤلفات والبحوث والتعليم الجامعي والنشاط الثقافي العام؟!

أين منه جائزة الدولة التقديرية في الأدب المحتجبة منذ أكثر من سبعة وعشرين عاماً؟!

ولِمَ لا يُمنح على أقل تقدير جائزة المهرجان الوطني للثقافة «الجنادرية» هذا العام، ويكون هو الشخصية المُكرّمة؟!

نحن حفيون جداً بتمجيد الجثث، ولا نتذكر من يستحقون الاحتفال بهم وتكريمهم إلا بعد أن يقولوا لنا: وداعاً!

moh.alowain@gmail.com
mALowein@

كلمات
الدكتور محمد بن سعد بن حسين في مرحلة غيابه.. وغياب التكريم؟!
د. محمد عبدالله العوين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة