Al-jazirah daily newspaper
ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 13/02/2013 Issue 14748 14748 الاربعاء 03 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

منوعـات

عندما انتشر استخدام الإنترنت في العالم نهاية القرن الماضي، ودخل عالم الأعمال عصرًا جديدًا من الإمكانات الهائلة، أطلق توم بيترز عبارته الشهيرة «Crazy Times Call for Crazy Organizations» (الزَّمن المجنون يستدعي مؤسسات مجنونة) وذلك للتعبير عن الحاجة لتغيير نمط الأعمال بصورة جذرية، نحن هذه الأيام نعيش زمنًا أكثر جنونًا من ذلك الوقت الذي قيلت به تلك العبارة، وخصوصًا في بلادنا، فالإمكانات هائلة والفرص عظيمة والنَّاس نيامٌ، لا أعني أنهَّم نيامٌ من قلّة الوعي والإدراك ولكنهم نيام عن اقتناص تلك الفرص والتمتع بالإمكانات، لدينا أموالٌ مكدّسةٌ في البنوك ولدينا حكومة تصرف البلايين في مشروعات هنا وهناك ولدينا شعبٌ شابٌ في معظمه، ولدينا عمالة مستوردة تعادل ربع السكان أو تزيد ومع ذلك لدينا بطالة بين المواطنين المُتعلِّمين ولدينا برنامجٌ أريد أن يكون تعويضًا للبطالة فأصبح وسيلة لتنويم الشباب. ولدينا (150) ألف مبتعث نريدهم أن يحضروا لنا محتشين علمًا ووعيًا. لن يجن زمننا أكثر من جنونه الآن، لذا لا بُدَّ أن نكون مبدعين لحد الجنون في إيجاد حلول غير تقليدية لمواجهة تحدِّياتنا.

عندما كان معالي الدكتور عبد الرحمن البراك وزير الخدمة المدنية ضيف «الجزيرة» وتحت قبتها، طرحت عليه سؤالاً واقتراحًا، وكان السُّؤال: (ألا يخشى أن توسع الحكومة في جهازها الإداري من خلال زيادة المُوظَّفين المستجدين سيخلق أزمة إِنْجاز لأعمالها، بسبب زيادة الإجراءات غير الضرورية؟) والاقتراح كان (أن تَتحوَّل الحكومة إلى أكاديمية عملية يكتسب موظفوها مهارات ومعارف من خلال العمل بحيث يتوق القطاع الخاص لاستقطابهم) -لن أتطرَّق لجواب معاليه فذلك ستنشره «الجزيرة» في وقت لاحق- ولكن سأوضح الاقتراح بصورة أفضل، الذي قد يبدو للبعض أنّه اقتراحٌ مجنونٌ نوعًا ما، فالحكومة اليوم هي أكبر موظِف للمواطنين وهي ملزمة بإيجاد حلول ناجعة للبطالة وبالرغم من جميع الأفكار الإبداعية التي مارستها وزارة العمل لازالت المشكلة تكبر كل يوم، والاستقدام يتوسع، والقطاع الخاص متنافسٌ بصورة تجعل التَكْلفَة هي محور النجاح والفشل، ومعضلة الباحثين عن عمل تكمن في ضعف قدرتهم على اكتساب ثقة صاحب العمل نظرًا لضعف الخبرة والمهارة.

هذا الواقع يضغط على الحكومة لتستوعب بعضًا منهم في أجهزتها وهو ما يقود لتَرهل الجهاز الإداري وكثرة الإجراءات وشيوع التسيب في العمل، لذا وحتى تحقَّق الحكومة فائدة مزدوجة، عليها أن تتبنَّى برامج تطوير للقدرات والمهارات، فتُطبِّق وسائل معروفة ومجربة في الإكساب المهاري والمعرفي، مثل الإرشاد المباشر (Mentorship) والتدريب على رأس العمل، والإكساب المستدام من خلال تطبيق معايير الجودة والترخيص المتخصص (Certification)، بحيث يسعى كل موظف لاكتساب ترخيص في تخصص إداري. مثل إدارة المشروعات، تحقيق الجودة، إدارة الشراء، التوثيق والتخزين، إدارة الموارد البشرية، الحاسوبية السحابية، ومجالات أخرى واسعة، ويجب على الحكومة أن تشجَّع الحصول على تلك التراخيص من خلال التحفيز المالي والمَعْنويّ ويكون ذلك من مؤسسات معتمدة.

ستتكلف الدَّوْلة مبالغ طائلة في تحقيق هذا الاقتراح، ولكنَّه سيكون استثمارًا في محله، فمن خلال ذلك يتطوّر العمل الحكومي نوعًا وكمًا، وترتفع كفاءة المُوظَّفين الحكوميين بحيث يسعى القطاع الخاص لاستقطابهم، ويتحقَّق التجانس بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص مما يسهل تنفيذ مشروعات الدَّوْلة وتحسين خدماتها للمجتمع.

هذا الاقتراح هو في صورته المبسطة، ويحتاج لتوسع في استقصاء الإمكانات والوسائل، ولكن لن يكون مستحيل التحقيق إذا توفرت له الإرادة والدعم.

mindsbeat@mail.com
Twitter @mmabalkhail

نبض الخاطر
نحن والزمن المجنون
محمد المهنا ابا الخيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة