Al-jazirah daily newspaper
ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 14/02/2013 Issue 14749 14749 الخميس 04 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

لم يكن لأحد أن يتوقع ما آلت إليه الأمور في أرض الكنانة بعد اندلاع ثورة 25 يناير 2011 م وحتى اليوم، إذ اختلطت الأوراق السياسية بالاجتماعية، الاقتصادية بالثقافية، الأيديولوجية بالنفسية، والمصالح الخاص بالمصلحة العامة التي يدندن حولها الجميع!!، وتكاد تنعدم رؤية المحلل أو رؤى المحللين لمكونات المشهد واتجاه مساره، ولا يجد المتابع أو المحلل أو الملاحظ أو الناقد الحر والمتجرد -في نظر ي- ما يقدمه من قراءة مقنعة لما يقع من أفعال ورود أفعال يراها الكل على شاشات التلفاز أو يسمع عنها أو يقرأه عبر صفحات الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي المعروفة.

لقد فتحت الأحداث وتسارعها وتشابكها شهية الجميع للحديث والكتابة والتعليق والتعقيب والاختلاف والخلاف، والجدل والجدال حول تفسير ما يحدث وما سيحدث وكل يحاول جهده أن يتصور نهاية الطريق.. لم تفتح مكونات المشهد المصري شهية الإعلاميين والصحفيين والمعنيين بتغطية ما يجري فحسب بل فتحت الأبواب على مصراعيها للمؤرخين والساسة، ورجال الاقتصاد والمتخصصين في الاجتماع و النفس بل وحتى الأدباء وعلماء الدين داخل مصر وخارجها.. والسؤال المطروح هل تكفي كل زاوية على حده في فهم الأسباب والدوافع التي أفرزت ما يجري أم لابد من تطبيق مبدأ منطقي وهو “وحدة المعرفة” حتى تكتمل إدراكات المشهد ككل؟!:

يذهب البعض من المؤرخين إلى أن ما يحدث في مصر لم يخرج عن نطاق المراحل الأربع التي مرت وستمر بها جميع الثورات في التاريخ الحديث من: “اندلاع ثورة وسقوط رمز النظام.. ثم الثورة المضادة.. ثم بناء نظام بديل.. ثم صراع حول استحقاقات النظام الجديد واستحقاقات القوى الأخرى ومدى قبولها وانصياعها لهذا النظام”.. حدث ذلك في فرنسا ومن بعد في ثورات أوربا الشرقية بل حدث أيضاً وبشكل أكثر تشابهاً في إيران وأفغانستان من حيث اعتلاء الإسلاميين سدة الحكم على اختلاف طوائفهم وتباين مسمياتهم، وما أدت إليه هذه الثورات من هجرة واضطراب.. ويقدم المؤرخون هؤلاء سبباً لذلك مؤداه “أن ما تكرس في قناعة المصريين على مدى ما يزيد عن نصف قرن هو الاعتقاد بأن إسرائيل هي العدو الخارجي أما العدو الداخلي فهم الأخوان المسلمون، وشارك في ترسيخ هذا الاعتقاد أنظمة امتدت منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى 2011 م”.

ويفسر السياسيون المشهد بأن تقاسم نتاج الثورة لم يكن عادلاً، فما من قوة سياسية من القوى الظاهرة على الساحة المصرية إلا وتعتقد أن صاحبة الحق بامتياز، وما حصلت عليه ليس جزاءً وافياً، ولذا سيستمر الصراع ضد السلطة حتى تتحقق العدالة في نظرها خاصة أن الرموز التي تعبر عن هذه القوى شاخت وسيطرت عليهم صفات العناد والتعالي والحسابات الشخصية لتحل محل الصالح العام ويغيب عن المشهد الحوار والنقاش والمواءمة والمقاربة والتسديد.

ويأتي علم الاجتماع ليسأل بمرارة ترى: “ماذا حدث للشخصية المصرية بعد الثورة، فالمستقر تاريخياً في الدراسات التي تناولت الشخصية المصرية قديماً وحديثاً أنها شخصية ترغب الوسطية ولا تقبل أن تٌشد أو تجذب إلى أقصى أي طرف من الطرفين، أي أن العقل الجمعي بصفة عامة ضد التطرف وما أن ينظر أحد إلى أشكال العنف الدائر في الشارع إلا ويتساءل عن غياب وتبدل الشخصية المصرية من شخصية حضارية مرنة لتصبح شخصية تمارس العنف إن قولاً أو عملاً، ويستكمل ذوي التخصصات المتشعبة في علم النفس دائرة التحليل النفسي والسلوكي حول المجموعات الجديدة التي بدأت تطفو على السطح مثل البلاك بلوك، البلو بلوك، والألتراس وغيرها، فهل هذه المجموعات امتداد لمجموعات قديمة ومشابهة في اللجوء لسلوك ما.. “كعبدة الشيطان”، والإيمور وغيرها؟! ولماذا كل هذه المجموعات تولدت عن مجموعات تكونت في الخارج؟ هل يتم ذلك عندما يفقد الشباب في بلد ما هويته؟! وهل فشلت الحقب الزمنية المنصرمة في مصر في تأصيل هوية مجتمعية للشباب، ليحل محلها هويات ذات ملامح.. وأهداف.. وسلوكيات خاصة؟

كيف يحدث التحول في الشخصية الإنسانية من الترابط والتعاون والتكامل والمودة والإيثار وغيرها من القيم النبيلة التي سادت ميادين مصر إبان فترة اندلاع الثورة، إلى تدمير وعنف وهجوم على المنشآت العامة والخاصة أحياناً؟.

هل يعيد المجتمع اكتشاف نفسه ليندهش من كم أو عدد الفرق أيا كانت مسمياتها وانتماءاتها ومناهجها وأهدافها وسلوكها؟

هل ذابت الحدود بين السلم والعنف في مظلة تفشي العيون فلم ترَ إلا مصالحها؟ لماذا تغيرت أساليب الاحتجاج: هل بقصد أم بدون قصد؟ هل غضب أم مؤامرة؟ هل الاعتراض على السياسة أم على السياسيين الجدد في مصر؟ هل تلمح ظهور العدمين على الساحة الذين يرون أن الهدم هو الطريق الأمثل للبناء؟ هل ينفصل المشهد عن بعض المواقف المؤدلجة المصفدة بفكر الإخوان الحدي أو الفتاوى الشاذة التي يقف لها أهل العلم والاختصاص بالمرصاد؟! هل ينفصل المشهد عن حركة تمرد في تونس وسوريا وغيرهما؟ إلى غير ذلك من التساؤلات التي لا حسم لها في الإجابات وإن كانت حاسمة في الدلالات، دمتم بخير، وحفظ الله بلاد المسلمين ووقانا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، وإلى لقاء والسلام..

الحبر الأخضر
مصر.. إلى أين؟!
د.عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة