Al-jazirah daily newspaper
ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 14/02/2013 Issue 14749 14749 الخميس 04 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الأخيــرة

من يحاول أن يقرأ الخريطة الثقافية في بلادنا، سيجد أن الغالبية تنقسم إلى قسمين: الصنف الأول الحركيون المتأسلمون وهم أغلب المسيطرين على التربية والتعليم، والصنف الثاني من يسيرون في ركب هؤلاء دون وعي؛ أو بلغة شعبية (المدرعمين).

الحركيون المتأسلمون سيطروا على التعليم بكل مراحله، سيطرة شبه كاملة، وجعلوا منه مطية من خلاله يصلون إلى مبتغاهم. وصناعة الإنسان البسيط الساذج، ليحركونهم فيما بعد كيف شاءوا ومتى شاءوا، ليكونوا لهم كأحجار الشطرنج يحركونها ويلعبون بها حسب مصالحهم.. والصنف الثاني من يتّبعون هؤلاء الحركيين، ويمشون وراءهم كالأنعام؛ ويبدو أن سيطرة فئة معينة على التعليم في بلادنا، سواء على مستوى التعليم العام أو التعليم الأكاديمي، جهزت هذه العقول كي تكون مهيأة لتلقي ما يُشحن فيها، وتُسلم بما يُقال أمامها، وهذا عملٌ استغرق تنفيذه عقوداً طويلة، كان نتيجته أن أصبح كثير من الشباب في بلادنا مجهزين ليتحولوا إلى وسائل لتمرير ما يريد هؤلاء تمريره.

وأنا على يقين أن طريقة التعليم في بلادنا في كل مراحله، والتي تتخذ من التلقين والحفظ والحشو المعلوماتي والنأي بالطالب عن تحفيز التفكير واستخدام العقل في تكوين القناعات ناتج من أن الذي يتحكم في المؤسسات التعليمية، ويخطط لها، يهمه عن (قصد) أن يبقى الطالب مهيأ لإعادة عجنه وتشكيل تفكيره وقناعاته من خلال ما يُلقن به، وقبول (ما ينقل) إليه دون أي اعتراض، والاعتراض هنا أن (يُفَعّلَ) عقله وقياساته المنطقية في تشكيل قناعاته.

الدكتور سليمان العريني يروي في مقال له في جريدة الاقتصادية قصة تشير إلى ما نحن بصدده في هذه العجالة، ومدى ما أجرمه في حق أبنائنا من كانوا يتولون رسم مناهجنا وطريقة وأسلوب التعليم في بلادنا حتى أنتجت هذه العقول الطيعة الجاهزة لتنفيذ ما تسمع، دون أي اعتراض. يقول في مقاله: (فوجئت سارة، طالبة سعودية في الصف الثالث الابتدائي في مدرسة حكومية في ولاية أوهايو الأمريكية، بحصولها على درجة (صفر) في الاختبار، مع خطاب طلب استدعاء لوالديها لمناقشتهم حول أسباب لجوء سارة إلى الغش في الاختبار. كان الخبر صدمة كبيرة لوالد ووالدة سارة (مبتعثان لدراسة الماجستير والدكتوراه)، فسارة وعلى مدى سنوات دراستها في السعودية من الصف الأول إلى الثالث ابتدائي، كانت مثالاً للأدب والأخلاق والسلوك المثالي، ولا يمكن أن تفكر في الغش وغيره، فماذا حصل لسارة في أمريكا؟.. أثناء اجتماع والدي سارة مع معلمة سارة (جينيفير) ومديرة المدرسة (إليزابيث) أشارت معلمة سارة إلى أن إجابة سارة في الامتحان كانت نسخة طبق الأصل من الكتاب، مما يعني أنها نقلت الإجابة من الكتاب (غشت). وعندها، أشار والد سارة إلى وجود سوء فهم، وأن سارة لم تغش، وإنما كانت حافظة للإجابة، وهو ما تعودت عليه أثناء دراستها في السعودية. وبعد إجراء عدة اختبارات لسارة للتأكد من قدرتها على استرجاع محتوى الكتاب نصياً، تبين للمديرة والمعلمة (المصدومتان)، أن سارة لم تغش وإنما هي ضحية نظام تعليمي يعتمد على التلقين وتعبئة الذاكرة، ويمنع التفكير والإبداع. وبعد إخضاع سارة لبرنامج علاج نفسي وتربوي على مدى ستة أشهر داخل المدرسة الأمريكية، أصبحت سارة من أفضل الطالبات من حيث التفوق العلمي ليس على مستوى المدرسة بل على مستوى الولاية. في إحدى المناسبات، وجدتها في مكتبة الجامعة مع أبيها، وبعد محادثة، طلبت مني مساعدتها في البحث عن مراجع علمية لبحث تعمل عليه في مادة العلوم (وما زالت في الثالثة ابتدائي). وسارة، الآن، طالبة في كلية الطب، وتأمل مواصلة دراساتها العليا في مجال طب الأطفال).

هذه القصة تختصر ما أقول، وتضعه كمثال حي أمامكم عن مدى ورطتنا مع من يتولون (توجيه) تعليمنا؛ لا سيما وأن أغلبهم - كما هو معروف - ينتمون (أيديولوجيا) إلى فئة معينة؛ وغني عن القول إن التنمية البشرية، التي هي حجر الزاوية للتنمية الشاملة، ترتكز على التعليم، فإذا فشل التعليم فشلت التنمية.

إلى اللقاء.

شيء من
الشحن والتلقين في مدارسنا
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة