Al-jazirah daily newspaper
ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 14/02/2013 Issue 14749 14749 الخميس 04 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

فقيد الوطن

أنا لست كاتبًا، ولا أجيد فن الكتابة، ولكن عندما اعتصر الحدث وجداني وكتم أنفاسي، عرّجت على هذه الأداة للتعبير عن مكنون نفسي وخلجات خاطري ملتجأً إلى الله عزَّ وجلَّ بقلب الصابر المحتسب وعقيدة المؤمن بقضاء الله وقدره وأخذت القلم علّه يكون سبيلاً لأن يعبِّر عن مشاعري وينفّس عمَّا بداخلي من حزن وأسى، وأدوِّن ذلك بكلمات وعبارات صادقة تنبع من قلب مكلوم اعتصر بالحزن والأسى لفقدان عزيز في مقام الوالد أو الأخ الشقيق الأكبر، ألا وهو سمو الأمير سطام الذي جاء نبأ وفاته بمثابة الخبر المحزن الذي ضرب كل أحاسيسي وهزَّ كياني بالرغم من أنّني قد عايشته فترة مرضه ومعاناته لحظة بلحظة رافعًا أكف الضراعة لله سبحانه وتعالى أن يشفيه، داعيًا الغفور الرحيم أن يخفف عنه المعاناة والألم كُلَّما اشتدّ المرض عليه وأن يُعجِّل له بالشفاء، وأن يكون ما أصابه طهورًا وتكفيرًا، ولا ألام على هذه اللحظات المؤلمة والمشاعر الجياشة والأحاسيس المتوقدة، وما أشعر به من حسرة وأسى وما أعانيه من حزن شديد، فما علاقتي بسموه علاقة معرفة عابرة أو صداقة عادية، بل هي امتدادٌ لعلاقات أسرية واجتماعيَّة لعقود عديدة، ربطت آباءنا وأجدادنا بوالدة سموه -رحمها الله-، فقد كان العم الشيخ عبد العزيز السالم وأبناؤه عاشوا وترعرعوا لسنوات طويلة تحت سقف واحد مع الأميرين ماجد وسطام وشقيقتيهما الأميرتين هالة وسلطانة -رحمهم الله جميعًا- وهم إخوة من الرضاع.

وفي كلِّ لقاءٍ بسموه وبمن حوله يذكرني بأنني ابن عمه وكم هو شرف لي وفخر أن يناديني سموه بهذه الصفة، فكانت والدة سموه (أم ماجد) اشتهرت بحبها للبرِّ والاحسان والأعمال الإنسانيَّة والخيرية، ومن ذلك أنّها تبعث لجدي عبد الله في الدرعية على حياة المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز بالأرزاق والعطايا والصدقات لتوزيعها على المستحقين من الفقراء والمساكين وذوي الحاجة بمعرفته، وكان -رحمه الله- يطرق الأبواب في الليالي المظلمة وبدون الكشف عن هويته على أولئك المستحقين ويقدم لهم ما جاء من صاحبة الخير والعطاء دون الإشعار بمصدرها، فإنّ كان ألمي وأساي اشتدا لفقدان سموه بحكم هذه العلاقة الأسرية، فما أشد الأسى عندما يكون الفقدان لرابطة أقوى وأعمّ إلا وهي خدمة الوطن والمواطن، فالجميع يفتقده، إِذْ هو خسارة للوطن بالدرجة الأولى لتفرده بمزايا الرَّجل الإداري الناجح والمواطن المخلص الوفي والأمير الصَّادق المحب لوطنه وشعبه، أسر النَّاس بتواضعه الجمّ وبساطته ولطفه في التعامل، وشفافيته وحديثه الصريح دون مجاملة أو تصنع، يترفع عن الإساءة لِلنَّاس أو التعالى عليهم، أو إهانتهم والحط من أقدارهم ومكانتهم، وكان دائمًا يقول: إن النَّاس متساوون في الحقِّوق والواجبات والعدل بينهم أمرٌ واجبٌ متحتمٌ، ولن يتحقَّق ذلك إلا بتطبيق الأنظمة والالتزام بالتَّعليمات، بل رفع لواء مكافحة الفساد، وطالب بالنزاهة والشفافية في الإجراءات والمشروعات، نظيف اليد عفيف اللِّسان صادق القول، بهذه الخصال دخل قلب كل مواطن، وتجذّر حبّه في نفوسهم، وبفقده عمّ الحزن وبرحيل سموه ساد الشُّعور بالمصيبة ولكن ما نقول ويقول الجميع إلا ما أمرنا به ربَّنا جلّ وعلا: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.

عزاؤنا لابنيه عبد العزيز وفيصل وابنتيه هالة ونجلاء. سائلاً المولى عزَّ وجلَّ أن يلهمنا وإيَّاهم الصَّبر والسلوان وأن يتغمَّده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جنَّاته، وأن يجمعنا وإياه في الفردوس الأعلى في جنات الخلد لنلقاه ونسعد برؤيته فهم السابقون ونحن اللاحقون.

وإن كان مصابنا فيه جلل فلا شكَّ أن مصاب القيادة به أعظم وأكبر، فقد فقدوا أخًا، وسندًا لهم في قيادة هذه البلاد المباركة، فلخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وأخوه ولي العهد الأمين نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبد العزيز وسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين الأمير مقرن بن عبد العزيز وبقية أفراد الأسرة المالكة الكريمة وللشعب السعودي الأبي صادق عبارات العزاء والمواساة.. حفظ اللّه الجميع وأمد في أعمارهم وأيدهم بعونه وتوفيقه.

معالي وكيل وزارة الداخلية

فقدان سطام خسارة للوطن
د. أحمد بن محمد السالم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة