Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 18/02/2013 Issue 14753 14753 الأثنين 08 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الأخيــرة

يوم الخميس الفائت استمعت في خميسية الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- إلى محاضرة تميزت بأهمية الموضوع والجودة النوعية، وكانت بعنوان: الشباب السعودي، القيم والمهارات المغيبة.

نقاط الجذب في المحاضرة كانت متعددة، واستطاع المحاضر اللامع الدكتور صالح النصار من خلالها تقديم كشف حساب محايد عن واقع الشباب السعودي من الجنسين، مدعما بالأرقام الإحصائية والتسلسل المنطقي. فهمت من المحاضرة أن دول العالم تنظر إلى ارتفاع نسبة الشباب المئوية بين سكانها على أنها نعمة ديموغرافية بيولوجية، والأسباب التنموية والاقتصادية والصحية في ذلك واضحة. هذه النعمة، كما فهمت أيضا تنقلب إلى نقمة إذا لم توجد لها القنوات المناسبة للاستفادة منها وتصريف طاقاتها في الصالح العام. عندئذ تتحول هذه النسبة الشبابية العالية إلى قنابل مخدرات وجرائم أمنية وأخلاقية واقتصادية، وتصبح تهديدا حقيقيا وخطيرا لمجتمعاتها.

الأرقام الإحصائية التي أوردها المحاضر نقلا عن دراسة ديموغرافية عالمية بتاريخ 1-11-2011م تفيد بأن نسبة الشباب المئوية في العالم كله تبلغ 18%، وفي العالم العربي 19% وفي المملكة العربية السعودية 21% وتحتوي هذه النسبة على الفئات العمرية ما بين 15 و24 سنة فقط. إذا، نعمتنا أو نقمتنا البيولوجية الديموغرافية في السعودية تعادل تقريبا خمس السكان. بالتفكيك الإحصائي في المحاضرة اتضح (في مجتمعنا السعودي) وجود نسب عالية من الاضطرابات النفسية والأخلاقية والاجتماعية بين الشباب من الجنسين، وبأعلى من الكثير من دول العالم. الأسباب معروفة للجميع، نعاني منها ولكننا نتعايش معها بطريقة التأجيل ونتعامل بمحاولات إصلاحية بطيئة جدا، لن تحسم المشكلة يوما ما بسبب الطبيعة التراكمية للمشاكل.

عندما فتح الباب للنقاش رميت في الساحة كرة ساخنة، ولحسن الحظ لم يترتب على ذلك استجابات رفض، بقدر ما كانت الاستجابات متفهمة ومؤيدة. فحوى ما قلته هو أننا نتحدث تكرارا، فيما بيننا وفي ندواتنا وعلى وسائلنا الإعلامية، عن المشاكل التي يشكلها الشباب لنا في المجتمع السعودي، بينما الحقيقة أن هذا السؤال معكوس الاتجاه. رأيت، ومازلت أرى أن الأصوب أن نسأل ونناقش المشكلة تحت عنوان آخر هو: المشاكل التي يتسبب فيها المجتمع، أي مجتمع الكبار للشباب.

اعتمدت في تقديم هذه الرؤية وفي تعليلها للحاضرين على أساس أن مجتمع الكبار (بدءا من المسؤولين في أعلى مراتب الحكم والإدارة والمؤسسات الدينية ووصولا إلى الآباء والأمهات والمدارس)، أن كل هؤلاء يورثون الأجيال القادمة «كلابيشهم الاجتماعية»، ويطلبون من الشباب أن يكبل نفسه بها بنفس الطريقة التي تكلبش ويتكلبش بها جيل الكبار. الكلابيش الاجتماعية المصفدة لعقول وأفكار وتصرفات الكبار أشكال وأنواع وألوان. هناك الكلابيش المذهبية والكلابيش البيروقراطية والكلابيش الطبقية والكلابيش القبلية (تكافؤ الأنساب وتمايز القبائل بدلا من تكافؤ الأخلاق)، والكلابيش الحرفية والمهنية (انتقاص الحرف والمهن والصنائع والآداب والفنون الجميلة)، وكلابيش النفاق الاجتماعي، وأهم متجلياته الواسطة التي لا تسير الأمور عندنا بدونها.

لم يسمح وقت المحاضرة والنقاش بالتوسع والاستقصاء، ولذلك أطرح الموضوع في هذه الزاوية على القراء، لعل النقاش يعلو ويحتدم، فنخرج باستنتاج ملزم وبقرارات عليا لتفكيك الكلبشات الاجتماعية، أو على الأقل تفكيك ذلك النوع منها التي ثبتت مصائبه ومساوئه فأصبحت معروفة بالضرورة لكل ذي عقل.

إلى الأمام
توريث الكلبشات الاجتماعية للشباب
د. جاسر عبدالله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة