Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 23/02/2013 Issue 14758 14758 السبت 13 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الاقتصادية

كشفت قضية نقل الدم الملوث بالإيدز للطفلة «رهام» عن جوانب مختلفة من القصور الطبي؛ والتنموي؛ والرقابي. لم يعد الأمر مرتبطا باحتمالية إصابة «رهام» بالإيدز فحسب؛ بل تجاوزه إلى قضايا متشعبه أكثر ارتباطا بالتنمية والإدارة والمعايير الطبية المتبعة في القطاع الصحي.

قد يكون الإهمال سببا في نقل الدم الملوث بالإيدز إلى الطفلة «رهام»؛ إلا أن الإهمال ينتج في الغالب عن ضعف المعايير، والرقابة الطبية؛ وغياب المحاسبة؛ وانعدام المسؤولية؛ وهو أمر ربما كان متفشيا في القطاع الصحي. الثقافة الإدارية في القطاع الصحي تعتمد على الإرث الطبي؛ لا الإداري؛ وهذا يتسبب في مشكلتين رئيستين؛ الأولى تفريغ وزارة الصحة من الأطباء الأكفاء وتحويلهم إلى الإدارة؛ والثانية ضعف الخبرات الإدارية؛ فالطبيب الناجح والكفؤ قد لا يكون ناجحا في الإدارة ما يتسبب في تدني مستوى الكفاءة الإدارية والقيادية؛ ويتسبب في ضعف المخرجات وحدوث الأزمات.

كشفت القضية عن تهاون وزارة الصحة في التعامل مع المصابين بالأمراض السارية؛ ومنهم المتبرعون الذين يُكتشف أمر إصابتهم بأمراض خطرة تستدعي التعامل معهم وفق إجراءات دقيقة لحمايتهم أولا؛ وحماية المجتمع من إمكانية نَقل العدوى لأفراده. وكشفت أيضا عن عدم تطبيق المعايير الصارمة في إداراة بنك الدم، والتخلص من الكميات الملوثة؛ و تدني مستوى الخدمات الطبية في جازان؛ ومحدودية المراكز الصحية؛ ومراكز البحث والمستشفيات التخصصية القادرة على التعامل بكفاءة مع الحالات الطبية الحرجة؛ والأمراض الوراثية والمنقولة.

التنمية في محافظات ومدن وقرى جازان ربما تكون القضية الكبرى التي كشفت عنها عملية نقل الدم الملوث إلى الطفلة «رهام». منزلها البائس؛ وحَيّها الفقير؛ بشوارعه الرملية؛ خير شاهد على قصور التنمية في المنطقة؛ وعدم وصولها المُستَهدَفِين؛ وفشلها في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنموية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين، وخصص لها مئات المليارات والبرامج التنموية العاجلة. الوزارات التنفيذية تتحمل مسؤولية قصور خطط التنمية في تلك المناطق؛ ويفترض أن يتحمل الوزراء مسؤولية تقصير وزاراتهم في تحسين معيشة المواطنين، وحمايتهم، في القرى والمدن النائية؛ برغم الميزانيات الضخمة.

كتبت أكثر من مرة عن أهمية تنمية المدن والقرى الحدودية؛ ومعالجة مشكلاتها الاقتصادية والتعليمية والصحية؛ وأشرت إلى أن الحكومة قادرة على إحداث تطوير شامل في تلك المدن والقرى وبموازنات محدودة جدا مقارنة بما تنفقه من أموال ضخمة على المدن والمحافظات الرئيسة. ما يتعرض له سكان القرى والمدن الحدودية من مشكلات يمكن أن يكون نتاجا مباشرا لقصور التنمية، وضعف الاهتمام الموجه لها من قبل الوزارات المعنية وأمراء المناطق.

قضية «رهام» يجب أن تحفز الحكومة على تناول الموضوع من جميع جوانبه؛ وبرؤية شمولية تساعد على طرح مشروعات تنموية عاجلة لانتشال قرى ومدن جازان من الفقر الذي تسبب به سوء التخطيط؛ وتشوهات التنمية؛ وضعف أداء المسؤولين. إعادة بناء القرى الحدودية ودعم اقتصادياتها بالمشروعات الصناعية؛ وتوفير الوظائف؛ وتحقيق التنمية البشرية والمدنية فيها؛ والاهتمام بإلزامية التعليم وتوفير الخدمات الصحية المتكالمة؛ إضافة إلى حمايتها وتحصينها من تسلل الجماعات البشرية بتصنيفاتها المختلفة؛ هو ما نرجو أن نسمعه قريبا؛ كنتيجة مباشرة لتداعيات قضية داء «الإيدز» الذي لم يفتك برهام فحسب بل تسبب في الفتك بمشروعات التنمية التي كان من المفترض أن تحقق لجازان النقلة الحضارية المستحقة.

أما «رهام» فهي تستحق التعويض المالي السخي؛ والعلاج في الخارج؛ والرعاية الخاصة وتوفير المسكن الكريم لأسرتها؛ وتطوير قريتها، وحيها؛ ومحاسبة كل المتسببين في نقل الدم الملوث لها وتقديمهم للقضاء.

f.albuainain@hotmail.com

مجداف
«طفلة جازان» وتشوهات التنمية
فضل بن سعد البوعينين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة