Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 27/02/2013 Issue 14762 14762 الاربعاء 17 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

ذات يوم كتبت غادة السمان عن مي زيادة أشهر أديبة عربية في زمنها والتي بلغت شهرتها الآفاق كلمات جميلة تشيد فيه بأدبها ومكانتها، ثم تتحدث عنها في آخر حياتها وكيف ماتت وحيدة؟ من خلال أقرب التفاسير وأكثرها منطقية كما ترى غادة: أن السبب هو أن مي زيادة نسيت القارئ البسيط واستغرقت كثيراً في أدب الصوالين، جعلت علاقتها الأولى أكثر متانة مع الأدباء والمثقفين الذين قد لا يكونون بحاجة إلى كلماتها تماماً مثلما هي حاجة القارئ البسيط أو المواطن العادي الذي يكافح لأجل لقمة عيشه ويبحث عمن يكون صوتاً له لعدم قدرته على التعبير أو لضعف حيلته..

لا زلت أتذكر ذلك اليوم الذي سمعت فيه اسم “غادة السمان” في المكتبة للمرة الأولى من إحدى الصديقات التي خطفهن الزمان واختفين من مشهد حياتي، وبقيت ذكراهن الجميلة، كنا في مكتبة الجامعة، كنت في السنة الأولى من الجامعة، وكنا نقضي أوقات الفراغ في المكتبة، لأول مرة نجلس بين هذا الكم الهائل من الكتب بعد الثانوية العامة التي كانت تفتقر إلى مثل ذلك..

قالت ذلك وهي تحثني على قراءتها وتقدم لي أحد كتبها القديمة الذي كان تحت عنوان (الجسد حقيبة سفر)، كانت غادة من أكثر الكاتبات العربيات غزارة في الإنتاج، خاصة بعد زواجها بعدنان الداعوق الذي كان يملك داراً للنشر، أصبحت أكثر تركيزاً على تأليف وإصدار الكتب واحداً بعد الآخر، حتى أصبحت كتبها تملأ المكتبات إلى درجة أني لو حاولت الكتابة عنها في ذلك الوقت فلن آتي بجديد!

كانت غادة من أكثر الكاتبات العربيات اللاتي قرأت لهن، تابعت الكثير من كتبها فوجدت العمق والصدق والأسلوب العذب الجميل الخالي من الزيف.. لكنني اليوم أفتقدها..

آخر مرة قرأت حولها أنها كانت بجانب زوجها عدنان الداعوق لحظة وفاته، حيث بقيت طوال اليوم إلى جانبه، وبقيت ممسكة بيده لمدة تسع ساعات..

وذلك منتهى الوفاء من قبلها، وهي التي قالت في أحد لقاءاتها حين سئلت عن الزواج (حين وجدت الذي يرضى بي تزوجت) هذه الإجابة ربما توحي بأن الرجال يخافونها ويتجنبونها إلا أن من يعرف أفكارها جيداً من خلال قراءته لها يوقن بأنها تثق كثيراً بنفسها وأنها تقصد الذي يرضى بتميزها وبشخصيتها المختلفة التي لم تكن أبداً نسخة مكررة عمن سواها..

حين أتحدث عن غادة اليوم وأستعيد سيرتها كأنما أستعيد بشكل أو آخر ملامح صديقتي المغرمة بالقراءة منذ سن مبكرة والتي خطفتها الأيام، أقول ذلك وأعلم أن لكل منا حكاية ما مع الغياب، ولكل منا في أعماقه شوق وحنين ما ربما يكون إلى حلم أو فكرة أو.. إنسان ما.

فجرٌ آخر
لكل منا حكاية!
فوزية الجار الله

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة