Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 28/02/2013 Issue 14763 14763 الخميس 18 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الاقتصادية

ذكرت في مقال الأسبوع الماضي أن من أهم عوامل تسريع التنمية و القضاء على الفساد في أي مجتمع مدني تبني و تطبيق صارم لمبدأ تضارب المصالح من قبل جميع المؤسسات و الهيئات الحكومية و شبه الحكومية، و من ثم مراقبة تبنيه و تطبيقه و الإلتزام به من قبل الأجهزة الرقابية كهيئة مكافحة الفساد و المباحث الإدارية و هيئة الرقابة و التحقيق. و أريد من خلال هذا الأسبوع شرح هذا المبدأ بنوع من التفصيل.

إن تضارب المصالح هو عبارة عن حالة يكون فيها لأحد موظفي المؤسسة سواءً كان تنفيذيا أو موظفا عاديا مصلحة خاصة أو مهنية تنافسية قد تمنع هذه المؤسسة من تقديم خدماتها بطريقة مستقلة ومحايدة و شفافة، و بشكل قد يعطي البعض خاصة هذا الموظف أو أحدا من عائلته أو أقاربه صلاحيات و ميزات تنافسية قد تؤثر على صاحب القرار، فتكون المصلحة الشخصية أهم من مصلحة العمل، و بذلك تكون مصلحة الفرد قبل مصلحة الوطن.

المعلوم أن هذه الظاهرة السلبية ليست بالجديدة على أي مجتمع مدني، فقد وجدت منذ قدم الحياة المدنية، فمثلاً نجدها حدثت وقت الرسول صلى الله عليه و سلم و الذي عالجها بشكل جدي و فعال و سريع، فكلنا قرأ قصة الصحابي الجليل الذي كلفه الرسول صلى الله عليه و سلم لجمع الصدقات، فعندما قدم على الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذا لكم و هذا أهدي لي، فقال الصادق المصدوق صلوات الله عليه «أفلا قعدت في بيت أبيك و أمك فنظرت أيهدى لك أم لا» ثم قام رسول الله صلى الله عليه و سلم عشيةً بعد الصلاة ليعالج هذا المرض العضال في أمته إلى قيام الساعة فقال (فما بال العامل نستعمله فيأتينا فيقول هذا من عملكم و هذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه و أمه فنظر هل يهدى له أم لا، فوالذي نفس محمد بيده لا يغل أحدكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه ...... الحديث في الصحيح.

و أشكال هذه الظاهرة السلبية في المجتمع المدني كثيرة، فهي ليست مقتصرة فقط على امتلاك مدير المنشأة نشاطات تجارية لها علاقة مباشرة بأعمال منشأته، و لكنها تشمل صوراً كثيرة منها ما يلي:

امتلاكه نسبة من منشأة تجارية لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بعمله.

امتلاك أحد أفراد عائلته أو أقاربه منشأة تجارية لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بعمله.

رئاسته مجلس إدارة شركة خدمية خاصة أو حكومية أو شبه حكومية لها علاقة تجارية مباشرة بالمؤسسة التي يعمل بها.

المشاركة كمستشار أو كعضو في مجلس إدارة شركة خدمية خاصة أو حكومية أو شبه حكومية لها علاقة تجارية بالمنشأة التي يعمل بها، كعمل بعض الأطباء مستشارين أو أعضاء إدارة لدى شركات الأدوية.

كذلك وجود بعض المسؤولين الكبار في بعض المؤسسات كرؤساء مجالس إدارة بعض الشركات الخدمية ذات العلاقة بهذه الدائرة التي يرأسها مما يمنعه من القيام بالدور الرقابي و المسائلة لهذه الشركات كونه رئيس مجلس إدارتها. و هنا أيضا نجد تضارب مصالح خاصة و عدم وجود شفافية و فرص متساوية إن كان يوجد أكثر من شركة تخدم هذا القطاع.

و أخيرا قبول هدايا من قبل الشركات و الأشخاص التي تتعامل معهم المؤسسة التي يعمل بها مهما كانت نوع الهدية، و كما يقال في الأمثال «لا يوجد غداء مجانا» No Free Lunch

فهل يكفي الإفصاح عن ممتلاكات المسؤول الكبير قبل تعيينه و ترك بقية الموظفين؟ أم يجب على الجميع صغيرا كان أم كبيرا أن يوقع على وثيقة عدم تضارب المصالح بين عمله و الأنشطة التجارية التي يمتلكها أو يمتلكها أحد من أفراد عائلته؟ و هل يكفي منع الموظف من إصدار ترخيص تجاري له علاقة مباشرة بعمله و يسمح له إصداره باسم زوجته أو أحد من عائلته بدون تطبيق هذا المبدأ؟ أترك الجواب على هذه الأسئلة للقارئ الكريم.

من الضروري تطبيق و مراجعة سياسة تضارب المصالح في المؤسسات الحكومية و الخاصة بشكل منتظم و سنوي لتسريع التنمية في المجتمع المدني، و أن يكون هناك تدقيق إداري لتطبيق هذا المبدأ من قبل الأجهزة الرقابية. و من ثم تجريم من يخالفه و تخيير كل من يتعارض منصبه مع مصالحه الشخصية بين الاثنين. و الأهم من ذلك زرع هذه الثقافة في مجتمعاتنا من خلال وسائل الإعلام و المنتديات و خطب المساجد وربما مناهج التعليم.

www.saudienergy.net
Twitter: @neaimsa

ثقافة تضارب المصالح و محاربة الفساد
د.سامي بن عبدالعزيز النعيم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة