Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 28/02/2013 Issue 14763 14763 الخميس 18 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

متابعة

رحم الله الخال محمد بن عساف الحسين العساف

رجوع

إن أكثر الأحزان والآلام توغلا في القلب والروح أن تفقد شخصاً عزيزاً عليك، بل تظهر آثاره على البدن، و ذلك أن طعم مرارته يغص به الفاقد ليل نهار. فالموت ينهي كل شيء في عالم الحياة، اللهم إلا ما ادخر المسلم من صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. فأوجاع الافتقاد الأخرى تداوى وتعود بالوله والولع والوجد والشوق، وتسبل لها العين الرحيمة، غير أنه لا أمل في الرجوع حين الاصطدام بحقيقة الموت، هذا الفقد النهائي، وبالرغم من أنه قدر مكتوب، إلا أنه يأخد منا الأحباب و يبعد عنا الأهل والأصحاب.

رحمك الله أبا حسين، فهذه الكلمات غزتني في لحظة شوق واشتياق إليه فقد كان نعم الأب والأخ والقريب والصديق الوفي الذي تعلمت منه الكثير ويشهد الله أنني بهذه الأسطر المتواضعة لن أستطيع أن أوفيه حقه وأقل ما استطيع أن أقول هو أنه رحمه الله كان يملك تلك النفس الرحبة الطيبة والأخلاق والتواضع وسعة الصدر وتلك الروح التي آثرها في كل بيت من بيوت الأسرة بل المجتمع أجمع وخير شاهد على ذلك جنازته وأيام عزائه التي شارك فيها من يعرفه من جميع شرائح المجتمع، كل ذلك للمكانة الكبيرة التي كان يحظى بها عند أهله وذويه وكل من يعرفه.

رحم الله أبا حسين، لقد ترك فراغاً كبيراً في صفوف العائلة، وكان يحرص دائما على حضور المناسبات والزيارات العائلية، وكان يحرص رحمه الله على صلة الرحم للصغير قبل الكبير، وسعى في مساعدة من يجد صعوبة العيش في هذه الدنيا، فكان رحيما بالصغير، موقراً للكبير، وخاصة أهله وذويه، فكان يعامل الابن كأخ ويعامل البنت كأخت فكان كالشمعة تحترق ليستضيء بها الآخرون، هكذا نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا، فلن ننسى أبا حسين ما حيينا، فاللهم ارحمه بواسع رحمتك.

كان الخال محمد نعم الصديق والنديم الذي لا تمل مجالسته مهما طال أمدها، فهو محبوب لدى الجميع. وبالقدر الذي امتلك نفساً عظيمة تؤثر على الآخرين في كل شيء، ولن أكون مبالغاً رغم ما يعتصر قلبي من ألم فراقه، إنَّه الاقرب إلى نفسي، فقد تعلمت منه دروسا كثيرة في هذه الحياة، فكانت تعجبني فيه الصفات التي يتمثلها في تعامله مع الغير والتي تصدر عنه بعفوية مطلقة، فتعلمت منه حب الأماكن الطاهرة وشكر النعم والهب لنجدة الضعيف وإغاثة الملهوف ومد يد العون لكل من طلبه والحرص على أمور الدين، وتعلمت منه أن هذه الحياة فانية والآخرة باقية وتعلمت منه أشياء كثيرة لا أستطيع أن أحصيها بين هذه الكلمات، إنَّه كتلة من المشاعر الفياضة التي تزداد رونقاً وجمالاً كلما اقتربنا منه وذلك عائد إلى دماثة الخلق وما أرجو أن يكون من نقاء السريرة.

لقد ابتلي رحمه الله في أشهره الأخيرة بمرض فصبر، وتحمّل فجزاه الله خير الجزاء، نسأل الله تعالى أن يجعله ممن صبر صبرا يبلغه الأجر، ففي القرآن الكريم قول الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}. وفي السنة الشريفة قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيراً له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، أن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) رواه مسلم.

بقي لي رجاء وحيد ممن يقرأ هذه الكلمات أن يدعو للفقيد في ظلمات الليل، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى بأن يرحمه رحمة من عنده تغنيه عن رحمة من سواه وأن يلهم أهله وذويه وكل محبيه الصبر والسلوان. اللهم يمّن كتابه و هون حسابه، و ألهمه حسن الجواب وطيّب ثراه و أكرم مثواه واجعل الجنة مستقره ومأواه.

د. عبدالعزيز محمد العساف

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة