التحقيق الصحفي هو أحد المجالات الصحفية التي يمارس فيها الصحفي عمله، من خلال تناول موضوع محدّد والغوص فيه للوصول إلى الحقيقة ؛ وقد يكون جريمة جنائية، أو فساداً مالياً أو إدارياً، في القطاع العام أو القطاع الخاص، أو إهمالاً يترتب عليه ضرر، أو تقاعس مسئول عن القيام بمسؤولياته على الوجه المطلوب.

قد يستغرق التحقيق الصحفي أسابيع أو شهوراً أو سنوات قبل الوصول إلى نتيجة نهائيه. ويعتبر التحقيق الصحفي مصدراً هاماً للمعلومات المفيدة للجمهور، ومعظم التحقيقات الصحفية تتم من قِبل صحفيين متمرّسين أو صحفيين متعاونين سواء لحساب مؤسسه صحيفة أو مؤسسه إعلامية، وفى بعض البلدان يطلق على عملية التحقيق الصحفي بالمساءلة الصحفية، ويمكن للمحقق الصحفي الوصول إلى النتيجة النهائية من خلال اعتماده على عدّة أدوات ومنها تحليل المستندات، أو الرجوع إلى الأنظمة والتعاميم الرسمية، أو الاستعانة بشهود لهم علاقة مباشره بنفس الموضوع، أو مساءلة المسئولين المعنيين من خلال عرض موضوع القضية عليهم، والحصول منهم على تفسير بشأن مواطن الخلل.

لكي ندرك مدى التأثير الذي يلعبه التحقيق الصحفي في صناعة النتائج ، علينا أن نتذكّر قضية (ووتر جيت)، وهى من أشهر القضايا السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية، حدثت خلال الانتخابات الرئاسية عندما قام رجال الرئيس (نيكسون) بعملية اقتحام سريه لفندق (ووتر جيت)، حيث يوجد مركز إدارة الحملة الانتخابية التابع للمرشح المنافس، تم اكتشافها والقبض على الفاعلين، ومن ثم أثبتت التحقيقات أنّ التمويل لعملية الاقتحام مصدره حملة الرئيس (نيكسون)، وخلال أعمال التحقيق القضائي، لعب التحقيق الصحفي دوراً بارزاً في إدانة الرئيس ؛ حيث استطاع صحفيان من صحيفة (واشنطن بوست) متابعة قضية (ووتر جيت) لمدة سنتين وكشفا اللثام عن ممارسات متكررة من الانتهاكات والمخالفات الانتخابية من قِبل مؤسسة رئاسة (نيكسون)، تسببت في الإطاحة واحداً تلو الآخر بعدد سبعه وأربعين من كبار موظفي الرئاسة، آخرهم الرئيس (نيكسون) عندما أصبح وحيداً أمام خيارين: إما أن يستقيل أو سيتم خلعه بسلطة القانون، فاختار أن يستقيل وتولّى نائبه ولاية الرئاسة للفترة المتبقية من فترة الرئاسة..

الخلاصة ...

التحقيق الصحفي أو (المساءلة الصحفية) هو أداة فعّاله لمكافحة الفساد، وهو يستهدف شرح وتحليل الأحداث والكشف عن أبعادها ودلالاتها، فهو تحقيق يبحث ما وراء الخبر يجعل من المحرر الصحفي أشبه برجل التحريات الذي يتولّى مسئوليته في فك الألغاز، والبحث عن الأسرار التي تكشف غموض الأحداث أو التناقضات بغرض الوصول إلى الحقيقة، وهناك التحقيق الصحفي المصوّر يعتمد على المواد المصوّرة كعنصر أساسي، وتكون الكلمة المكتوبة فيه عاملاً مساعداً، كما يمكن أن يكون التحقيق الصحفي حواراً تلفزيونياً تتم أحداثه أمام المشاهدين بحضور مختلف الأطراف ذات العلاقة، عندها ستؤدي المساءلة الصحفية العلنية على طاولة الحوار دورها البنّاء في تشخيص الداء المتسبب في اعتلال صحة منظومة الأعمال والخدمات ولكن بعيداً عن المساءلة القانونية..