Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 02/03/2013 Issue 14765 14765 السبت 20 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

المسار الذي يمر فيه العراق حالياً هو مسار حراك الربيع العربي الذي مرّت به تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا.. ومنذ حوالي ثلاثة أشهر والمظاهرات مستمرة في محافظة الأنبار غرب العراق، وهناك تحركات لدخول المدن السنيّة في الوسط وبخاصة في بغداد إلى حراك المظاهرات والاعتصامات التي بدأت تفرض واقع الربيع العربي على الحياة السياسية في العراق..

المظاهرات التي تتفاقم وتكتسب شعبية كبيرة واجهها نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي الذي يُمثّل وجهاً ديكتاتورياً بعباءة طائفية بحملات التشكيك في كل شيء ابتداءً من شخصياتها إلى قضاياها إلى أهدافها..

وما يرغب أن يسحبه نوري المالكي على هذه المظاهرات، هو الاتجاه السنّي الزاحف للسيطرة على مجريات الشأن السياسي، راغباً في استدراج الطائفة الشيعية لتكون هي قاعدة الضمان السياسي لمواجهة هذه المظاهرات، ولكن بحكمة بالغة عبّر عددٌ من القيادات الشيعية، وفي مقدمتهم مقتدى الصدر وحاولت أن تنأى بالطائفة الشيعية عن هكذا حالة سياسية، وهناك تأييد لقضايا المتظاهرين لشرعيتها كون الحكومة الشيعية للمالكي تكيل بمكيالين، فما تشهده الساحة العراقية منذ أن رأسَ المالكي حكومته هو عمليات ممنهجة لإقصاء السنّة من كل السلطات السياسية في العراق، وتجريدهم من حقوقهم السياسية والدستورية.. وما يقوم به المالكي هو أشبه بما كان يقوم به صدام حسين إبان جبروته وهيمنته على مختلف مفاصل الحياة في العراق.. وكأنه صدام آخر في ثوب ديموقراطي..

من المؤكد أن السيد المالكي لا يعرف كيف يتصرف مع هذا الزخم الكبير الذي تحدثه المظاهرات في الشارع العراقي وفي الساحة السياسية، عدا محاولة التشكيك فيها وفي أهدافها وقضاياها وربطها بقوى خارجية في دول الجوار، مشيراً إلى أجندات سياسية خارجية، وهذا هو ما سبق أن زجّت به أنظمة سياسية في دول الربيع العربي كمبررات لمحاولات عمليات القمع الأمني الذي وجدته الأنظمة الخيار الأول لمواجهة تنامي المظاهرات والاعتصامات التي كانت تجتاح العواصم والمدن الكبرى.. وما يخشاه نوري المالكي هو انتقال هذه المظاهرات إلى العاصمة بغداد بشكل متنامٍ، حيث هناك قوى سياسية وشعبية مؤثرة في الحياة السياسية العراقية.. ومن المتوقع أن يكون المتظاهرون قد بدؤوا الحالة التظاهرية من بغداد يوم أمس، رغم جهود القمع وتقطيع أوصال العاصمة لمنع المتظاهرين من الالتقاء مع بعضهم البعض..

إن الوضع الداخلي في العراق هو في أسوأ حالاته، فلم يستتب الأمن منذ اعتلى المالكي سلطة رئاسة الوزراء، وكانت أجندته الانتخابية هي إعادة الأمن والهدوء للعراق، كما أن الوضع الاقتصادي في أسوأ حالاته فعلى الرغم من إيرادات نفطية تزيد على مائة مليار دولار سنوياً، إلا أن الخدمات المقدمة للمواطن العراقي هي في مستوى متدنٍ، وهناك سخط كبير على انعدام الخدمات في العاصمة وباقي المحافظات العراقية، وانخفاض العملة العراقية في أرقام قياسية إلى حوالي ألف وثلاثمائة دينار عراقي للدولار الواحد يعكس ضعف الاقتصاد وسوء إدارة حكومة المالكي للاقتصاد الوطني العراقي.. كما أن اعتقالات المواطنين السنّة بحجج واهية مثل نظام اجتثاث البعث أو محاربة الإرهاب هي أنظمة وضعتها حكومة المالكي بالتناغم مع قوى سياسية برلمانية بهدف قمع السنّة وقياداتها السياسية.. والاعتقالات الكبيرة للشباب السنّي وتعذيب المعتقلين واغتصاب السجينات، كلها أمور أوصلت المواطنين العراقيين إلى الحد الذي لم يعد يحتملونه من هذه الحكومة..

كما أن المشكلة الكبرى التي يُعاني منها العراق تحت تأثير ونفوذ حكومة المالكي هي الهيمنة الإيرانية على مجريات الشأن العراقي، وأصبح ما تقوم به إيران ليس إلا احتلالاً آخر أشبه بالاحتلال الأمريكي الذي عاشه العراق لسنوات، وأصبح العراق بكليته ليس إلا محافظة إيرانية أخرى يحكمها الساسة والإنتلجنسيا والمخابرات الإيرانية.. وما يقوم به المالكي أشبه بدور سفير فوق العادة للخارجية والداخلية والجيش الإيراني.. إن الوضع مستمر منذ أن أحكم المالكي سيطرته على أركان النظام التنفيذي والتشريعي والقضائي، وأصبح يُشكّل ديكتاتورية فرضها نظامٌ ديموقراطي تراجعت فيه شرائح سنيّة وأعراق مختلفة عند صناديق الانتخابات، مما أتاح له الصعود السياسي بدعم إيراني واضح.. ومن المتوقع أنه آن الأوان لأن يدفع المالكي ضريبة وفاتورة ولاءاته الخارجية وأجندات إيران التوسعية في العراق وغيرها من المناطق العربية..

السيد نوري المالكي منذ توليه دفة رئاسة الوزراء في العراق، وهو يهمز ويغمز على مواقف المملكة، وهو تحت تحفيز مباشر من إيران التي تحاول أن تنفذ مخططاتها التوسعية الكبيرة في المنطقة.. وقد وضعت إيران أدوات لها عديدة ذات نفوذ سياسي في العراق ولبنان وسوريا، أبرزها بلا جدال هو نوري المالكي نفسه، ومن هو في كنفه وحزبه وأشياعه.. ولا شك أن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا سيكون ضربة قاسية للمخطط التوسعي للنظام الشيعي في إيران، كما أن ما يزيد من قلق المالكي وإيران هو تنامي الاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات في الداخل العراقي، وتضعضع موقف حزب الله في لبنان بعد مرحلة سقوط الأسد ونظامه القمعي في المنطقة، ولهذا فإن المالكي تارة يغمز، وتارة يُصرّح أن مواقف المملكة وقطر وتركيا في سوريا تُهدد أمن المنطقة، متناسياً أن دعم المملكة على وجه الخصوص يتركز على المساعدات الإنسانية لضحايا القتل والتدمير على الشعب السوري المشرد والمُهجَّر بحكم جبروت وقمعية النظام في سوريا.

alkarni@ksu.edu.sa
- المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية - أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود - رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال

ربيع العراق القادم.. و«مالكية» الهاوية للمجهول
د.علي بن شويل القرني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة