Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 02/03/2013 Issue 14765 14765 السبت 20 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

- لا نكاد نجد في جيلنا ومَن قبلنا من لم يقرأوا” أيام طه حسين” نموذجًا على أدب السيرة وكتب الذكريات،حتى إذا مضى بنا الوقت وجدنا في ذواتنا انعطافًا تلقائيًا لهذا النوع من الكتب؛ وبخاصةٍ ما يجيء محملًا بالوثائق، نائيًا عن مبالغات الأنا، ساعيًا لاستقراء مرحلةٍ لم يعشها القارئ أو عاشها ولا يعلم ما يدور خلف مغلقها ومستغلقِها.

- توطئةٌ تتوجه للجيل الجديد من النابهة الذين سيكون لبعضهم شأنٌ كي لا يتجاهلوا أوراقهم العابرة؛ فقد تعني أكثرَ من أوراق وربما مست أكثر من دلالة، وهو ما نتلمسه في المذكرات التي تحاول “الحيادية” بعرض المكاتبات مثلما وردت في وقتها، وربما برز منها في محيطنا القريب مراسلاتُ الشيخ عبدالله بن عقيل مع شيخه العلامة الإمام عبدالرحمن السعدي - عليهما رحمة الله- وما ورد في سيرة “ابن عقيل” الخاصة التي نشرت مؤخرًا في خمسة أجزاءٍ تحويها أربعة مجلدات، وفي معظمها لا نحتاج لأكثرَ من قراءة الرسالة دون تعليقاتها كي نستدلَّ على الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والعلمي للحقبة التي مثلتها.

- اللقب الذي يتصدر الخطابات مؤشر، والصيغةُ التي تكتب بها مؤشر، ومتن الرسائل مؤشرات، ومضامينها معطياتٌ موحيةٌ بزمنٍ لم يرَ التأريخُ ولم يسكن الجغرافيا، وهو ما يتضادُّ مع ما نعيشه اليوم، حيث صار المهمشون أعلامًا والأعلامُ كواكب والحقائق متعددةَ الصور والمصادر، وهو ما سيخفف عبءَ التوثيق لكنه سيضاعف أعباءَ التدقيق.

- كثرت الأوراق، ولم تعد محكومةً بالسريةِ كما كنا، ولا بالفردية مثلما اعتدنا، ولم تبقَ عصيةً على التحليل والتدليل والتعليل الذي تخضع له الوثائق الشخصية عسيرةُ التفسير لدرجةٍ تجعل بعضنا غير قادرٍ على فك رموز وثائق ذويه، وربما رغب عنها ولم يرغب بها بالرغم مما تعنيه من إرثٍ تمتد به جذورُه وتتجدد بذوره.

- الوثيقة لدارس التأريخ مرتبطةٌ بزمن كتابتها وشخصيةِ كاتبها ودوافعِه العلنية والخفية، ومدى صدقها وزيفها، وهل هي مقصودةٌ لذاتها أم لسواها، وهل جاءت اختبارًا لرد فعل أم إلهاءً عن فعل، وهل تُقدّم كلَّ الحقيقة أم أجزاءً منها، ومَن المخولُ بمحاكمتها والحكم عليها، وإذا كانت الأسماء الحقيقيةُ والخطوطُ اليدويةُ فارقةً في زمن الأجداد فقد اختفت في زمن الأحفاد.

- جرى الحديث بين صاحبكم وبين مسؤولٍ متنفذ في دائرةٍ مهمة حول وثيقة متداولةٍ برقم وتأريخٍ وتأشيرات وتواقيع وورق رسمي يخصُّ الجهة فنفاها وأثبت - بحقائق مصاحبةٍ- تزييفها، وتساءل - بألم المواطنة - من المستفيدُ من التضليل، وحقنا أن نسأل عن المتضرر كذلك؛ وبخاصةٍ حين تتجاوز تداولَ العامة إلى تناول الخاصة، والأمثلة لا تعد مما يخلط الوقائع ويتخبط في التأريخ.

- وفي الضفة المقابلة تشهد جلساتُ شيخنا العلامة محمد العبودي - حفظه الله- مهارته الفائقةَ في تتبع الوثائق الشخصية المتجذّرة في عقود الزمن، وما يستخلصه منها من علاماتٍ مميزةٍ تجعله قادرًا على تحديد مرحلتها ورحلتها، وموقظًا بها تأريخًا ساكنًا لم تهزمه تراكماتُ الجهل والتجاهل وسوء الحفظ ورداءة الخطوط في الأعم وتداخلاتها وتقاطعاتها وتهميشاتها لنطمئنَّ بعدها أننا نقرأ صدقا.

- الوثيقةُ ثقة.

ibrturkia@gmail.com
t :@abohtoon

حين لا نرى..
د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة