Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 04/03/2013 Issue 14767 14767 الأثنين 22 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

أحياناً أتساءل عن مستقبل وسائل التواصل الاجتماعي، وهل ستستمر في تعزيز نشاطها الحالي، أم أنها ستفقد بريقها مع مرور الوقت أمام الإعلام التقليدي الذي تحكمه السلطة والمال، أم ستتطور في المستقبل، وتزداد نفوذاً، ثم تتحول إلى ساحة أقرب للبرلمان الشعبي الذي يقدم وجهة النظر الجماهيرية في زمن قياسي، وأرى أنها تتجه في ذلك الطريق، فقد أصبحت في الوقت الحاضر شاشة عملاقة للرأي العام بلا مقص رقيب، وأقرب إلى أن تكون وكالة أنباء مراسليها الناس بمختلف أطيافهم، ولك أن تتابع على صفحاتها آخر الأخبار قبل أن تعلنها وسائل الإعلام التقليدية، لذلك قد نستطيع القول إن الإعلام الموجه من قبل طرف واحد قد انتهى، فقد دخل ساحة الإعلام اتجاهات لا حصر لها، وتقدم الغث والسمين، ولا تتردد في نشر كل شيء على صفحاتها، وقد أصبحت الشفافية التي كان يطالب بها الناس أقرب للفضائحية في بعض الأحيان.

لكن حسب وجهة نظري، أرى أن ما يحدث في الآونة الأخيرة على ساحات التواصل الاجتماعي المرتبطة بالوطن وأخباره هو أقرب لثورات الربيع العربي، والذي يشارك في إشعالها مختلف التيارات، لكن الغلبة في نهاية الأمر تكون للقوى الدينية المتطرفة، والتي تريد أن تفرض رأيها على الجميع من خلال الوسائل العصرية، ولكن من خلال لغة دينية مؤثرة، ولو تأملنا ما يحدث في وسائل التواصل الاجتماعي لوجدناه في البدء كان عبارة عن عملية اقتحام ضخمة للمحرمات الثلاث، لكن المفارقة أن الحديث في الممنوع السياسي وصل إلى درجه غير مسبوقة، والخطوط الحمراء أصبحت باهتة في ظل الاختراق الشعبي الكبير لهذا الحاجز، والملاحظ أن لغة الخطاب السياسي الجديد أصبحت أكثر عنفاً في مفرداتها، ولا يواجهها تيار مؤثر في الاتجاه الآخر، وقد تحطمت بسبب عدم التوازن بين هذين التيارين جدران لا حصر لها.

يأتي ضعف التيار المواجه بسبب استخدامه لأساليب تقاليدية لم يعد لها مكان في عالم التواصل الحالي، لكن المفارقة في هذا الشأن أن التيار السياسي الشعبي إن جاز التعبير، في تويتر على وجه التحديد، أصبحت تُسيطر عليه وتُحركه في كثير من المواقع قوى متطرفة، ويظهر ذلك في تنامي ممانعة كبرى ضد اختراق المحرم الديني، والذي تُستغل اختراقاته قوى التطرف في الضغط على السلطة التقليدية، من أجل فرض وجهة نظرها علي الجميع، ولا تجد السلطة طريقاً آخر إلا مجاراة قوي الضغط المتطرفة، لكنها في نفس الوقت تحاول فرض قيود على الحراك السياسي الديني المنظم في الواقع وفي عالم التواصل الاجتماعي، لكن ذلك لم يثني تلك القوى عن تنظيم حراكها في الداخل، والدفع بالضغط إلى مواجهات أكثر حدة في الميادين.

تتحرك جبهات التطرف الديني على جبهات متعددة، وتحاول أن تختطف دور قيادة التيار المضاد للفساد المالي والإداري، وتلك نغمة تروق للكثير من رواد وسائل التواصل الاجتماعي، لكن ذلك لا يعني أن هذه القوى تحمل في مضامين فكرها الحلول العصرية، لكنها تستغل كثيراً من الثغرات في النظام من أجل إحراج السلطة أمام الجماهير، ولا مجال في التأخير عن البدء في إحداث تغييرات جذرية في الحرب على الفساد في مختلف المجالات، وتجديد الدماء في القيادات الإدارية، وتحديث الأنظمة، والتقليل من الفروقات الاجتماعية، وفي نفس الوقت إعطاء الحرية الشخصية والفكرية والسياسية دفعة إيجابية من أجل التضيق على سلطة الفكر المتطرف، ولن يحدث ذلك بدون نقلة عملاقة في الفكر الاجتماعي والسياسي، ومنها تعزيز حقوق الإنسان بكل ما تعنيه الكلمة، وتشجيع ثقافة الديموقراطية والتعددية في مواجهة الأحادية والتطرف..

خلاصة الأمر أن السلطة التاريخية فقدت بعضا من قدراتها في السيطرة من خلال لغة الدين السياسي، وتلك أزمة وقع فيه الأوائل لأسباب لها علاقة بالتطور الاجتماعي في ذهنية أجيالها المتوارثة، ويكون إخفاقها بسبب ممانعتها في التطوير السياسي والفكري، وعادة ما تكون النتيجة، في ظل الإصرار، الانحسار أمام هجمات الرايات السود بقيادة متطرف آخر على هيئة أبي مسلم خراساني آخر.

بين الكلمات
الرايات السود في تويتر..
عبدالعزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة