Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 06/03/2013 Issue 14769 14769 الاربعاء 24 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

محليــات

جازان ذكرى محفورة في عقلي ووجداني.. فقد مررت فيها بتجربة مروّعة حينما كان عمري ست سنوات وكان ذلك في أوائل الثمانينيات الهجرية.. أصبت بمرض جلدي ولظروف العمل أسند أبي لأصغر أعمامي وأقربهم إلى قلبي مهمة السفر بي إلى طبيب شعبي في (أبو عريش).

كان عمي عبدالعزيز في مطلع العشرينات من عمره.. وكان شاباً يافعاً رياضي الجسم منطلق الوجه اجتماعي الروح.. وصلنا إلى جدة ومنها إلى جازان واستضافنا أميرها حينذاك الأمير تركي بن أحمد السديري (رحمه الله).. ومن بعدها انتقلنا إلى (أبو عريش) حيث سكنا في ضيافة إمارتها.

في صباح يوم صيف جازاني حار.. ذهبنا إلى طبيب شعبي يُقال إنه يعالج البهاق.. والبهاق لمن لا يعرفه: هو موت الغدد اللونية تحت الجلد فيبدو الجلد أبيض.. المهم كانت وصفة ذلك الطبيب الشعبي وصفة مباشرة غير معقدة.. وهو (سلخ) الجلد الأبيض.. هذا كل ما هنالك؟!

كان عمي في شبابه يؤمن بمقولة: «أرسل حكيماً ولا توصه».. ومهمته هي علاجي من البهاق.. مهما كان العلاج.. ومهما كان الثمن!.. وهنا مكمن تجربتي المروّعة التي امتدت طوال أشهر الصيف.

في الصباح يأخذني عمي سحباً أو حملاً إلى ذلك الطبيب الشعبي الذي كان يختار كل يوم بقعة في ساقي أو وجهي ثم يقشر الجلد حتى يظهر اللحم.. وكلما كان القشر أعمق كان العلاج أنفع كما كان يؤكّد الطبيب.. وأكون خلال تلك العملية مكتف اليدين من عمي ومكتف القدمين بمعاونة شاب آخر.. وصياحي يسمعه كل أهل أبو عريش.. بعد عملية السلخ يضع الطبيب على اللحم المكشوف مادة سوداء نتنة محفوظة في قارورة حبر باركر.. وكان يُغشى عليّ بعدها من شدة حرارة الدواء وألمه.. ثم أفيق في مضافة الإمارة بعد وقت لا أدري مدته.. وكنت أحظى بعطف أهل أمير أبو عريش ذلك الحين (أثابهم الله).. وما كنت أدري ما سوف يحل بطفل في السادسة من عمره لولاهم.. وهو يعيش مأساة سلخ جزء صغير من جلده كل يوم وينتظر في رعب موعد السلخ القادم.

واليوم وبعد مرور قرابة الخمسين عاماً أجدني أتذكّر تلك التجربة بعد أن زرت جازان وتشرَّفت بحضور الموسم الثقافي السنوي للجامعة ومعرض الكتاب السادس وأدهشني ما شاهدته.. مدينة نامية متمدنة بجامعة يافعة فازت للتو بجائزة اتحاد الجامعات العربية كأفضل جامعة عربية في مجالات المسؤولية المجتمعية ودعم الشباب.. ومجتمع أفرز منذ بدء التوحيد قامات أدبية وفنية وإعلامية ورسمية يفخر بها الوطن.. وهي اليوم تمده بشباب نفخر به نحن المواطنون.. تحت إدارة أمير نتائج عمله بارزة على أرض الواقع.. فحبه المواطنون ووثقوا به.

للحديث عن جازان جامعةً وأميراً ومجتمعاً مقالات أخرى.. إن شاء الله.

أنت
رعب في جازان
م .عبد المحسن بن عبد الله الماضي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة