Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 10/03/2013 Issue 14773 14773 الأحد 28 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

وَرّاق الجزيرة

من أكثر الكلمات التي تتردد في المجالس في الوقت الحاضر (أن أيام أول أفضل من هذه الأيام) أو (راحوا الطيِّبين)، وهذه الجملة الأخيرة أصبحت مثلاً وطُرفة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وأما الإعلاميون فمصطلحهم عن ذلك فهو (الزمن الجميل) ويقول أصحاب هذه الجمل والمصطلحات إن أيام أول كانت أفضل والنفوس أصفى والأمانة موجودة، أكثر، والجار قريب من جاره، وهناك تواصل اجتماعي ليس موجوداً الآن، وباختصار كان الناس في تلك الأيام أفضل منهم الآن.

والسؤال الذي يفرض نفسه الآن: هل هذا صحيح أننا الآن نعيش في الزمن الأسوأ؟!

المتأمل في كتب التاريخ، بل في روايات بعض كبار السن يجد أن الزمن السابق احتوى على مظاهر سلبية كثيرة اندثرت الآن بحمد الله مثل انعدام الأمن؛ فأبناء القرية الواحدة كانت تقوم بينهم معارك وثارات تستمر لعقود، ومثل ذلك وربما أشد بين أبناء القرية أو المدينة ومجاوريهم؟! وأما الحالة الصحية فقد كانت في تلك الأزمنة متردية لأبعد الحدود وقد يموت الشخص من مرض يعالج منه الآن في مدة لا تتجاوز ربع ساعة (مثل الزائدة وغيرها)، وأما التعليم فقد كان نادراً، بل من يفكون الخط في ذلك الزمان كانوا يعدون على أصابع اليد الواحدة في كل قرية أو مدينة. وأما التغذية فقد رأينا أناساً من أنصار نظرية الزمن الجميل يتذكّرون متى شاهدوا الموز أو أكلوا البرتقال أول مرة، وهم يذكرون أنهم لا يأكلون اللحم إلا في العيد. وقس ذلك على السكن ووسائل التنقّل والاتصالات والتي من خلالها نطمئن على الآخرين في كل العالم، وفي الوقت الغابر فكان المسافر هو الذي يبكي عند وداع أهله وهو من يبلغهم بعودته، حيث لا تتوافر وسائل الاتصال بالمسافر، ولا يعلم هل هو حي أم ميت وفي حال تجاوز سفره مدة معيّنة تذهب المرأة للقاضي لتطلب الطلاق منه وترتبط بغيره.

هذه جوانب اجتماعية وصحية وأمنية كلها سلبية موجودة بقوة في الزمن الموصوف بالجميل، وغير موجودة في زمننا هذا!

الناس سابقاً هم أنفسهم ناس اليوم؛ لكن حديثهم عن الماضي بروحانية وحديثهم عن الحياة المعاصرة بشيء من النقد والتذمّر في تقديري أنه ظاهرة قديمة تقوم مع كل جيل قد يكون من أسبابها حب الحياة والتشبث بها، أو محاولة الفرار من تقدّم العمر، أو أن من أدرك جيلاً سابقاً أحب أن يروي للجيل الذي بعده أن جيله كان أفضل.

وطبعاً لا أغفل أن هناك رأياً شرعياً يقوم على أن كل عام أشر من الذي قبله وأن هذه سنَّة بشرية وزمنية؛ لكن هذا الرأي ليس حديث أصحاب نظرية الزمن الجميل! لأن الرأي الشرعي يقوم على أنه كلما تقدَّم الزمن زادت الذنوب والمعاصي وكثرت المآسي، وبالتالي كل عام شرٌّ من الذي قبله.

xdxdxdxd99@gmail.com
للتواصل: على التويتر @yousef_alateeg- فاكس 2333738

الزمن الجميل بين الحقيقة والمبالغة!
يوسف بن محمد العتيق

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة