Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 13/03/2013 Issue 14776 14776 الاربعاء 01 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الأخيــرة

أنقل عن النائب السابق في مجلس الأمة الكويتي الدكتور عبدالله النيباري هذه الجملة: «يعترف أمير دولة الكويت الشيخ صباح نفسه بوجود فساد في الكويت لا تستطيع حمله البعارين».

بصفتي الشخصية أنا أحسد الكويت، لأن الكمية التي تستطيع البعارين شيلها من الفساد تظل محدودة ومقدوراً عليها.. عدد محدود من الشاحنات يكفي لشيلها ويزيد على الحاجة.

تبقى المعضلة مع الفساد الذي لا تستطيع حمله معدات النقل الثقيلة لأنه واحد من هذه الأنواع التالية أو كلها:

أولاً: الفساد المتخفي خلف اللوائح والأنظمة، مثل الفساد في طريقة التعامل مع مناقصات المشاريع أثناء ترسيتها وتنفيذها والإشراف عليها واستلامها.. كل هذه الخطوات مغموسة ومغلفة بالتكسب الشخصي على حساب الجودة والالتزام بالوقت المحدد للتنفيذ، وغالباً بانتهاء الصلاحية قبل التسليم.

ثانياً: الفساد المحروس بالهيبة والمركز، مثل الفساد المتضمن في الحصول على إقطاعيات الأراضي الشاسعة وتأشيرات العمالة بالكوم والتقديم والتأخير في التعاملات الإجرائية والجزائية حسب أهمية الضالعين فيها.

ثالثاً: الفساد المحروس بالعلاقات المصلحية والاجتماعية، مثل التساهل في فتح أبواب الاستيراد والتصدير للبضائع الاستهلاكية رغم رداءتها النوعية وثبوت أضرارها على المستهلك.

رابعاً: الفساد البيروقراطي المعجون في خبز النفاق للدولة، وهو ما نشاهده في التسلق للمراتب العليا بما تكفله من امتيازات، عن طريق التظاهر بالتفاني في خدمة الدولة ومسئوليها الكبار لتحقيق الأهداف الوطنية.

هذا النوع بالذات أعتبره من أخطر الأنواع عندنا لأنه متغلغل إدارياً كإحدى وسائل الاسترزاق، ولأنه يدلس على الدولة بإدخال السرور على قلبها في نفس الوقت الذي يفيد الفاسد في الحصول على مراكز أعلى مما يستحق ومسئوليات ليس أهلاً لها.

يضع الدكتور عبدالله النيباري الاستحواذ على أراضي الدولة في رأس قائمة الفساد، مما هو معلوم بالضرورة حسب القوانين الشرعية والوضعية أن أراضي الدولة أملاك لجميع السكان تتصرف فيها الدولة لصالح الجميع، لأن الأرض هي الوطن والوطن للجميع.

مصطلح الوطن للجميع يعني أن لكل مواطن حصة فيه.. صحيح أن الحصص تتفاوت، ولكن التفاوت يحب أن يكون على قدر الأهمية الإيجابية للصالح العام وبمقاييس المجهود الفكري وعرق الجبين، فإن لم يكن كذلك فيجب ألا يكون مجحفاً على الأقل.

الإجحاف، خصوصاً في مسألة الحصول أو الحرمان من المساحة المستحقة على أرض الوطن يوغر قلوب المواطنين ويحرضهم على بعضهم وعلى الدولة نفسها، لذلك يصبح من المفهوم عقلياً ونفسياً أن موضوع الاستيلاء على الإقطاعيات الواسعة أشد وقعاً على نفس المواطن من كل أنواع الاستحواذ الأخرى رغم أهميتها.

أين يقع الإجحاف في المحاصصة على أرض الوطن؟

أكبر أنواع الإجحاف أن تكون حصتك من أرض الوطن تزيد بأضعاف مضاعفة عن حاجاتك الفعلية والأسرية والاجتماعية، بدون أن يكون لديك مبررات واحتياجات الاستحقاق.

من أنواع الإجحاف الكبرى أيضاً أن تستغل مركزك الحكومي أو الوظيفي أو الاجتماعي لتحصل في كل موسم على عدة منح من أراضي الدولة موزعة على عدة مناطق ومحافظات مثل حب الرمان على السفرة الاجتماعية، أو أن تحصل عليها بالاحتيال والسرقة كرشوة مقابل خدمة تقدمها لواحد من هوامير العقار، مما ينقل عن هوامير العقار قدراتهم على الاختراق النفعي المتبادل للدوائر المسئولة، فيطلعون على الخطط والمخططات المستقبلية قبل الناس بسنوات، فيشترون بتراب الفلوس ويبيعون بقناطير الذهب، وغالباً ما يشترون من أصحاب المنح الكبرى.

لا يهمني من متاهات المسالك والدروب في الاستيلاء على الأراضي سوى أنها تسبب أكبر أزمة للمواطنين في السعودية، وأنها تنطلق من خارطة واحدة هي استيلاء نسبة قليلة من الأفراد على أكبر الحصص في أراضي الدولة وحرمان الغالبية الكبرى من تحقيق الحلم الأول للإنسان في أن يمتلك قطعة أرضه الخاصة.

إلى الأمام
ما هي حدود الفساد المقدور على التعامل معه؟
د. جاسر عبدالله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة