Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 15/03/2013 Issue 14778 14778 الجمعة 03 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

في السنوات الماضية كنا ننظر إلى لحظات السكون التي تواكب الأيام الأولى من المعرض على أنها حالة من الهدوء الذي يسبق العاصفة، فما يلبث المعرض أن ينقلب بعد انطلاقه رأساً على عقب بفعل غارات المحتجين على وجود بعض الكتب، وبفعل الصدامات بين تيارات ذات مناحي فكرية متباينة، وبأسباب منها حالات “الترزز” المخجلة لبعض من يدعون أنهم قامات ثقافية فارعة وهم لم يبلغوا معشار ما بلغه المبدعون والمثقفون من الذين يشار لهم بالبنان نظير عطاءاتهم الزاخرة ونتاجهم السخي.

مساء يوم الجمعة الماضي سعدت بتلقي دعوتين كريمتين من قناتي الإخبارية والثقافية للحديث عن المعرض، تاريخه وأبعاده الثقافية والاجتماعية ودوره في ترسيخ ثقافة الحوار بين المثقفين. أصدقكم القول فربما للمرة الأولى منذ بدأت أتردد على المعرض أجده هادئاً رغم تزايد أعداد مرتاديه، وهو هدوء في ظني مختلف جداً، هدوء لا يسبق العاصفة. هدوء لا أزعم أنه تحقق بسبب ارتفاع منسوب الوعي فأغلب رواد المعرض لديهم من المعرفة والوعي ما يجعلهم في مأمن من الاتهام غير المبرر بنعتهم بقلة الوعي أو التخلف -لا سمح الله- ولأن من يكدرون صفو الفعالية الثقافية قليلون وليسوا في الأساس من رواد المعرض أو الباحثين عن مصادر العلم المعرفة، هدوء وسكينة ربما تحققتا بفضل عوامل أخرى أقوى تأثيراً.

من دخولك مع البوابة الرئيسة وحتى تخرج تحس وكأنك منغمس في حالة من الانسيابية المتناغمة. الهدوء يلف المكان رغم كثرة البشر، والخدمات موزعة في كل ركن. تنعم بتعامل راق من رجل الأمن ورجل الهيئة. هؤلاء بالذات كانوا سبباً مباشراً في حالة هدوء مغروسة بمنهجية. هدوء لا يسبق العاصفة، فالحالة الأمنية في المعرض عال العال بوجود ألف عنصر أمني يذودون ببسالة عن هيبة المعرض ويتعاملون برقي مع الزوار. كنت أتمنى أن نتحول جميعنا لنقوم بأدوار ضابطي الأمن من خلال انضباطنا وسلوكياتنا الحضارية وحسن تعاطينا مع الحدث الثقافي الأبرز.

رجال الهيئة وجدتهم بين الزوار في حلل بهية من التمازج يتعاملون بلين ولطف وتسامح وينسجون علاقات ود وصداقات مع بعض الشخصيات الزائرة. ينقلون ملاحظاتهم برسائل مقبولة، ويوجهون إلى ما يحافظ على خصوصيات العائلات ويصونها من تعدي ضعاف النفوس. تسبقهم ابتساماتهم. يبادرون الجميع بالسلام ويمدون أيدي الثقة أولاً ويزيلون الشكوك. وكأن هيئة الأمر بالمعروف بإدارتها الجديدة قد أعدت ودربت ثم شكلت جيلاً مختلفاً من المحتسبين يحملون مشاعل العلم بأيديهم، ويطبقون تعاليم الدين بحذافيرها دون إفراط أو تفريط في منظومة متجانسة من فهم الواقع والتعاطي باحترافية مع روح العصر ومتغيراته ومستجداته التي لا تتعارض مع الثوابت.

في ظل الهدوء تفرغ الجميع للبحث عن الكتب واللقاء بالزملاء والأصدقاء. في المعرض التقيت بأكثر من صديق وزميل. أصبح المعرض مكاناً يجمع ولا يفرق. من يحكم بينك وبينهم التباعد في جوف هذه الدنيا الواسع قد تلاقيهم هنا لأنهم عشقوا الكتاب وظلوا يبحثون عنه في كل زمان ومكان. من لم يتمكن من حضور جلسات البرنامج الثقافي سيتابعها عبر الشاشة العملاقة المنتصبة في قلب المعرض.

Shlash2010@hotmail.com
تويتر @abdulrahman_15

مسارات
معرض الكتاب.. هدوء لا يسبق العاصفة
د. عبدالرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة