Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 15/03/2013 Issue 14778 14778 الجمعة 03 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

دوليات

أمر في غاية الخطورة، ما حذَّر منه رئيس حملة السكينة على الإنترنت الشيخ عبد المنعم المشوح، من: «الوقوع في فخ الشعارات التي تهدف؛ لاستدراج شبابنا إلى مناطق صراع مجهولة التفاصيل»، ما يستدعي تحليلاً، وتحديداً لأهم الأسباب التي أدت إلى تلك الاستمرارية في الخروج إلى مناطق القتال، فكان من نتائجه المريرة: إزهاق الأرواح، وأسر الشباب في أيدي جهات عديدة، رمت بهم إلى مهالك دينية، ودنيوية، والزج بهم في غياهب السجون.

عنصر المفاجأة في هذه الإشكالية، يكمن في محدودية الثقافة لدى هؤلاء الشباب، إضافة إلى ضعف الوعي الديني، والسياسي. وهو في واقع الأمر شكّل أزمة؛ لعدم وجود البديل في واقع أمورهم الحياتية. ومن تأمل حال الشباب السعودي، عندما ذهب إلى أماكن الصراع، وكيف تم إلحاق الأذى بهم، سيدرك تماماً أن مستوى التفكير الذي ساد في إطار اعتقاد هؤلاء الشباب، كان ضيقاً. مع أن شعيرة الجهاد في سبيل الله، تُوكل في المقام الأول إلى علماء البلد المعني، الذي حلَّت به الكارثة، بعيداً عن فرض تأويلات مغرضة، تصيب مضامين النصوص الشرعية من خلال التفسيرات الخاطئة.

إن الأمر يتطلب رؤية إستراتيجية، تتجاوز رد الفعل. فعلى الصعيد الفكري، نحتاج إلى العمل على منع الذهاب إلى أماكن الصراع، وذلك عن طريق خلق خطاب فكري جاد، يقوم على التوازن؛ لاستيعاب الشباب، وعدم الاستهانة بالنفس البشرية، أو سفكها، أو إراقة الدماء بما يتنافى مع مبادئ الإسلام. ولعل هذا ما عناه سماحة مفتى عام المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ قبل أيام، حين حذَّر من انخراط الشباب السعوديين في الجهاد في الخارج، واعتبر: «أن خروجهم بالطريقة التي يفعلونها، استجابة لنداءات من آخرين، عصيان لولاتهم، وعلمائهم، وإخلال كبير بالتشريعات».

صحيح، أن المناخ العام للسياسة، والاقتصاد في العالم الإسلامي، وما نتج عنه من غزو أفغانستان، وتدمير العراق، والانحياز المطلق لإسرائيل، وغيرها من قضايا المنطقة، التي تمارسها سياسات الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الغربية غير العادلة، هيّأ هذه الفئة؛ لتقبل فكرة الخروج إلى تلك المناطق الملتهبة. الأمر الذي شكّل مأزقاً رئيساً، بل مهدداً بالتجدد الدائم بحسب أماكن الصراع. فالعلاقة بين الاستبداد السياسي، والأزمات الاقتصادية، وبين هذه الإشكالية، علاقة طردية. ومثل هذا الشعور، لا يأخذ مكانه على خارطة الزمان، والمكان من دون دوافع، تعمل على خلق كينونتها.

من الناحية التكتيكية، فقد أصبحت الشبكة العنكبوتية، ومعطيات التطور التكنولوجي الحديث، مكاناً لالتقاء هؤلاء الشباب، والتفافاً فكرياً منقطع النظير. وقد يكون ذلك بسبب الخطاب فوق العادة، وأثره على الدعوات الجهادية المحتملة على بنية العلاقات الاجتماعية، أو على سيرورة الممارسات السياسية، والموجهة لتلك الفئة. ثم إن قلة التكلفة، وضعف الرقابة المؤسساتية، وسرعة انتشار المعلومة، شكّل استجابة تكتيكية لظرف الواقع المعيش، وهو ما أشرت إليه قبل قليل، مما يجعلني أؤكد: على أننا أمام استقطاب عناصر جديدة من خلال تلك التقنيات شئنا أم أبينا.

إن قراءة جملة المصالح، والمفاسد المترتبة على هكذا خروج، تعود إلى الأمة كلها، ولا تختص بمن يباشر الجهاد فقط، بل إن الأعمال الاجتهادية الفردية، يترتب عليها من الانفلات، وعدم القدرة على ضبط الأمور، ما لا يترتب على الأعمال الاجتهادية، والتي يختص بها ولي الأمر، ومن معه من أهل الحل، والعقد، فيكون الفعل في الشرع من ناحية التكييف الفقهي محظوراً، مراعاة لجلب المصالح للأمة، ودفع المفاسد كلها.

drsasq@gmail.com
باحث في السياسة الشرعية

حكم الخروج إلى مناطق الصراع!
د.سعد بن عبدالقادر القويعي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة