Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 15/03/2013 Issue 14778 14778 الجمعة 03 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الاقتصادية

تبعاً لمقالات مكافحة الفساد التي نُشرت من خلال هذا العمود الأسبوعي في الأسابيع الماضية، أود في هذا الأسبوع مقارنة ما يحدث من فساد في العالم من حولنا بما نقرأه بين الحين والآخر في صحفنا المحلية من قضايا فساد، وبيان أثر ذلك سلبياً على اقتصادنا الوطني وما يترتب عليه من تعطيل الكثير من مشاريعنا الحيوية والاقتصادية ومشاريع التنمية المستدامة.. فهل ما يتم كشفه في الصحف المحلية

والعالمية يُمثّل جزءاً كبيراً مما يحدث في الواقع، أم أن ما يتم كشفه - كما يعتقد الكثير منا - ما هو إلا الجزء البسيط الذي نراه من الجبل الجليدي (تب أوف ذا أيسبرغ)؟

لقد اطلعت على دراسة قامت بها جمعية الكشف عن الفساد والغش التجاري الأمريكية بأخذ عينة من المؤسسات ودراسة معدلات نسبة ما يكتشف لديها من فساد وغش مالي مقارنة بميزانياتها السنوية، فأخذتني الدهشة مما انتهت إليه هذه الدراسة. انتهت هذه الدراسة التي تمثل شريحة من المؤسسات المدنية والتجارية الغربية أن معدل المال الذي يذهب كفساد مقارنة للميزانية السنوية يقدر بـ 5%. لتوضيح هذه النتيجة للقراء الأعزاء، لو طبقنا هذا المعدل على ميزانية المملكة العربية السعودية عام 2013م التي تُقدر بـ 1,239 مليار ريال فإن ما هو طبيعي - حسب هذه الدراسة - أن يذهب تحت بند الفساد (5%) منها يساوي 62 مليار ريال.. طبعاً الـ 5% في هذه الدراسة تُمثّل المعدل وليس أسوأ نسبة أو أفضل نسبة فساد في الشريحة التي شملتها هذه الدراسة.. فارتفاع أو انخفاض هذه النسبة يعتمد على ما تحتوي هذه المؤسسة من قوانين رادعة ومراقبة دقيقة ومحاسبة دورية صارمة ووجود مراقب مالي مستقل ذي كفاءة عالية وتطبيق لنظام تضارب المصالح.

إذن، عندما نرى هذه النسبة العالمية للفساد والمبالغ الخيالية التي تُمثّلها، ليس غريباً أن نقرأ بين الحين والآخر خبر فساد مؤسسة أو شركة أو مشروع بعدة ملايين من الريالات، فهذا جزءٌ لا يُذكر مقارنة بالمعدل الدولي التي ذكرته هذه الدراسة.. ولكننا بالرغم من ذلك نستغرب هذه الأخبار ونستنكرها كوننا مسلمين يعلمنا ديننا الحنيف على الأمانة وتحريم الغش والسرقة والرشوة والمحاباة والواسطة التي تؤدي إلى أخذ حقوق الغير بغير حق وتحريم الفساد بشتى أنواعه المالية والإدارية والنفسية و... إلخ.

والسؤال المحير لي وللكثير من المهتمين بهذا الأمر لماذا ديننا وثقافتنا الدينية لا تمنعنا من الفساد؟ لا أعتقد أنه يُوجد دين على وجه هذه الأرض يُجرّم هذه الظاهرة أكثر من الإسلام، ولا أعتقد أنه يوجد أحد يدرُس ويُدرّس الدين أكثر منا (من مرحلة الروضة إلى المرحلة الجامعية)، ولا نجد مجتمعاً يتّصف بمظاهر التدين أكثر من المجتمع السعودي. إذن لماذا لا يؤثر تديننا على سلوكياتنا؟ كيف نفسر وجود إنسان يصلي الفجر في المسجد ويسرق حقوق الغير؟ هل تديننا سطحي بحيث لا يكون له تأثير البتة على سلوكياتنا؟ أم أن هناك مشكلة في مناهجنا الدينية وطريقة تدريسها التقليدية؟ أتمنى من جامعاتنا الشرعية والتربوية ووزارة التربية والتعليم القيام بأبحاث عديدة تتطرق لهذه الظاهرة الغريبة (عدم تأثير المواد الدينية على سلوكياتنا).

كما أنه من الضروري أيضاً أن تلعب هيئة مكافحة الفساد الدور المناط بها وتكون متممة ومصححة للجهود غير المثمرة - مع الأسف الشديد - للأجهزة الرقابية الأخرى في بلادنا، ويجب على كل مؤسسة وهيئة ووزارة إنشاء دائرة تكون مربوطة برئيس هذه المؤسسة مباشرة تهتم بمبدأ مكافحة الفساد

والمراقبة وتطبيق مفهوم تضارب المصالح.. كما لا ننسى أهمية دور المسجد في زرع هذه الثقافة في مجتمعاتنا من خلال الخطب.. والأهم من ذلك الأخلاق والثقافة الدينية السلوكية الصحيحة التي يجب أن يتلقاها الإنسان من والديه والمجتمع من حوله (إن كان يحمل هذه الثقافة)، فهو العامل الأهم - حسب رأيي المتواضع - في هذه المعادلة المعقدة.. اللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل فساد.. اللهم آمين.

www.saudienergy.net
Twitter: @neaimsa

الفساد وأثره على التنمية المستدامة
د.سامي بن عبدالعزيز النعيم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة