Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 15/03/2013 Issue 14778 14778 الجمعة 03 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

أفاق اسلامية

هل أدت دورها في التحذير من هذه الظاهرة؟
منابر الجمعة.. وخطر الابتداع في الدين

رجوع

الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:

منبر الجمعة من أبرز الوسائل التي يتم بها توعية المجتمع في العديد من القضايا والظواهر.. ومعالجة أي قضية أو مستجدات تظهر على ساحة المجتمع حيث يلتقي عموم المسلمين في نهاية كل أسبوع في الجامع للاستماع إلى خطبة الجمعة والاستفادة مما يلقى عليهم تجاه قضاياهم المتعددة الدينية والدنيوية. «الجزيرة» طرحت التساؤل: هل أدى منبر الجمعة الدور المطلوب لمعالجة قضايا الانحراف الفكري وسوء أثره، وحقيقة الغلو في الدين والتحذير منه، ونعمة الأمن وآثارها على البلاد والعباد، ووجوب الاتباع وخطر الابتداع في الدين.. تلك هي التساؤلات التي طرحتها «الجزيرة» على مجموعة من المشايخ والأكاديميين والمسؤولي.. فكانت رؤاهم كالتالي:

فهم النصوص الشرعية

يقول الشيخ عواد بن سبتي العنزي المدير العام لفرع الشؤون الإسلامية بمنطقة الحدود الشمالية: لاشك ان الدور الذي يؤديه الخطيب من خلال المنبر أمر لا يمكن إنكار أثره على المتلقي ولكن هذا الاثر يختلف باختلاف الاسلوب والقضية المطروحة ولاشك أن قضايا الفكر وما لحقه من فهم مغلوط وتعنت في فهم النصوص الشرعية يستوجب وقفة صادقة في الذب عن حياض العقيدة والسنة، وقد أبلى الصادقون من الخطباء بلاء حسناً في الدفاع عن السنة المحمدية في هذه القضايا الفكرية التي تعتبر قضايا مصيرية ولاسيما في هذه الأوقات العصيبة التي يعيش فيها المسلمون حاجة ظاهرة لبيان السنة في مسائل الجماعة والسمع والطاعة ونبذ الفرقة والاختلاف ولزوم منهج السلف في الإنكار وكيفية التعامل مع الحاكم في ظل هذه الظروف التي تشهد تفلتاً عجيباً على النصوص الشرعية وتقدماً بين يدي الراسخين في العلم مما يوجب على الخطيب أن يلزم جادة الصواب ويتسلح بالعلم الموروث عن النبي -صلى الله عليه وسلم. ومع هذا فإن هذه القضايا الفكرية وما يتعلق بالأمن ومسائل الاجتماع والإمامة لابد أن يكون علاجها منتظما وفق منهج محدد فلا يكون العلاج ردة فعل تجاه مواقف مخالفة وهذا يتحقق بأمرين الأول: أن يكون للخطيب برنامج محدد يتناول من خلاله هذه القضايا ويعالجها وفق مدة زمنية يحددها.

الثاني: التنوع في أسلوب بحث الموضوع المطروح كما نوع القرآن في أساليب معالجة قضايا التوحيد فقد طرقها في أكثر من عشرة أساليب وليس هذا موطن بحثها.

ولازلنا نرى الحاجة ماسة للتأكيد على هذه القضايا وطرقها بما يناسب حال الناس اليوم ويحاكي واقعهم في ظل الثورة التقنية اليوم إعانة لهم على النجاة والسلامة في منهج الإسلام القويم.

تطوير بعض الخطباء

ويؤكد د.عبد اللطيف بن إبراهيم الحسين رئيس وحدة البحوث والأستاذ المشارك بكلية الشريعة بالأحساء أن خطب الجمعة تمثل زادا إيمانيا في حياة الفرد، فهو يترقب يوم الجمعة ليبكر في الذهاب إلى المسجد ويشهد الصلاة ويقترب من الإمام ليسمع الخطبة ويحظى بالأجر العميم، ومن هنا فللخطبة أثر بالغ في التوجيه والبناء والتعليم، ومواجهة قضايا الانحراف الفكري وسوء أثره, وحقيقة الغلو في الدين والتحذير منه.

والحمد لله يوجد خطباء متميزون في المملكة العربية السعودية -حرسها الله- يملكون مقدرة فائقة في الوعظ والتوجيه ومعالجة كثير من القضايا التي تطرأ في المجتمع، وقد ساهمت خطب الجمعة في الإصلاح والتربية ونشر السنن وتغيير كثير من المفاهيم المغلوطة، ولا أدل على ذلك من حرص الناس وعنايتهم -ذكورا وإناثا- على متابعة التلفاز لمشاهدة واستماع خطب الجمعة في الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وكذا الاستماع إلى خطبة سماحة الشيخ مفتي عام المملكة من خلال المذياع. وفي هذا المقام أنوه إلى أهمية تنمية وتطوير بعض الخطباء بعقد الدورات التطويرية والبرامج التثقيفية للاستزادة من العلم والمعرفة وتنمية المهارة في خطب الجمعة، وجهود وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد مشكورة في العناية بالخطباء، فمثل هذه البرامج والدورات خير سبيل في الإسهام من خلال خطب الجمعة وغيرها في مواجهة قضايا الانحرافات والتأكيد على وجوب الاتباع وخطر الابتداع في الدِّين. وهذا أصل اهتمام الشريعة الإسلامية بقضية الأمن بمفهومه الواسع وعظم منزلته في الإسلام، فواجبنا اليوم أن نسعى إلى تفعيل مكانة خطب الجمعة في استعادة زمام المبادرة للمشاركة الفعالة في صياغة الفرد والمجتمع.

مسؤولية الخطيب

ويشير د. أحمد بن جزاع الرضيمان أستاذ العقيدة في جامعة حائل إلى أن خطبة الجمعة تعد من أعظم خصائص يوم الجمعة، الذي هو خير يوم طلعت فيه الشمس، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتولى بنفسه خطبة الجمعة، وما ذاك إلا لأهميتها، وعظم دورها.

فليس هناك في الدنيا خطبة يلزم من حضرها (شرعا) بالإنصات إليها، والاستماع لها، وعدم التشاغل عنها، إلا خطبة الجمعة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}، وقال عليه الصلاة والسلام -كما في الصحيحين- (إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة، والإمام يخطب، فقد لغوت)، وقال عليه الصلاة والسلام -كما في مسلم- (من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغا).

فهذه المكانة العظيمة في الشرع لخطبة الجمعة، تحمل الخطيب المسئولية، وتوجب عليه أن يقتفي هدي النبي عليه الصلاة والسلام في خطبه، والتي كان مدارها على الأمر بتقوى الله، والثناء عليه بآلائه، وأوصاف كماله، وذكر الجنة والنار والمعاد، وتعليم قواعد الشرع، والحث على لزوم الجماعة والسمع والطاعة، والحذر من الفرقة ومنازعة الأمر أهله.

والخطيب الموفق: يسير على المنهج النبوي، أولا: في قصر الخطبة، وثانيا: في موضوعها لتؤدي دورها المطلوب شرعا، فلا إثارة، ولا قيل وقال، ولا تهييج، ولا نشرة أخبار وتحليلات سياسية، وإنما قال الله وقال رسوله.

وأما الخروج عن المنهج النبوي في الخطبة، والخوض فيما يخوض فيه كثير من الناس، ولا يكلفهم شيئا، من أمور السياسة والخوض فيها، وتحليلها كما يفعل المحللون في القنوات الفضائية، إما استجابة لأهواء بعض الناس، أو لرغبة الخطيب نفسه، فإنه يؤدي إلى الفشل، وإن ظن الخطيب أنه يحسن صنعا، لأن النتائج تترتب على المقدمات، بغض النظر عن نية أصحابها. فالقناعات الشخصية، والتحليلات السياسية، ليس مكانها خطبة الجمعة، وإنما يحتفظ بها الخطيب لنفسه، وفي مجالسه، فما ألزم المسلمون للإنصات إلى الخطبة إلا لأنها من ذكر الله، وتقربهم إلى رضوانه، وتحذرهم من سخطه وعقابه.

إن من أهم المهمات ولاسيما في أوقات الفتن، أن يركز الخطيب على أصول الاعتقاد، ومنها ما أشار إليه الطحاوي رحمه الله في عقيدة أهل السنة والجماعة بقوله: (ونرى الجماعة حقا وصوابا، والفرقة زيغا وعذابا، ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا، وإن جاروا وظلموا، ولا ننزع يدا من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة، ما لم يأمروا بمعصية، وندعوا لهم بالصلاح والمعافاة)..

فما أحوج الناس أن يسمعوا في خطب الجمعة إلى أصول اعتقادهم، الذي فيه خيرهم وسعادتهم وأمنهم، فذلك خير لهم من ملء القلوب حقدا على ولاتهم بدعوى الظلم والأثرة والاستبداد، كما هي طريقة الخوارج أهل الأهواء. فالمنبر له دوره العظيم في توجيه المجتمع، فليتق الله من شرف بهذه المهمة، وليقل قولا سديدا.

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة