Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 15/03/2013 Issue 14778 14778 الجمعة 03 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الأخيــرة

هتلر وموسوليني زعيمان ارتقيا سدة الحكم في ألمانيا وإيطاليا على أكتاف المنتخبين في نظامين ديمقراطيين. كلا الزعيمين كانا مناضلين ضد الفساد والفقر وخرجا من السجن لسدة الرئاسة بقوة الديمقراطية الانتخابية. فما أن توليا زمام السلطة حتى طهرا بلادهما من الفساد ونهضا بالاقتصاد والتعليم والصحة. واستطاع هتلر أن يبني جيشه بعد أن التف بذكاء حول الحظر الدولي على ألمانيا لتصنيع السلاح وتطوير الجيش، الذي فُرض عليها بعد الحرب العالمية الأولى. وقام هتلر بعد ذلك باسترداد ما فقدته ألمانيا من أراضيها الشاسعة -بعد الحرب- دون قتال ولا نزاع بالدبلوماسية الذكية والمدعومة بقوة جيشه واقتصاده -اللذين يرجع الفضل له في صناعتهما. فعبدت الجماهير الزعيم الإصلاحي القوي الأمين وأصبحت تسبح بحمده صبحاً وعشياً.

ما غاب عن الألمان والإيطاليين المهوسيين بزعيميهما الديمقراطيين المُصلحين هو أن الأيدولوجية هي مقتل الديمقراطية والإصلاح. فالأيدولوجيات وإن كانت مغرية لكثير من شعوبها، وسلم للصعود بأصوات المنتخبين إلى سدة الزعامة، إلا أنها دكتاتورية دموية عنيفة تُعمي البصيرة. فجوهر الأيدولوجيات قائم على الاعتقاد بأفضليتها المطلقة على غيرها، مما يجعلها أعلى درجة من المنطق الإنساني في التعامل البشري. وهذه الأفضلية مكتسبة بالولادة - والأديان والمذاهب والأعراق والألوان يغلُب عليها الاكتساب بالولادة-. وبما أن إنسانية المؤمنين بالأيدولوجيات في مرتبة أعلى من الإنسانية العامة فهي تبرر بذلك الجرائم والدماء والظلم الذي يقع في سبيل تمكينها، كما يُبرر الإنسان قتل الحيوان الصائل والصيد ونحوه، فالإنسان أرقى من الحيوان وصاحب الأيدولوجية يعتقد أنه أرقى بأيدولوجيته من غيره من البشر. وكما كان مفهوم العبودية يُبرر الاسترقاق بتبريرات متنوعة، رغم انتهاكه الصارخ لكل المعاني الإنسانية للعدل وللرحمة.

والأيدولوجيات تقوم عادة على العاطفة، وتحتاج إلى الشعوب لإحيائها، والشعوب لا يحركها إلا الفقر والظلم، حتى في الأديان. وبهذا استغل هتلر ظلم الحلفاء لألمانيا حين فرقوها وقيدوها بالشروط بعد الحرب العالمية الأولي. فظهر بفكرة سمو العرق الألماني على الشعوب الأخرى، كما استغل الفقر الذي كان موجوداً في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى ليؤلب الناس على الحكومة ليفوز هو بالانتخابات، ليرقى بألمانيا إلى قمة الإمبراطورية ثم يهوي بها سريعاً مُمزقة مشتتة.

وبعد أن قُتل أكثر من خمسين مليون في حرب أشعلتها أيدولوجية -هتلر- الزعيم المصلح المُنتخب ديمقراطياً، أدرك الغرب خطر الأيدلوجية السياسية وأبعادها وفهمها جيداً. فهي تنهض بمجتمعها سريعاً إلى أعالي السماء ثم تهوي به من هناك إلى واد سحيق. فربى الغرب أجياله إعلامياً وتعليمياً واجتماعياً على كره الأيدولوجية السياسية بشرحها في المناهج التعلمية والإعلامية شرحاً تحليلياً موثقاً بالأحداث التاريخية، لتتبصر الأجيال على قناعة فلا تستخفها نداءات الأيدولوجيات البراقة المغرية. ولذا ترى اليوم في الغرب، أن المقتل السياسي للمرشح الانتخابي الذي يفقده الفوز في الانتخابات هو إظهاره لشيء من الأيدولوجية. وذلك بعكس الحال في البلاد العربية، التي ما تزال في جهل عن فهم ديناميكية الديمقراطية وتعيش تخلفاً شديداً في الأنظمة السياسية، كما أنها لا تفرق بين العاطفة والمصلحة.

الأيدولوجية مهما كان قائدها مصلحاً وأميناً -كهتلر وموسولوني- ومهما كانت نصوصها سامية وجميلة في خطابها إلا أنها لم تحقق الحرية والعدالة لشعوبها، لأنها ديكتاتورية خلقة. والأيدولوجيات إذا ما تلبست بلباس الدين أصبح أتباعها عُمياً وبكماً وصماً. وهذا هو سبب الخوف والوجل، فلا نريد لدول الربيع العربي أن تأتي بهتلر أو موسولوني مسلم، يدمر بلاده ويشعل الحرب أو القلاقل في المنطقة كما فعل الهالك الأيدولوجي، الخميني.

hamzaalsalem@gmail.com
تويتر@hamzaalsalem

المسكوت عنه
لِمَ الخوف من مرسي وبلاد الربيع العربي
د. حمزة بن محمد السالم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة