Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 16/03/2013 Issue 14779 14779 السبت 04 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الاقتصادية

المقومات تفرض بناء «هوية تصنيع نفطي» وتحريك المدن الاقتصادية في هذا الاتجاه
عدم استغلال الميز النسبية للطاقة يعطل «ريادة» المملكة للقطاع عالمياً

رجوع

الجزيرة - د. حسن الشقطي:

باتت الحاجة ملحة لتستغل المملكة ميزها النسبية المتوفرة في قطاع الطاقة خصوصا وأنه حاليا تتربع على عرش هذه الصناعة وغالبا ما تنتقد التقارير الدولية دول مجلس التعاون لانخفاض معدلات التكرير أو المنتجات النفطية المصنعة في إجمالي صادراتها.. فالنفط والغاز يصدران بالنسبة الأعلى في الصورة الخام.. حيث تفقد دول المجلس قيمة مضافة عالية نتيجة هذه الصادرات الخام (النفط والغاز).. بل الأهم أن دول المجلس تتجه أحيانا لتصدير هذه المنتجات الخام، ثم إعادة استيراد بعضها في شكلها المصنع.. رغم أنها تمتلك المقومات والإمكانيات المادية والبشرية والخبرات (حاليا) لإجراء عمليات تقنية متقدمة على تصنيع البتروكيماويات عموما. وفي المملكة تصل نسبة المنتجات المعدنية (النفط والغاز) في إجمالي الصادرات إلى 86.0 %، في حين تصل نسبة صادرات المنتجات الكيماوية إلى 9.0 % فقط، وذلك حسب إحصاءات 2010م.. وجدير بالإشارة أن هذه الأرقام غير عادلة للمملكة، لأن الأمر لا يقاس بالنسب المطلقة لكي نحكم على القطاع النفطي السعودي.. ونحتاج إلى تقصي حقائق أخرى حول ترتيب القطاع النفطي السعودي على المستوى العالمي.

أيضا أعلنت شركة أرامكو عن خططها لإقامة أضخم وحدة تحويل النفط إلى غاز في العالم بطاقة تكريرية تبلغ 400 ألف برميل نفط يوميا باستخدام تقنية التغويز في مصفاة جازان التي ستعتمد على الخام العربي المتوسط والثقيل لإنتاج البنزين والديزل منخفضي الكبريت، والباراكسيلين.. ويعتبر المشروع من كبرى المشاريع التي لتحويل النفط إلى غاز، لاستخراج مشتقات عالية الجودة.. وسيفيد المشروع بشكل رئيسي في توليد الكهرباء. وسيعمل المشروع بطاقة تكرير 400 ألف برميل يوميا، وهو ما يعادل 14.2 % من إجمالي الاستهلاك السعودي من النفط.. بما يعطي مؤشرا إلى أن عهدا جديدا لتوليد الطاقة يوشك أن يبدأ في ظل توقع تكرار التجربة في مصاف أخرى.. فما هي أبعادها؟ وهل فعلا هي كفيلة بتحسين كفاءة استغلال الموارد النفطية بالمملكة؟

المملكة تتربع على عرش موارد الطاقة

الكل يعلم أن المملكة دولة نفطية، إلا أن القليلين هم الذين يدركون مدى المراتب التي تحتلها المملكة في عرش مصادر الطاقة الرئيسية:

أولا: المملكة تستحوذ على المرتبة الأولى بلا منازع في الاحتياطيات العالمية من النفط الخام بنسبة 17.4 % على المستوى العالمي.

ثانيا: تحتل المملكة أيضا المرتبة الأولى من حيث نسبة مشاركتها في الإنتاج النفطي بنسبة تصل إلى 12.7 %.

ثالثا: تحتل المملكة المرتبة السادسة عالميا من حيث مشاركتها في الاحتياطيات العالمية من الغاز الطبيعي بنسبة تصل إلى 4.1 %.

رابعا: تساهم المملكة بنسبة 2.7 % في الإجمالي العالمي من الغاز الطبيعي، وتحتل المرتبة التاسعة.

خامسا: تعتبر المملكة من كبريات الدول المستهلكة للغاز الطبيعي بنسبة تصل إلى 2.7 % في الإجمالي العالمي، وتحتل المرتبة السابعة عالميا.

سادسا: تحتل المملكة المرتبة العاشرة بنسبة مشاركة 2.5 % في الإجمالي العالمي لإنتاج المنتجات النفطية المكررة.

سابعا: تحتل المملكة المرتبة الثانية من حيث أعلى الدول تصديرا للمنتجات النفطية بنسبة مشاركة بنسبة 10.6 % في الإجمالي العالمي.

ثامنا: تحتل المملكة المرتبة التاسعة من حيث أعلى الدول في طاقات التكرير للنفط بنسبة مشاركة 2.3 % في الإجمالي العالمي.

وتشير الحقائق أعلاه إلى أن إشارة بعض التقارير إلى أن مشاركة الصادرات النفطية المكررة لا يزيد في المملكة عن نسبة 9.0 % هو حكم غير عادل على القطاع النفطي السعودي، لأن هذه النسبة التي يراها البعض قليلة إنما هي تمثل المرتبة الثانية عالميا في إجمالي الصادرات العالمية من المنتجات النفطية.. بل إن المملكة رغم أنها تعد في مصاف الدول غير الصناعية المتقدمة، إلا أن طاقات تكرير النفط لديها تساهم بنسبة 2.3 % في إجمالي الطاقات العالمية.. إلا أن هذه النسبة أيضا لا ينظر إليها كقيمة مطلقة، لأنه رغم ضآلتها فإن المملكة تحتل المرتبة التاسعة عالميا في طاقات التكرير، وذلك فيما بين دول متقدمة صناعيا.. لذلك، فإن الوضع الحالي لصناعة التكرير يبدو متميزا بالمملكة، إلا أنها مؤهلة للمزيد لكي تصبح قلعة التكرير للنفط على المستوى العالمي.

الرؤية الاستراتيجية للمدن الاقتصادية.. صناعات الطاقة

من أهم القرارات الاقتصادية التي صُنعت خلال السنوات الأخيرة هي ارتكاز رؤية المدن الاقتصادية الجديدة على التميز النسبي للمملكة في موارد النفط والخام. وهذا التوجه يمثل استعادة للنهج الاقتصادي الصحيح، فبعد فترة من السعي على التركيز على التصنيع في مجالات لا تمتلك فيها المملكة ميزة نسبية أو تنافسية.. فحتى من يثيرون قضية المورد النفطي الأوحد يثيرونها بطريقة خاطئة، من حيث إن الخروج عن نطاق الوقود الأحفوري كمورد وحيد لا يعني أن تبحث المملكة عن مجالات تصنيعية لا تمتلك فيها قدرات تنافسية، فالطريق الأمثل لبناء القدرات التصنيعية هو الانطلاق من مجالات تمتلك فيها المملكة قدرات تنافسية عالية، وهذه القدرات لا تتأتى إلا من خلال امتلاك مزايا نسبية فيها.. والمملكة تعتبر المنتج والحاضن الأعلى والأول لموارد النفط والغاز الطبيعي.. لذلك، فإن قيام المدن الاقتصادية على صناعات الطاقة يعد من الأهمية بمكان لإنجاح النطاق التصنيعي للمملكة.

المملكة مؤهلة للمرتبة

الأولى عالميا في التكرير والتصنيع النفطي

مستقبل التنمية المستدامة للمملكة يسير في اتجاه السعي للحصول على التميز في استخراج وتكرير وتصنيع النفط.. إلا أنه رغم المراتب المتقدمة للمملكة في احتياطيات وإنتاج النفط والغاز، فإن المملكة أصبحت تحتل مرتبة متقدمة في استهلاك النفط والغاز الطبيعي للوفاء باحتياجاتها المحلية، وهذه الاحتياجات تتطلب كفاءة عالية لاستغلالها الاستغلال الأمثل.. أضف على ذلك، فإن استخراج النفط وتصنيعه يعتبر كثيف لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.. لذلك، فإن كفاءة التشغيل والتصنيع لاستغلال النفط والغاز يعتبر تحديا من أهم التحديات التي تواجه التنمية المستدامة لمصادر الطاقة السعودية.

عمليات التحول ما بين موارد النفط والغاز

بزغت عمليات تحول متعددة مؤخراً، حسب طبيعة المورد المتاح بالدول، فبعض الدول بدأت تحول نفطها لغاز، وأخرى تحول غازها لنفط.. فضلا عن الاتجاه الرئيسي للتحول هو تحويل النفط إلى منتجات نفطية.. فعلى المستوى العالمي تبدو عمليات التحويل سائرة بقوة في اتجاه التحول من المنتجات الهيدروكربونية (النفطية) التي تتسبب في انبعاثات شديدة، إلى منتجات غازية أكثر لطفا مع البيئة.. وتشير الإحصاءات العالمية إلى أن حجم النفط الخام المحول وصل خلال 2010م إلى حوالي 156 مليون طن معادل، وهو ما تم تحويله إلى 179 مليون طن معادل من منتجات نفطية.. ولا توجد إحصاءات دقيقة فيما يتعلق بالتحول إلى غاز من عدمه.

ارتفاع الطلب على الغاز للاحتياجات المحلية بالمملكة

يسجل الغاز ارتفاعا في الطلب العالمي، كما أن هناك ارتفاعاً مستمراً في الطلب المحلي عليه لأغراض النقل والتصنيع والمنزلي وتوليد الكهرباء..وتشير التوقعات إلى أن الطلب على الغاز الطبيعي لأغراض توليد الكهرباء سيرتفع كثيرا خلال العشرين عاما المقبلة، لأن الغاز يعتبر أقل انبعاثا لثاني أكسيد الكربون.. لذلك، فإن خيار تحويل النفط إلى غاز هو خيار استراتيجي قد يزيد من كفاءة استغلال الموارد النفطية بالمملكة، وذلك لسببين:

الأول: المساعدة في توليد الطاقة الكهربائية لمواجهة الاحتياجات المتزايدة في عدد السكان التي تشهدها والمشروعات العملاقة من أجل النهوض بالبنى الاقتصادية والتنموية.

الثاني: أنه خيار بيئي مقبول لتقليص حجم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ومن ثم تحسين البيئة المحلية.

ماذا تحتاج المملكة للاستحواذ على المرتبة الأولى عالميا في التصنيع النفطي

تحتاج لشيء واحد وهام هو جمع المجهودات الكبيرة والهائلة التي تبذلها الجهات الرسمية وغير الرسمية العديدة في استهدافها للتصنيع في مجالات لا تمتلك فيها المملكة تميزا نسبيا.. والتميز النسبي هو الأهم وهو المولد للقدرات التنافسية. اليوم تعج البيئة العالمية بمنتجات صناعية لدول تمتلك الخبرات والكفاءات في التصنيع، ويصعب منافستها فيها، فلماذا نتطرق إلى الصعب، ولدينا مجال تميز نسبي وتنافسي، وهو مجالات الطاقة.. البعض يتحدث عن التلوث والانبعاثات، ولكن التحول إلى التركيز على الغاز يعتبر أحد الحلول لتقليص هذه الانبعاثات.. لذلك، فإن الأصوب هو بناء هوية تصنيع نفطي للمملكة.. وتجهيز وتهيئة البيئة لانطلاقات قوية للمستثمرين المحليين والأجانب في هذا المجال، فأسعار الغاز والنفط لا تزال أرخص كثيرا عنها بالدول الأخرى، ويستطيع أي مُصنع سعودي أن يستفيد من هذه الميزة الهامة في دعم قدراته على اختراق الأسواق الخارجية.. ويمكن على سبيل المثال أن يتم توجيه القروض والتسهيلات الحكومية والدعم اللوجستي من الحكومة ناحية التصنيع النفطي.

مستشار اقتصادي

Dr.hasanamin@yahoo.com

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة