Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 18/03/2013 Issue 14781 14781 الأثنين 06 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

في مساء يوم السبت الثامن عشر من هذا الشهر (جمادى الأولى)، الموافق للثلاثين من شهر مارس، يرعى - بمشيئة الله وتوفيقه - صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، وَليُّ العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء،

وزير الدفاع، حفل منح جائزة الملك فيصل العالمية للفائزين بها؛ نيابة عن خادم الحرمين الشريفين. وفي تلك المناسبة السنوية المبهجة يَتشرَّف بتلك الرعاية المسؤولون في مؤسسة الملك فيصل الخيرية وعلى رأسهم مديرها العام، رئيس هيئة الجائزة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، كما يسعدون بتلبية دعوة من دُعوا إلى الحفل ومشاركتهم بهجته.

لقد أدرك أولاد الملك فيصل، رحمه الله، بالفكر السليم أن في طليعة ما تقاس به عظمة الأمم هو مواقفها الإنسانية من أعمال الخير المفيدة للبشرية، المُسهِمة في تَقدُّمها ورُقيِّها.

ووعوا حَقَّ الوعي أن تاريخ أُمَّتنا المسلمة؛ عرباً وغير عرب، شهد مواقف جليلة بلورتها بجلاء أعمال خَيِّرة نافعة لبني الإنسان.

وبوحي من عبق ذلك التاريخ قاموا بإنشاء مؤسسة الملك فيصل الخيرية؛ مؤسسةً ذات منظور عالمي يهدف إلى الإسهام في نفع البشرية ورُقيِّها.

وفي طليعة أهدافها تقدير العمل الخيري؛ أداء وممارسة، وتكريم الباحثين والعلماء في المجالات العلمية المختلفة النافعة المُسهِمة في تَقدُّم الإنسانية ونفعها.

وكان إنشاء مؤسسة الملك فيصل الخيرية في عام 1396هـ/1976م.

ولم تمضِ سنة واحدة على إنشائها حتى قَرَّر مجلس أمنائها الكرام إنشاء جائزة عالمية باسم أبيهم الراحل، الملك فيصل؛ هي جائزة الملك فيصل العالمية.

وكُوِّنت للجائزة أمانة عامة، كما وُضِع لها نظام تسير وفقه على ما يؤمل من نجاح.

وقد بدأت الجائزة بثلاثة فروع هي: خدمة الإسلام، والدراسات الإسلامية، والأدب العربي - وقد وُسِّع هذا الفرع، فيما بعد، ليشمل اللغة العربية، فأصبحت جائزة تُسمى جائزة اللغة العربية والأدب.

وبدأ منحها في هذه الفروع الثلاثة عام 1399هـ/1979م.

ولبلورة المنظور العالمي للمؤسسة أكثر فأكثر قَرَّر مجلس أمنائها - بعد عامين من ذلك التاريخ - إضافة فرعين إلى فروع الجائزة الثلاثة؛ أحدهما في الطب والآخر في العلوم.

وتُمنَح جائزة الملك فيصل العالمية في خدمة الإسلام لمن قَدَّم خدمة للإسلام والمسلمين؛ دعوة حكيمة حسنة، وفكراً دينيًّا نَيِّراً، أو عملاً مُتميِّزاً نافعاً لوطن من أوطان الأُمَّة الإسلامية.

وتَتكوَّن لجنة الاختيار لهذا الفرع من مُمثِّلي مؤسسات إسلامية وفقيهين جليلين من بلدين إسلاميين مختلفين.

أما الفروع الأربعة الأخرى؛ وهي فروع تُمنَح لإنجازات علمية رائدة، فَتُمنَح الجائزة في كُلٍّ منها للرُّواد في ميدانها وفق الموضوع المعلن لكلِّ جائزة كل عام.

ولجنة الاختيار هي التي تُحدِّد الموضوع في ضوء ما تراه من إنجاز رائد في الساحة العلمية.

وتَتكوَّن من أعضاء مُتخصِّصين أغلبهم في التَّخصُّص الدقيق للموضوع المُرشَّح له.

وأعضاء لجان الاختيار العلمية غير دائمين؛ بل يَتغيَّرون وفق الموضوع المعلن عن الترشيح فيه كل سنة.

ولا بد أن يأتي الترشيح مُبرَّراً من جهة علمية؛ لا أن يكون فردياً أو من أحزاب سياسية.

وينظر في الأعمال المُرشِّحة نظرة أوَّلية خبراء مُتخصِّصون لِيُستبَعد منها ما ليس داخلاً في الموضوع المعلن.

ثم تُبعَث الأعمال المستكملة لشروط الترشيح إلى حكام مُتخصِّصين في دول مختلفة لا يعلم أحدهم عن الآخر، وتُدرَس من قِبَل كُلِّ واحد منهم على حدة في غضون ثلاثة أشهر.

فإذا أتت تقاريرهم إلى الأمانة العامة للجائزة دُعِيت لجان الاختيار المختصة لتأمُّلهـا للوصول إلى قرارهـا، الذي هو الفصل في منح الجائزة أو حجبها.

ولقد كانت إضافة فرعي الطب والعلوم إلى فروع الجائزة مما عَمَّق صفتها العالمية، وأكسبها مزيداً من الشهرة والنجاح حتى صَنَّفها المؤتمر الدولي للجوائز المُتميِّزة واحدة من أكثر الجوائز العالمية رفعة، وأصبحت مُؤشِّراً قَويًّا لاحتمال حصول الفائزين بها على جائزة نوبل أو ما يضاهيها من جوائز عالمية أخرى.

ولَعلَّ مما يَدلُّ على ذلك أنها حَقَّقت ريادة واضحة في تكريم نوابغ من العلماء والباحثين، الذين كانت أعمالهم الرائعة نقطة انطلاق في تَقدُّم الإنسانية ورُقيِّها العلمي والتقني.

فقد حصل خمسة عشر فائزاً، أو فائزة، بها في فرعي الطب والعلوم - بعد فوزهم بها - على جائزة نوبل لنفس الإنجازات العلمية الرائدة التي فازوا بها بجائزة الملك فيصل العالمية، كما فاز آخرون غيرهم من الفائزين بها بجوائز مضاهية لنوبل مكانة ورفعة؛ مثل جائزة لاسكار الأمريكية الشهيرة في الطب، والميدالية الوطنية للعلوم؛ وهي أرفع تقدير علمي في أمريكا وتُسمَّى نوبل الأمريكية، ويُسلِّمها الرئيس الأمريكي نفسه للفائز، أو الفائزة، بها في حفل مهيب بالبيت الأبيض.

ووصول جائزة الملك فيصل العالمية إلى ما وصلت من نجاح ومكانة عائد - بالدرجة الأولى - إلى توفيق من الله، ثم إلى حرص من أنشأوها على حيادها، كما يعود إلى الجهود المشكورة للمؤسسات العلمية؛ جامعات ومراكز بحوث، في ترشيح من يستحقون الترشيح لها، وإلى عناية من يُحكِّمون الأعمال المُرشَّحة، وإلى لجان الاختيار المختصة المبرهنة على كفاءتها للقيام بالمَهمَّة التي تقوم بها خير قيام.

ولقد فـاز بجائزة الملك فيصل العالمية بفروعها الخمسة حتى الآن 229 فائزا أو فائزة من 41 دولة في العالم: في خدمة الإسلام 41 من 21 دولة؛ وضمن هذا العدد خمس مؤسسات خيرية، وفي الدراسات الإسلامية 33 من 14 دولة، وفي اللغة العربية والأدب 45 من 13 دولة؛ وضمن هذا العدد مؤسسة علمية واحدة؛ هي مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وفي الطب 61 من 11 دولة، وفي العلوم 49 من 11 دولة.

ولكل فائز، أو فائزة، بجائزة الملك فيصل العالمية؛ فرداً أو مؤسسة، ريادة خاصة مُتميِّزة في إنجاز الكثير مما ينفع الناس ويمكث في الأرض؛ مُؤثِّراً تأثيراً بليغاً نافعاً في مجاله؛ خَيريًّا أو مَعرفيًّا، ومُثرياً المعرفة الإنسانية العامة، ومُعمِّقاً للمعرفة المُتخصِّصة الدقيقة.

وكل ريادة لفائز أو فائزة أو مؤسسة جديرة بالحديث عنها.

غير أن حَيِّز المقالة في هذه الصحيفة الغراء لا يتيح - بطبيعة الحال - ذكر إلا ما ورد فيها بمثل ما ذكر من اختصار على أمل أن يُذكَر في حلقات قادمة شيء أكثر تفصيلاً - في بعض الجوانب - عن فائزين أو فائزات؛ أفراداً أو مؤسسات.

والله وَليُّ التوفيق.

جائزة الملك فيصل العالمية ومسيرة ثلث قرن ـ 1 ـ
د.عبد الله الصالح العثيمين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة