Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 20/03/2013 Issue 14783 14783 الاربعاء 08 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

قال صاحبي: أوشك أن اشتري سيارة دفع رباعي كبيرة وقوية، «همر» مثلاً، واعاقب بها كل من تسول له نفسه أن يوقف سيارته أمام باب الكراج أو بوسط الشارع أو يقفز من أقصى يمين الشارع إلى أقصى يساره مروراً بسيارتي، طالما أن المرور لم يعاقبه ولم يتصد له!

ما قاله صاحبي يعبر عما يعتمل في نفسي خصوصاً بعد عودتي من الدراسة

والإقامة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث النظام نظام، والالتزام به حرفي، فيديك، مثلا، يجب أن تكونا على المقود طوال الوقت، وركاب السيارة مرتدين الحزام حتى في المقاعد الخلفية، والأطفال يجلسون على كراس مخصصة لهم، ولا يسمح لهم بالركوب في المقدمة. (قارن ذلك بالحال عندنا: السائق يد على الراديو وأخرى على الجوال، الأطفال يجلسون في أحضان السائق، أو يقفون في فتحة السقف، أو يكادون أن يخرجوا من نوافذ السيارة، أما الأحزمة والمقاعد الخاصة فانسَ!)

لقد استوقفني شرطي المرور الأمريكي مرة لثلاث مخالفات دفعة واحدة، الأولى أنني لم أقف دقيقة على خط الوقوف قبل أن أتجاوزه وأنني لم استخدم إشارة الالتفاف لانتقل من الشارع الفرعي إلى الرئيسي وأنني لم التفت إلى اليمين والشمال قبل أن التف. هذا على الرغم من أن الوقت كان متأخراً والشوارع خالية ولم يوجد فيها غير حضرته وأنني بالفعل وقفت وناظرت (بعيني بدون التفاف الرأس) لأتأكد من خلو الشارع.

شكوت حالنا هنا بعد عودتي لصديقي الأستاذ علي الحسون، رئيس تحرير البلاد، وسألته عن سر تدهور الأوضاع المرورية خلال السنوات الخمس الماضية فرد ضاحكا: «لم يتغير شيء، أنت تغيرت!»

أيعقل أن تكون كل رحلة لك في شوارع أي مدينة أو قرية في بلادنا كقطار الموت في ملاهي الأطفال؟ رفع ضغط وخفقان وتوتر يقترب من الجلطة؟ من أعطى الحق لسيارات الليموزين وأتوبيسات النقل العام الصغيرة (خط البلدة) أن تتوقف فجأة في أي مكان حتى ولو كان خطا سريعا لالتقاط الزباين، مع وقت مستقطع للتفاوض أو ادخال المقاضي والشنط؟ كيف يسمح لسيارات الجمس بوند أن تتقافز بين المسارات وتدخل بين السيارات وتتجاوز الطوابير وتقفز الأرصفة ثم تقف بعرض إشارة المرور أو حتى تتجاوزها بدون أن يلاحظها فضلا عن أن تستوقفها سيارة مرور؟ كيف نسمح بوقوف السيارات في كل مكان لا يفترض أن تقف فيه، من المنحنيات، لوسط الشارع، لأمام البوابات، لوراء سيارتك الواقفة «صح»!

أعرف أن «ساهر» يخطئ أحيانا ويبالغ أخرى، خاصة في مضاعفة العقوبة حتى ولو لم يبلغ صاحب السيارة بالخطأ الذي قد يحصل منه أو من سائق أي سيارة يملكها، لكن النظام على أخطائه نجح في كبح جماح المتهورين على الطرق السريعة، وتخفيض نسبة ضحايا الحوادث التي بلغ المراتب الأولى في العالم (ربما تعويضا عن فشل المنتخب والخطوط السعودية والجامعات في تصدر قوائم النجاح فضلا عن قوائم التفوق).

ورغم أن جيبي يتألم لما سأقوله إلا أنني أطالب بشدة بتعميم كاميرات ساهر على كل الشوارع صغيرها وكبيرها، بطيئها وسريعها، ليعاقب على أشكال وأحوال القيادة غير الآمنة، وتقنين الترخيص لسائقي النقل العام بشروط مشددة وتدريب عال. وأطالب بأن نفرض على الجميع الحصول على دورات القيادة الآمنة التي تقدمها اليوم بعض الجمعيات المتخصصة برعاية شركات تؤدي دورها في إطار المسؤولية الاجتماعية، فأرواحنا وممتلكاتنا تستحق أن نضحي من أجلها بغرامات لمخالفات غالبنا ارتكبناها، فالإنسان (ما يتربى إلا من كيسه)، وكل نصائح وإرشادات المرور، وكل حملات التوعية لن تنجح كما تنجح العقوبات «الموجعة»، إذ إن الله «يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن» ومن «أمن العقوبة أساء الأدب».

kbatarfi@gmail.com

فوضى المرور.. مطلوب المزيد من «ساهر»!
د. خالد محمد باطرفي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة