Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 21/03/2013 Issue 14784 14784 الخميس 09 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

نحن نغضب دائماً، وتتوتر أعصابنا بسبب الاختناقات المرورية في التقاطعات، لكننا نضع أعصابنا في ثلاجة عندما تتكرر أمام أعيننا المشاهد المؤلمة لظاهرة تسول الأطفال في التقاطعات المرورية، ونغضب أشد الغضب لمنظر امرأة تتسول، ولا نغضب لمنظر طفل لا يرتدي حذاءً،

نستصعب تسديد ما بذمتنا من ديون، ونستكثر دفع الحد الأدنى لمن يستحق المساعدة من الفقراء والمحتاجين، لكننا نستسهل دفع الرشوة لمن يطلب منا ذلك، من دون أن نحتج أو نغضب أو نرفض، نتمادى في عرقلة سير المركبات، وربما نجبرها على تغيير مسارها، أو نمنعها من الحركة حتى لو كانت المركبة سيارة إسعاف تنقل مصابا إلى المستشفى، أو عربة إطفاء في سباق مع الزمن لإخماد النيران المشتعلة وسط الحي، نعيش في عصر يهتم فيه بعض أصحاب المواقع العليا بمظهرهم لا بجوهرهم، فنراهم كيف يتلاعبون بتضاريس وجوههم، يضعون الأقنعة التنكرية لتغطية ملامحهم الحقيقية، يتخذون ماكياج الوقار الزائف كبطاقات ترانزيت لعبور بوابات النصب والاحتيال، أو لاستغلال سذاجة الناس وطيبتهم، تمهيداً لتحقيق مآربهم الدنيوية، ونيل المناصب والدرجات الرفيعة، فانحصرت أدوات التظاهر بترديد بعض العبارات المشفرة، والكلمات المنمقة، وإظهار الشدة والصلابة المفتعلة وقت الضرورة ووقت الحاجة، والتمسك بالقشور إلى درجة المبالغة في استعراض صور نمطية منسوخة من قوالب كاريكاتيرية متناظرة، حتى صار من المألوف مشاهدة الكثير من هذه النماذج المتخشبة، من الذين أساءوا للناس وللحياة بحركاتهم المصطنعة وكلامهم البغيض، نحتل موقع الصدارة بين أقطار كوكب الأرض في استيراد هذا الكم الهائل من أجهزة الهواتف النقالة بشريحة أو بشريحتين، بعدسة أو بعدستين من باب التباهي والوجاهة والإسراف، فانشغلنا بهواتفنا من الصباح إلى المساء، وتعالت جدران العزلة بيننا، ولم نعد نتحدث مع بعضنا البعض حتى تحت سقف الأسرة التي تجمعنا، استوردنا من السيارات الحديثة فوق طاقة شوارعنا الاستيعابية، حتى تكدست عندنا بأعداد وأحجام وموديلات لا تخطر على بال الجن الأزرق، لكننا لم نفكر في يوم من الأيام ببناء معمل واحد لإنتاج قطع الغيار، ولم نخطط لتصنيع بعض الأجزاء الصغيرة في السيارة كالمصابيح والإكسسوارات الخارجية والمقاعد الداخلية، عندما نسافر خارج البلاد نتصرف وكأننا ملائكة غادرت أسوار المدينة الفاضلة لنعلن للعالم عن التزامنا الروحي والأخلاقي بالأعراف والأنظمة والقوانين المرعية في البلدان التي نزورها، لكننا سرعان ما ننقلب على أنفسنا ونعلن تمردنا على كل الأعراف والتقاليد والأنظمة حالما نعود إلى بلادنا، فنلجأ إلى ممارسة هواياتنا الفوضوية في البيت والسوق ومكان العمل، ويحلو لبعضنا العودة إلى العصور البدائية فيلتصرف وفي الأخلاق والسلوك، ليس المهم ما نحمله من ذكاء ومواهب ومهارات ومؤهلات وقدرات علمية وإدارية ومهنية حتى نتبوأ المراكز التي تليق بمؤهلاتنا الأكاديمية والمهنية، المهم هو كيف نستفيد من ذكائنا في التسلل إلى أفكار جهنمية جديدة نقفز بها نحو الغاية والمراد لنتغلب على من هم أكفأ منا وأقدر وأقدم وأكثر إبداعاً وإنتاجية، فالغاية تبرر الوسيلة في معظم حاجاتنا وتطلعاتنا، وبات باستطاعتنا تحقيق المزيد من الكسب والربح وفق قفزات بهلوانية وحركات زئبقية، إنها التناقضات العجيبة الصارخة والازدواجية الرمادية المخيفة في القول والعمل والتمظهر، اجتاحتنا مثل هبة ريح عاتية جافة وقاسية وليس بها ندى ولا هواء عليل.



ramadanalanezi@hotmail.com
ramadanjready @

تناقضات صارخة!
رمضان جريدي العنزي

رمضان جريدي العنزي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة