Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 24/03/2013 Issue 14787 14787 الأحد 12 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

محليــات

في منتصف القرن الميلادي الماضي وضع العالِم النفسي ألبرت إليس قائمة ببعض المعتقدات غير المنطقية أو اللاعقلانية. هذا الطبيب النفسي قام بتأسيس منهج أو مدرسة نفسية اسمها العلاج السلوكي العقلاني الانفعالي، وله إسهامات كبيرة أخرى في العلاج النفسي، أحدثت ثورة في هذا المجال، وكان يُصنَّف بأنه ثاني أهم طبيب نفسي في التاريخ بعد كارل روجرز، وأتى العالم الشهير فرويد في المرتبة الثالثة.

ومدرسة العقلانية التي أنشأها إليس هي من أهم ما عُرِف به، والقائمة المذكورة في الأعلى تحوي خمسة عشر اعتقاداً فاسداً وخاطئاً يعتنقها الكثير من الناس، وتخالف العقل والصواب. وهذه الاعتقادات تسبِّب الكثير من الآلام والانفعالات لمن يؤمن بها حسب قوة الإيمان بها، أما إذا كان الاعتقاد شديد القوة فهي تسبب مشاكل نفسية؛ تتطلب عناية وعلاجاً.

ولفت انتباهي في هذه القائمة سهولة أن يقع الشخص ضحية لها؛ فالاعتقادات شديدة الانتشار رغم عدم صحتها، وحتى الأذكياء وأصحاب التفكير المنطقي والعقلاني يمكن أن يؤمنوا بالكثير من هذه الأفكار.

لنبدأ مثلاً بأولى هذه الأفكار غير المنطقية، التي تسبب الكثير من الألم للناس. أول فكرة لا عقلانية هي اعتقاد أنه من حقك أن تحصل على الحب والموافقة والإقرار من كل الناس الذين حولك، وهذه من أشدها شيوعاً؛ فالكثير من الناس إذا شعر بأن هناك من لا يحبه أو يستثقله أزعجه هذا وآلمه، وأخذ يحاول تحبيب نفسه لهؤلاء، أو يضع اللوم عليهم، أو يحاول تغيير نفسه؛ ليكون الناس أكثر تقبلاً له! وأنا لا أتكلم عن تغيير الخصال السلبية؛ فهذه تستحق التغيير ولا شك، ولكن أتحدث عموماً عن صفات الشخص ونظرة الناس له.

هذه الفكرة لا شك أنها غير عقلانية؛ فَرِضا الناس غاية لا تُدرك، ولا يوجد شخص يُجمِع الكل على حبه ولو حوى من الصفات أكملها، ومن يَعِشْ ليُرضي الناس فلن يبقى له طاقة ولا وقت ليعيش حياته، التي ستكون مُكرَّسة لإرضاء الغير، ولاسيما أن الاستغراق في هذا الأمر قد يأتي بنتيجة عكسية؛ فيضطر الشخص للمداهنة والتصنُّع؛ ليرضي الناس، فيرون هذا ويزدادون نفوراً منه.

وهناك مفارقة يمكن أن تأتي من هذا الأمر، هي أنه لو افترضنا أن الشخص غيَّر الكثير من الأشياء في نفسه؛ ليحوز رضا الناس، فقد يكره نفسه إذا أجمعوا على حبه؛ ذلك أنه صار مثل الحرباء الآن؛ يتلون حسب الشخص الذي أمامه، ويتأمل هذا الشخص نفسه فلا يجد إلا منافقاً متزلفاً، يحبه الناس، لكنه يحتقر نفسه وما آل إليه.

ومن الاعتقادات الأخرى في هذه القائمة فكرة أن الناس أشرار إذا بدر منهم سوءُ خُلُق أو فظاظة، وهي فكرة متعلقة بما قبلها، وهذه أيضاً شائعة جداً، لم يسلم منها أحد، وهي في الحقيقة -إضافة للأولى - من أصعب الخصال تركاً، وهذه الأخيرة لا عقلانية؛ لأن البشر ليسوا كاملين؛ ودائماً تصدر منا أفعال، لكنها لا تعبِّر فعلاً عنا، ولاسيما أن سبب هذه الأفعال قد يكون الجهل، مثل شخص تتبسم في وجهه فيظل وجهه مقطباً؛ لا لأنه يريد أن يُغضبك لكن لأنه لم يكتسب ثقافة الابتسامة في نشأته، أو شخص يمر ولا يُسلِّم؛ لأن باله مشغول أو مهموم، وغير ذلك من أفعال.. هل تبدو هذه مألوفة لكم؟ هل هاتان الفكرتان اللاعقلانيتان مما يعتنقه القارئ؟

Twitter: @i_alammar

الحديقة
أفكار غير منطقية
إبراهيم عبد الله العمار

إبراهيم عبد الله العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة