Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 28/03/2013 Issue 14791 14791 الخميس 16 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

محليــات

كثيرا ما نسمع عن من يقارن الثورات العربية بالثورة الفرنسية، ويتناسى هؤلاء أن ثورة فرنسا سبقتها ثورة فكرية كبرى، كان فولتير، وروسو، وديدرو، وغيرهم هم صناعها، وكانت ثورة على الفكر التقليدي، فكر الإقطاعية والكنيسة، ولذا فإن الشعب الفرنسي إبان ثورته كان قد وصل إلى مرحلة متقدمة من الوعي، بعد أن ضاق ذرعا بثقافة المطران لوكلير، وغيره من القساوسة المتحالفين مع الإقطاعيين، ومع كل ذلك فإن الثورة الفرنسية استغرقت وقتا طويلا قبل أن تصبح فرنسا دولة الحقوق والمؤسسات التي نراها اليوم، فهل هناك بصيص أمل بأن تتحول ثورات العرب إلى مثل ذلك، ولو بعد سنوات؟!.

إن من يتابع ما يجري في تونس ومصر وليبيا يلحظ أن إفرازات الثورة كانت شبيهة إلى حد كبير بفكر ما قبل الثورة، فالغلبة كانت لأصحاب الصوت العالي، والفكر التقليدي القديم، فمن وصل للسلطة انقلب على كل القيم الديمقراطية التي أوصلته لها، فلا يريد لصوت أن يعلو على صوته، ولا يحتمل القليل من النقد، ناهيك عن أن يسمح لأحد من خارج عباءته أن يشاركه في السلطة، ثم تطورت الأمور - في مصر على سبيل المثال- إلى محاولة فرض الأمر الواقع بالقوة، حتى بدا الأمر وكأن دكتاتورية جديدة حلت محل الديكتاتورية القديمة، أو بالأصح تم إحلال دكتاتورية الجماعة محل الدكتاتورية الفردية، ومن يقول بغير ذلك فهو لا يرى الواقع كما هو، بل كما يريده أن يكون، وهؤلاء هم الذين ينظرون للأمر من منظار ايديولوجي بحت خارج إطار الفلسفة الديمقراطية.

ثمة نقطة مهمة للغاية تتعلق بالظروف المحيطة بالثورات، ففرنسا حينما قامت ثورتها كانت دولة كبرى، يبحث شعبها عن الحرية والعدالة والمساواة، في ظل ظروف عصيبة كانت تعيشها أوروبا كلها تحت سلطة الكنيسة، وحلفائها الإقطاعيين، أما دول الثورات العربية فهي دول إقليمية ترتبط ارتباطا وثيقا باتفاقات مكبلة مع الكثير من القوى العالمية الكبرى، كما هو حال مصر وتونس وليبيا حاليا، ومن الصعوبة تصور قيام ديمقراطية حقيقية في هذه البلدان، وغيرها من بلدان العالم الثالث، ما لم تسمح بذلك القوى الكبرى، وكل الدلائل تشير إلى أن الحراك الديمقراطي الحر في هذه المنطقة الملتهبة من العالم لا يخدم مصالح تلك القوى، حسب رأي الكثير من المراقبين، فهل يصح بعد هذا أن تقارن ثورات العرب بالثورة الفرنسية؟!.

وختاما، لا أحد يستطيع الزعم بأن الشعب - أي شعب- غير جاهز للديمقراطية بمفهومها الشامل، ولكن إذا كنا نتحدث عن الديمقراطية الحقيقية، أي الديمقراطية التي يفترض أن تؤسس لدولة الحقوق والمؤسسات، فإن أهم اشتراطاتها هو «الوعي»، وهذا ما تفتقده الثورات العربية.

ahmad.alfarraj@hotmail.com
تويتر @alfarraj2

بعد آخر
ثورات العرب.. وثورة فرنسا!
د. أحمد الفراج

د. أحمد الفراج

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة