Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 03/04/2013 Issue 14797 14797 الاربعاء 22 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

يعنى مقال اليوم باستكمال موضوع الأسبوع الماضي الذي عنى بتحليل واقع الدولة الريعية في محاولة قراءة الإطار الموضوعي الذي تتحدد داخل شروطه وبالتفاعل معها مواقع النساء في المجتمع المعني.

ويتضح بقراءة واقع النساء في إطار المعطيات الموضوعية والقوام الذاتي للدولة الريعية أنه كما يوجد متلازمات تشكل علامة فارقة للدولة الريعية بمنطقة الخليج، فإن هناك متلازمات لواقع النساء ولموقعهن النسقي عليه ولخارطة الحراك النسوي أو المراوحة أو التحولات فيه.

فبقدر ما فشلت أو نجحت الدولة الريعية في مواجهة تحديات تأسيس هوية وطنية بمعناها السيادي القانوني وبمعناها الثقافي والسياسي, وفي خلق لحمة وطنية بمعناها التعددي والعدلي وبقدر ما ترددت أو راوحت أو تقدمت في خلق أطر للمشاركة السياسية بقدر ما تحول موقع النساء إلى مرآة متشظية تارة ومقعرة أو محدبة تارة أخرى لهذا الفشل أو النجاح. وعلى الجانب الآخر لا بد من الإقرار بأن واقع النساء يعد مقياسا لفشل أو نجاح الدولة الريعية في مواجهة تحدي التحولات مع الحفاظ على الطبيعة التقليدية للسلطة. لذلك لم يكن من بد أن يتخذ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بذكاء وقاد وبخبرة تراكمية في احتواء استحقاقات التحولات وتبييئها داخل الخطاب السعودي المحافظ قرارا بإدخال المرأة إلى مجلس الشورى المعين وقراراً آخر يقضي بمشاركتها في المجالس البلدية المنتخبة. على أن هذا التحرك لم يغفل ربط كل من القرارين ليس بالإرادة السياسية وحدها وليس بمقتضيات الاستجابة لمطالب شعبية أو نسوية بل أيضاً برأي علماء الدين وبالاستشهاد بقراءة فقهية “مستنيرة” لاستشارة الرسول صلى الله عليه وسلم لأم سلمة. مع ملاحظة أن تلك الإشارة وإن بدت تقدما على الخطاب الديني السعودي المتشدد عادة تجاه المرأة فهي لم تخرج عن حياض التأكيد.

ولهذا فبمثل هذه القرارت مع تقدير إرادة المجتمع في الإصلاح والتقدم بشجاعة لمسابقة رياح التحولات الراكضة في المنطقة لأخذ زمام مبادرات تكون بأيدينا ومن اختيارنا الوطني القائم على التوافق التعددي، نقدم قراءة نقدية لعينة من متلازمات واقع النساء في الدولة الريعية لمنطقة الخليج. وهذه بعض النقاط:

متلازمة واقع النساء في الدولة الريعية بالخليج من المثال السعودي:

1 - المرأة مواطن بالنيابة، فمن أول متلازمة موقع النساء في الدولة الريعية بمنطقة الخليج عموما باختلافاتها النسبية وفي المثال السعودي تحديدا هو الأشكلة المستمرة لعلاقتها بالفضاء العام لوطنها بما جعل هوية النساء الوطنية دائما محل شد وجذب وكأنها مشتهى محرم وليس حقا من حقوق الحياة الوطنية الكريمة. ومع أنه من غير الموضوعي مقارنة إشكالية الهوية الوطنية المزمنة التي تواجهها النساء السعوديات مع بعض دول الخليج التي نالت فيها النساء حق التعليم والعمل في وقت مبكر من القرن العشرين ووصلت فيه ثلة من النساء لمناصب متقدمة في السلطات الأربع للدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية والصحافة من مطلع الألفية الثالثة ومن أبرزها التجربة النيابية للمرأة الكويتية على تعثرها، فإن هذا الاختلاف على أهميته لا ينفي الإشكالية التي تواجهها عموم النساء في الدولة الريعية, حين نتحدث عن استحقاقات الهوية الوطنية للنساء. إذ إن عموم النساء لا تزال أمام طائلة النظر إلى هويتها الوطنية من خلال موقعها الأسري كابنة وزوجة وأم، أكثر من النظر إليها كمواطن له ذاته المستقلة في الحقوق والواجبات الوطنية. وفي المملكة العربية السعودية لا تزال المرأة في حياتها اليومية بحاجة إلى معرف خاصة في مثولها الرسمي كمثولها أمام القضاء، ولا يزال استصدار بطاقة هوية وطنية خاصة بها أمر غير ملزم، وإن جاء فيه قرار إيجابي على سعة باله حيث حدد التدرج للوصول إلى الإلزامية بسبع سنوات. هذا مع استمرار حاجة النساء لأذونات من محرم أو لصحبته في كل حركات المرأة وسكناتها من الخروج إلى المدرسة إلى الخروج للعمل، مع العلم أنه ما الحاجة لموافقة الرجل إذا كانت المرأة تتعلم أو تعمل في مؤسسات رسمية أو أهلية ذات صفة اعتبارية علنية لعمل شريف. وفي هذا تختصر الموقف إحدى الباحثات الشابات بالقول: “قد بقيت المرأة السعودية حتى اليوم محتفظة بهويتها التابعة وعلاقتها علاقة غير مباشرة بالدولة وبالقضاء العام بل عبر وسيط موكل أمرها له. وتنعكس أشكال الإنابة عن حضور المراة كمواطنة على شتى مناحي حياتها اليومية لدرجة أنه حتى تاريخها يحكي نيابة عنها”.

2 - حجب ولاية المرأة على نفسها. فالمرأة أياً بلغت من العمر أو العلم تظل قاصراً أو دون سن الرشد ولا تمكن من الوصاية على نفسها من أبسط القرارات الشخصية إلى القرارات التي تخص عملها في منصب أو موقع عمل بسيط. وإذا كان في الثقافة التقليدية الشفهية ما كان يعزز من هذا الموقف فإن التعليم في ظل الرخاء الريعي لم يمح الأمية الحقوقية ولا الأحادية الفقهية لإعادة النظر في مثل هذا الموقف بل على العكس من ذلك فقد جرى مأسسة مثل هذا الموقف في حجب ولاية المرأة على نفسها وتعطيل صلاحيتها على اتخاذ قرار مستقل حتى في شؤون العمل الذي تتولاه من خلال إيجاد متوازيات لكل إدارة من إدارات العمل بحيث لا تمكن النساء من عمل دون رعاية أو إشراف ذكوري وصائي.

3 - ربط التمكين بالحظوة الريعية وبالتواكل على الدولة. وهذا مشترك بين النساء والرجال معا في الدولة الريعية بالخليج وبالسعودية حيث الكل يمني النفس بحراك اجتماعي يأتيه من حيث لا يحتسب بدون أي جهد إنتاجي وما أزمة سوق المناخ أو سقوط الأسهم المريع إلا نتيجة هذه المرهانات في مناخ ما يبدو رخاء عاماً نتيجة المداخيل الريعية للدولة. هذا بالإضافة للاعتماد المفرط على الدولة وكان هناك شعور عام على ضرورة مبادلة الولاء بالخدمات والأعطيات الحكومية.

4 - ضعف حظ النساء من المداخيل الريعية. فإذا كان عموم النساء في السعودية بما فيهن إلى حد بعيد نساء النخب لا يحظين من ميزانيات التنمية الرخائية إلا على حصص متواضعة في مرافق التعليم والعمل ومرافق الرياضة بل وفي خدمات الفضاء العام بما فيها فرص الاستثمار والقروض. فإنه لا بد من طرح السؤال، هل تخول الهوية الوطنية لعموم النساء الحصول على استحقاقات مالية عادلة تعادل على الأقل ما يحصل عليه المواطن الخليجي؟ ما هو نصيب نساء الخليج في الدولة الريعية من كعكة البترول وهل هو نصيب يتفق مع نسبة النساء السكانية ومع عدد ساعات العمل التي يعملها عموم النساء داخل أو خارج البيت أو في الفضائين معا بالليل والنهار؟ وهذا ليس سؤالاً اقتصادياً وحسب؟!

هذا وعلى أمل أن هذه المحاولة لقراءة واقع النساء نفي الدولة الريعية تكون نواة ليكون سؤال المساواة في السراء والضراء على أرض الوطن وعلى موارده وفي شركات الفكر والسياسة والاقتصاد من الأسئلة التي نحسن بها إدارة دفة التحولات في اتجاه يجمع بين نعمة الاستقرار والتغير معا. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

Fowziyaat@hotmail.com
Twitter: F@abukhalid

واقع النساء في الدولة الريعية
د.فوزية عبدالله أبو خالد

د.فوزية عبدالله أبو خالد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة