النصب التذكاري هو عبارة عن بناء ميداني، قد يكون شكلاً هندسياً، شُيّد لتخليد ذكرى حقبة معينة، أو حادثة، مثل انتصار في معركة، أو تمثال لزعيم، أو لتخليد عالم مفكر.. وساعة مكة المكرمة أحد النصب المنشأة مؤخراً؛ كونها تمثل توقيت العالم الإسلامي، وتشييدها في أطهر بقعة على الأرض له رسائل عدة.لن أخوض في قضية حق الفكرة والملكية لساعة مكة المكرمة،

والشكوى التي تقدم بها الأستاذ نايف مطير العنزي إلى ديوان المظالم، بعد أن نسبت فكرة ساعة مكة المكرمة إلى شخص آخر، إذ تقدم بالفكرة العنزي إلى أمير منطقة مكة المكرمة آنذاك الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز - رحمه الله - في عام 1420 هـ، الذي شكره وأيد فكرته.

وبعيداً عن حق الفكرة ومن تعود له..! فالشيء الوحيد في الأمر الذي لا نختلف عليه هو أن من صممها هندسياً وفنياً هو المهندس ياسين الشوك (فرنسي من أصل فلسطيني)، وُلد بالقدس، وهو مخترع للعديد من الابتكارات، منها ساعة مكة وخط طول مكة هو الوقت وفي نفس السياسة الدولية المنظمة رئيس لحقوق اللاجئين الفلسطينيين 1948م ومركز التبادل الفرنسي العربي، وقد حصل على العديد من الميداليات الرياضية على المستوى العالمي.

اشتغل المهندس الشوك على تكريس الفنون الإسلامية، وربطها بالوقت؛ فقد استعمل الخط العربي والزخرفة النباتية المبنية على أسس هندسية. ولم يتناسَ الشوك النسبة والتناسب في الاتجاهات الأربعة؛ كونه يعلم يقيناً أنها أعلى بناء بالجزيرة العربية؛ فقد كان لكل جهة تصميم وزخرفة مغايرة عن الأخرى. ولم يتوقف عند هذا؛ فقد كان للمنظور والمنظور الآخر حيز في التصميم، فكان للفسيفساء الزجاجية الملونة بُعد جمالي أخّاذ. ولتعدد أنواع الإضاءة وألوانها المتعددة رونق مغاير عن كل إضاءات الدنيا. وللتلاعب بأضواء الليزر خلفية هوليودية منقطعة النظير؛ فقد سُخرت لها أفضل القدرات الهندسية؛ فدامت بكل جدارة تعكس مدى القيم الإسلامية من مفاهيم عدة، الأول هو أن للمسلمين وقت وتاريخ ينتمون إليه، فهم ليسوا تابعين لثقافات أخرى مثل غيرهم. والمفهوم الثاني أن للمسلمين ثقافة وفنوناً يتفاخرون بها بين العالم. والمفهوم الثالث - وهو الأهم - أن المسلمين هم أول من اخترعوا الساعة، فلحقت بهم الأمم الأخرى.