Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 05/04/2013 Issue 14799 14799 الجمعة 24 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

ما إن أنهت أسر الضبان الكريمة فترة بياتها الشتوي الطويل وخرجت من جحورها هربا من حرارتها الشديدة، وطلبا لنسمات عليلة من نسائم الصحاري الشحيحة إلا ووجدت نفسها قسرا أمام مآزق لا فكاك منها بحتمية إزهاق أرواحها البريئة بأيدي النشامى المتربصين والمنتظرين لحظات خروجها على أحر من الجمر، فلم يعد ينفعها التقهقر إلى الجحور التي تزداد سخونة كلما ارتفعت درجات الحرارة وأطل القيظ بشهوره الثقيلة، وتوارى أي أمل ببرودة تلطف الأجواء. ليس أمامها إلا مواجهة أقدارها المحتومة وبأيدي من يطلقون النيران عليها من بنادقهم أو يطاردونها لمحاولة إمساكها باليد كي يتسلوا بها مع أطفالهم، أويستخدمون الماء لإغراق جحورها حتى تخرج هربا من الغرق، أو من يلجأون لتلويث البيئة الصحراوية النقية فيسلطون عوادم السيارات لإجبارها على الخروج، ومع استخدام كل تلك الطرق المتنوعة وعلى مدى سنين طويلة تستغرب وجود ضبان لازالت على قيد الحياة! وكيف أفلتت تلك المخلوقات من سطوة الجلادين؟ وما هي الطرق التي سلكتها لتنجو من قبضة الصيادين الذين لم يغادروا ضبانا كبيرة ولا صغيرة إلا ورصدوها ولا أظنهم تركوها لوجه الله.

تلك الزواحف البريئة من نسل الحياة الفطرية المجني عليها تواجه حرب إبادة جماعية إذ تلقى حتوفها على أيدي الشباب المدجج بالأسلحة والمجهز بكل الوسائل المساعدة لقتل المزيد منها، حيث لا يبقي أبو سروال وفنيلة ولا يذر فيطيح بها فتكاً وقتلاً بلا هوادة وكأنه ميت من الجوع، أو بينه وبين فصيلة الضبان ثأر قديم، وربما يفهم ما يجري من السفاحين أنه يدخل في باب العبث والتسلية والترفيه حتى ولوأدى طيش الشباب لإهلاك الحياة الفطرية عن بكرة أبيها وأمها.

في زمن مضى كان الصيد منضبطا مقننا بضوابط اجتماعية، قد لا يتعدى ما يصيده الفرد أصابع اليد. ربما يدفعهم آنذاك الجوع والحاجة للأكل ولم يكن التفاخر ظاهرا ولا المباهاة بكثرة الصيد حاضرة. في هذا الزمن اختلفت الوسائل والأساليب والأهداف من الصيد بتغير الثقافة والتي نزلت هي الأخرى للحضيض، سمها ماشئت تسلية أوترفيها. أيام من الوناسة وسعة الصدر والمطاردة مع الأصحاب وصيد المئات يؤكل منها القليل ويرمى الباقي على قارعة الطريق. قبل يومين نشرت وسائل الإعلام صورة لسيارة ونيت وفي حوضها الذي امتلأ عن آخره مئات الضبان المقتولة والمحرومة من الحياة بفضل العابثين الذين لم يجدوا من يقول لهم لا أوقفوا عند حدودكم. ما ظنكم هل من صاد هذه الضبان سيأكلها أوسيبيعها أوسيهديها أوسيطبخها على طريقة البروستد والكبسة السعودية وتحمير عكر الضبان ثم تصويرها في مواقع التواصل الاجتماعي وتوزيعها على الأصدقاء والأحباب للفرجة عليها والضحك والاستمتاع أم سيكون مصير هذه الكمية الكبيرة جدا أكياس الزبالة لتخسر الحياة الفطرية المزيد ويكون مصير الضب “زاحف الصحراء” الفناء والانقراض بهذا التعامل الجائر.

الصورة المقززة أثارت استهجان الكثيرين والذين طالبوا الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية بالتدخل السريع لردع مثل هؤلاء قبل أن تتحول أسر الضبان إلى أثر بعد عين وإيقاع العقوبات القوية بحق المخالفين لنرشد على الأقل من القتل الجائر.

Shlash2010@hotmail.com
تويتر @abdulrahman_15

مسارات
موسم إعدام الضبان!
د. عبدالرحمن الشلاش

د. عبدالرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة