Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 10/04/2013 Issue 14804 14804 الاربعاء 29 جمادى الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

إكسير البشر باختلاف أعراقهم واحد، وكذلك الشأن في حياتهم تقريبا. منذ أن جُعل هذا الإنسان بأمر إلهي خليفة في الأرض. فسماته، وصفاته، وطبائعه، ونزواته، ونزعاته متشابهة، وبقدر مقاربته للدين أيّاً كان، أو تقيده بتعاليمه يكون التهذيب النسبي، والفطرة التي فطر عليها الإنسان هي الغالبة على كل حال.

- ومنذ أن عرف للبشر تاريخ ووجود، وهم يمارسون أبشع أنواع الجرائم الإنسانية، ويرتكبون أشنع صور التمرد والإفتئات حتى مع خالقهم وموجدهم، عن علم ودراية، أو جهل ومكابرة. ومنذ أن عرف للبشر تاريخ ووجود ونوازع الخير، والحب، والاحترام المتبادل موجود، كانوا كذلك، ولا يزالون، وسيظلون.

- التغير في طباع البشر وإكسير الحياة ليس في الطباع، أو القيم والأخلاق، وإن وجد شيء من ذلك فهو يسير. التغير النسبي على مر الزمن آتٍ من تباين المعتقدات، والتحريف بالكتب، واختلاف الفهم للأديان، وما أوحت به الكتب السماوية على لسان الأنبياء والرسل.

- اختلف البشر على الذات الإلهية جلّ شأنها، اختلفوا مع الأنبياء والرسل، على الرسالة، وعلى كتبهم المقدسة، على سلوكهم، وناصبوهم العداء ظاهرا وباطنا، عن جهل، أو علم، وكانوا ولا يزالون مختلفين فيهم حتى يرث الله الأرض ومن عليها، والأمر حينئذ لله يقضي ما يشاء جلت قدرته

- إذا أقرينا بمبدأ الاختلاف الأزلي، وبمبدأ التقارب والسلوك ونمط الحياة للبشر، أدركنا أحقية من يدّعي الخيرية، أو الأفضلية أيّاً كان طالما أنها نسبية، بين الأعراق، والأجناس، إذ هي مقيدة وليست مطلقة، لا من حيث الزمان، ولا من حيث الجنس، كما ورد في التعاليم والكتب الدينية. ولم يكتب لجنس السيادة في فترة من الفترات إلا وتجد العدل، والمساواة، والتسامح هو قائده ورائده وشعاره.

- المؤرخون أيّا كانت مصادرهم الكثيرة التي يعتمدون عليها، وعلماء الاجتماع، والمختصون في تحليل السلوك البشري هم أكثر الناس - فيما يبدو لي - وعيا بحقيقة الإنسان، بخباياه، بدقائق سلوكه، وبما كان ويجب أن تكون عليه علاقاتهم مع البعض، أو نظرتهم للحياة بماضيها، وحاضرها، ومستقبلها. ولهذا كان لهم دور - على قدر تمكينهم - لا يستهان به في التقريب بين وجهات نظر الشعوب والمجتمعات حين تعصف بهم الأزمات السياسية، أو تمزق كياناتهم الاختلافات المذهبية. لكن قد تبدو مشكلتنا في ابتعادنا عن هذه العلوم، لأسباب كثيرة، أقلها سيطرة النزعة المادية التي تحكم التوجهات.

- لا يسوغ لإنسان ما أن ينتقص من الحاضر، أو يزدري الماضي، أو يتشاءم من المستقبل، أو يتوجس خيفة من بشر، أو مجتمع، فإكسير البشر، ونمط الحياة والطبائع بينهم في ذلك كله لغة مشتركة ومتشابهة.

- تأمل كثيرا في أهداف وفلسفة فكرة مشروع، أو برنامج ما يسمى (حوار أتباع الديانات السماوية) ستجد أن تأصيله وفلسفته ينطلق من كل تلك الإيماءات التي أشرنا إليها في مستهل التقديم. لماذا؟ لأن القائمين عليه، لا يربطهم إيدلوجية واحدة، أو عرق واحد، أو تخصص واحد في مسارات العلوم التي تخصصوا في بحثها ودراستها، ومن هنا حظيت الأطروحات في هذا المشروع بشيء من القبول. لأن الأهداف فيه تجمعها لغة مشتركة.

- لنصطحب هذه النظرة في علاقاتنا مع الناس، أفرادا، أو مجتمعات، أو شعوبا، ولنعتقد اعتقادا كبيرا بها من دون توجس، أو شك، أو ريبة، فالإنسان من حيث لا يشعر هو الذي يصنع الأزمات مع نفسه، ومع محيطه الداخلي، فضلا عن المحيط الخارجي. ومن هذا الباب تتأزم المواقف.

- نحن على علم وإدراك أن كل مجتمع، وكل أمة، وكل طائفة أصّلت وتؤصل لنفسها، وتدعو وتروج لها، لكن تأكد أن أكسير البشر ومصادرهم ومواردهم واحدة، بل ومصيرهم واحد، لا يختلفون إلا بقدر الإيمان بخالقهم.

dr_alawees@hotmail.com

أوتار
إكسير البشر
د.موسى بن عيسى العويس

د.موسى بن عيسى العويس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة