Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 11/04/2013 Issue 14805 14805 الخميس 01 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الأخيــرة

توفيت الاثنين الماضي رئيسة وزراء بريطانيا الأشهر مارجريت ثاتشر عن عمر يناهز السابعة والثمانين. هذه المرأة كانت أول امرأة ترأس وزراء بريطانيا، وأهم رئيس وزراء عرفته بريطانيا بعد تشرشل على الإطلاق، كما أنها - أيضاً- أول رئيس للوزراء يتم انتخابه ثلاث مرات متتالية، ومدة حكمها كانت هي الأطول منذ عهد روبرت جنكنسون (انتهى عهده عام 1827) لقد كانت هذه المرأة العظيمة علامة مضيئة في تاريخ بريطانيا الحديث، فقد أعادت إلى المملكة المتحدة التي كانت يوماً ما لا تغرب عنها الشمس شمس قوتها وعظمتها، وأصبحت كثيراً من مقولاتها خلال فترة حكمها تتردد ليس على شفاه البريطانيين فحسب، وإنما كاستشهادات في كلمات وخطب كثير من ساسة العالم. لم تكن أهمية ثاتشر تنبع من أنها أول امرأة ترأس وزراء أعرق الديمقراطيات في العالم المعاصر فحسب، وإنما لأنها بالفعل لم تدخل معركة سياسية أو عسكرية إلا وربحتها، وكان لقبها المتداول (المرأة الحديدية) هو أشهر ألقابها؛ حيث عُرف عنها الإصرار والقوة والحسم وعدم التردد في مواجهة المشاكل مهما كانت عويصة وصعبة. ولعل مقولتها الأشهر لأعضاء حزبها (غيّروا مواقفكم إن شئتم فأنا لا أتغيّر) لم تكن مجرد مقولة عابرة وإنما ممارسة طبقتها وأصرت عليها، فكانت بالفعل امرأة قُدّت من عزيمة وإصرار. يقول عنها مالكولم ريفكند الذي تولى منصبي وزير الخارجية ووزير الدفاع في عهدها: (إنها شخصية سياسية لا تكترث بالشعبية الآنية، بل يهمها العمل على بناء شعبية طويلة الأمد)؛ وبالفعل بنت شعبية تاريخية يندر أن يبني مثلها زعيم من زعماء بريطانيا، بل في أوروبا بكاملها.

مارجريت ثاتشر كانت ابنة بقال، ووالدتها تعمل في محل للخياطة، ويُقال إن ميلها للتقشف والحزم يعود إلى أنها أتت من بيئة متوسطة الدخل لا تعرف البذخ والإسراف، كما أنها تُعتبر رائدة من رواد الخصخصة في العالم، وهي السياسة التي أفرزتها بريطانيا في منتصف الثمانينات، واتّبعتها فيما بعد كثير من دول العالم، خاصة تلك الدول التي هجرت الاشتراكية واتجهت إلى اقتصاد السوق بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. وتعتبر ثاتشر أيضاً من أهم الزعماء الغربيين الفاعلين في انهيار الاتحاد السوفييتي عدو الغرب اللدود إبان الحرب الباردة؛ فقد كانت ثاتشر من ألد أعداء الشيوعية ممثلة في الاتحاد السوفيتي، وقد أثار خطابٌ لها ألقته قبل أن تتولى منصب رئاسة الوزراء عام 1976 الكثير من اللغط داخل بريطانيا وخارجها.. ولعل من غرائب الصدف الجديرة بالملاحظة أن بريطانيا بلغت أوج قوتها ومنعتها وهيبتها في العصر الحديث وامرأتان تتربعان على قمة السلطة فيها، الأولى في منصب الملكة (اليزابيث الثانية)، والأخرى ثاتشر في منصب رئاسة الوزراء.

حربها لاستعادة جزر (فوكلاند) مع الأرجنتين كانت أول قراراتها التاريخية الجريئة والحازمة، هذه الحرب بها استعادت بريطانيا هيبتها وقوتها، وكانت بمثابة الجسر الذي مرت عليه ثاتشر ليُعيد البريطانيون انتخابها عام 1983، ثم أعيد انتخابها مرة أخرى في 1987 حتى نهاية عهدها. كما لها يعود الفضل كما يقول المراقبون في إقناع الرئيس بوش الأب في الموقف الصارم الذي اتخذه لقاء غزو صدام للكويت، وانتهى بطرد صدام من الكويت شر طردة.

وبعد؛ سيبقى البريطانيون طويلاً حتى يأتيهم رئيس وزراء في قوة وصلابة وعظمة وكاريزما هذه المرأة المتفوِّقة بكل المقاييس، فالعظماء والعظيمات لا يكررهم التاريخ إلا لُماماً.

إلى اللقاء

شيء من
غيّروا مواقفكم إن شئتم فأنا لا أتغيّر!
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة