Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 15/04/2013 Issue 14809 14809 الأثنين 05 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

في يوم صباحي جميل, أطل علينا الأسبوع الماضي في حرم الجامعة الأمريكية في دبي الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون, في لقاء حميمي مع الطلاب فضل فيه أن لا يلقي أية كلمات أو نصائح بل فتح المجال مباشرة لأسئلة الطلبة, مرحباً بالخفيف منها والثقيل.. القضية السورية لم تغب عن اللقاء بل كانت نقطة الانطلاق وتوالت بعدها الأسئلة, بعضها كان لطيفاًً كسؤال أحد الطلبة عن نصيحة يقدمها الرئيس السابق لنا ونحن نشق طريقنا نحو الحياة العملية, وبعضها كان طريفاً كسؤال طفلة صغيرة عما إذا كان الرئيس مهتماً بقضاء الليلة في منزلها لتناول العشاء معها وأسرتها, فكان جوابه ظريفاً حيث قال: إنه سيحب ذلك ولكنه سيكون حينها في الهند, كما أنه شكرها على طلبها قائلاًً: لقد مضى وقت طويل منذ أن دعتني فتاة للخروج لتناول العشاء.

أما الفئة الثالثة فكانت أسئلة ساخنة, أثارت قضايا سياسية حساسة كتهديدات كوريا الشمالية, والصراع الفلسطيني - الاسرائيلي, والسلاح النووي في إيران, وكعادة السياسيين والدبلوماسيين لم يجب الرئيس على أية من تلك الأسئلة بصراحة ووضوح, بل تنصل عن الإجابة عليها ومارس رياضة «اللف والدوران» حتى «دوخ» الحاضرين.

أما السؤال غير المتوقع فعلا، فقد جاء من والدتي التي كانت تعيش أياماً صعبة لعدم توفر سائق في المنزل -حتى أجل غير مسمى- تلخبطت في غيابه كل الأوراق, وتعطلت جميع المشاريع, وأصيب سكان المنزل من (الجنس اللطيف) بالشلل الكامل, وكأنهم على حد وصف والدتي الغارق في مأساويته على «كراسي متحركة» لم يجدوا من يدفعها, وهم يشعرون بأن الحياة قد توقفت من حولهم بانتظار سائق يبث فيها الحياة ويعيد إليها النبض مرة أخرى! حتى إن أختي ذات الاثنتي عشر عاماً تغيبت عن المدرسة لعدم توفر السائق, وحين كنت أحدث أمي عن اللقاء الرئاسي المباشر أمامي, أخبرتني بأن أنتهز الفرصة وأقوم بمداخلة عاجلة, وحين أخبرتنا بأني عاجزة عن إيجاد سؤال مناسب.. جاءني صوتها وهي الغارقة في همها الخاص قائلة اسأليه.. فخامة الرئيس: ما تخبرلنا سواق؟! كما أوصتني أن أشرح له وهو الداعم المعروف لقطاع التعليم عبر مشاريعه ومؤسساته حول العالم, بأن أختي الصغيرة تغيبت عن المدرسة لأنها لا تملك سائقاً يقلها, علماً بأن السيارة متوفرة ولكن أمي محرومة من قيادتها!

ضحكت حينها من قلبي على تلك الكوميديا السوداء التي تمارسها أمي كتكنيك لتجاوز همومها, ولكني تألمت بعدها بشدة على حالتها التي تتكرر يومياً مئات المرات، وفي بيوت مختلفة حول المملكة, لأن المرأة ذلك المخلوق الواعي الراشد (كامل الأهلية والقوى العقلية) والذي قد يحمل درجة علمية أو ربما أكثر, عاجز عن قيادة حياته ومصيره, وإكمال مشاريعه اليومية دون ذلك الكائن (الأجنبي) متواضع الفهم شحيح المعرفة غريب الدار واللغة وربما الدين, ليدفع كرسيها لتزاول حياتها بشكل آدمي وطبيعي, ولكل رجل يعتقد أني أبالغ أقول.. بسيطة, جرب لمدة أسبوع أن تكون أسير سائق يأتي بك ويقلك لكل مكان, إن غاب (مرض - سافر - هرب) عجزت عن الذهاب إلى جامعتك أو عملك وموعدك في المستشفى ودورية الأهل والأصحاب في الاستراحة, تخيل أن أعضاءك وأطرافك تعمل بشكل ممتاز، ولكنك تعامل وكأنك معاق أو مواطن درجة ثالثة, لا تستطيع أن تقود حياتك دونه, فتشعر بذل العبد, وعجز المريض, وقصور الطفل, فماذا عساني أن أسأل الرئيس يا أمي أمام مئات الطلبة والطالبات من شتى أنحاء العالم؟ كيف أصف له ولهم الحالة وأشعرهم بأني أتحدث بجدية، ولا ألقي نكتة ساخرة, بل أنقل واقع المرأة السعودية المعاش منذ عشرات السنين, هل أفاجئهم بأن بيننا الطبيبة والأديبة والعالمة ونائبة الوزير وكل هؤلاء، نعم، كلهن محرومات من حقهن في القيادة؟ هل أخبرهم بأن المرأة نالت حقوقها وصارت تمثل 30% من مجلس الشورى, ولكنها ما برحت عاجزة عن قيادة مركبتها؟ هل أبشرهم بأن نتقدم خطوات إلى الأمام وأخبرهم بأن إحدى مؤسساتنا الدينية أصدرت فتوى قبل أسابيع تجيز للمرأة قيادة «السيكل» بشرط وجود محرم!

أخيراً.. قررت أن ألزم الصمت فعلى قول المثل: الشق أكبر من الرقعة.. على الرغم بأن مشوار البحث عن سائق ما زال جارياً!.

Twitter:@lubnaalkhamis

ربيع الكلمة
فخامة الرئيس: ما تخبر لنا سواق؟
لبنى الخميس

لبنى الخميس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة