نحن في زمن الاختصارات وتداخل المراحل بعد أن كانت الإدارة المحلية تعمل بنظام الفواصل والتحقيب. الجيل الذي ولد في السبعينيات الهجرية الخمسينيات الميلادية يعرف جيدا أن الانتقال من مرحلة إلى أخرى تحتاج إلى وقت ومتغيرات محلية ودولية... الملك عبدالله -حفظه الله- منذ أن تولى أمر بلادنا وهو يعمل على الاختصارات الحضارية والقفزات التنموية السريعة ويلغي الفواصل الزمنية بين فترات التطوير، يوم الجمعة الماضية قدم لنا الملك عبدالله أوامر لها أكثر من عنوان، أبرز عناوينها: الإصلاح الإداري. ونحن بحاجة إلى أكثر من (10) أوامر لاكتمال بناء الإصلاح الإداري وهذا ليس موجها لأحد أو انتقاصا من المسؤولين وإنما المتغيرات السريعة تتطلب إدارة نشطة وفاعلة ومتجددة لاستيعاب المتغير المحلي والاجتماعي والدولي... جريدة الجزيرة اختارت عنوانا لها يتناسب والاختصارات السريعة: (10 أوامر ملكية تضخ دماء جديدة في شرايين الجهاز الحكومي).

وبالفعل الملك عبدالله ضخ جيلا جديدا لإدارات حيوية في القطاع الحكومي: الخدمة المدنية, والتأمينات الاجتماعية، والخطوط الحديدية، وهيئة الغذاء والدواء، وكالة الأنباء، وهيئة الإعلام المرئي والمسموع، والجامعات, ومعهد الإدارة، وأمانة المنطقة الشرقية... ونحتاج إلى المزيد من الأوامر الجديدة في قطاع الخدمات من جيل جديد واعد، لأننا في مرحلة مختلفة عن المراحل السابقة، فمازلنا في أجواء الربيع العربي، ومازلنا في التحولات الدولية في السياسة والاقتصادية، وعلى أعتاب مرحلة جديدة من الثورة العلمية العالمية التي بدأت إرهاصاتها في الإعلام الجديد وتنافس الدول الصناعية للسيطرة على الأسواق والثقافة العلمية للمجتمعات...

هناك العديد من المسؤولين ارتبطت جهاتهم بأسمائهم، وكلاء وزارات أمضوا ربع قرن في مواقعهم مع تغير الوزراء لأكثر من مرة, وقيادات إدارية وهندسية وهيئات أمضوا أكثر من (30) سنة ومدد لهم وكأنهم معجزة زمنية...

الجهاز الحكومي يختلف عن القطاع الخاص الذي تعتمد معايير استمرار القيادي على مدى قدرته على جلب الأرباح والعوائد المالية, أما القطاع الحكومي فتقوم تركيبته الإدارية على توفير الخدمات والمتطلبات الشعبية دون النظر إلى الأرباح, إنما الخدمة العامة وإيصالها لأكبر شريحة من المستفيدين, مما يتطلب التغيير السريع والممنهج والدماء الجديدة والطاقات الشابة. وهذا ما عبرت عنه الأوامر الأخيرة التي ضخت فعليا دماء جديدة في شرايين الجهاز الحكومي.