Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 16/04/2013 Issue 14810 14810 الثلاثاء 06 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

متابعة

أجمل تعليق عن الربيع العربي قرأته في (تويتر) لسيدة سعودية تقول فيه: الربيع العربي مسرحية فصلها الأول الثورة، وفصلها الثاني القلاقل والاضطرابات والحروب الأهلية، أما الفصل الأخير فلم نعرف بعد ما هو على وجه التحديد. وهذا في رأيي توصيف بديع يختصر الوضع في صورة مُعبرة، تتحدث عما نراه على الأرض بلغة أدبية جميلة.

كثيرون يقارنون هذه الثورات بالثورة الفرنسية، ويؤكدون أن الثورة الفرنسية - مثلاً - كي تستقر وتنطلق وتصبح إشعاعاً للأنوار، احتاجت لأكثر من سبعين سنة، عانى فيها الفرنسيون الأمرين حتى وصلت الثورة في المحصلة إلى ما وصلت إليه. لكن الاختلاف الرئيس الذي يُميز الثورة الفرنسية عن ما يُسمى بثورات الربيع العربي كان (البعد الثقافي) والوعي السياسي والفلسفي بالحقوق، وأهمها على الإطلاق حق المواطنة والمساواة. من يقرأ تاريخ الثورة الفرنسية سيجد أن هذه الثورة قبل قيامها، أو إذا شئت: أهم أسباب قيامها، كان الحراك الثقافي والتنويري الذي قاده أعلام من فلاسفة ومفكري فرنسا وأوربا آنذاك جاء على رأسهم (فولتير) الذي نسف بكتاباته وتنظيراته كثيراً من القيم والمفاهيم السياسية الموروثة، وبالذات القيم الكنسية الكهنوتية، إضافة إلى العديد من الشخصيات البارزة في عصر التنوير مثل (مونتسكيو) صاحب نظرية الفصل بين السلطات الثلاث، و (جون لوك) الإنجليزي الذي أثر في الفكر الفرنسي كثيراً، وكذلك (جان جاك روسو) و نظرية (العقد الاجتماعي) الذي تحدث عنها لوك وروسو طويلاً؛ وغيرهم من فلاسفة ثورة النور ومفكريها.

والسؤال: هل فولتير الربيع العربي هو محمد بديع مرشد الإخوان في مصر، أم أنه راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الإخوانية، أم أن مونتسكيو الربيع العربي هو كمال الهلباوي أو حازم أبو إسماعيل مثلاً؟.. مقارنة الثورة الفرنسية بثورات العرب هي أشبه ما تكون بالنكتة بصراحة.

إن ما اتضح الآن، بعد أن أمضت الثورة الأولى (الثورة التونسية) ما يزيد عن سنتين من عمرها، أن هذه الثورة، وكذلك الثورات التي اقتدت بها، قادت الشعوب العربية إلى (مرحلة نكوصية)، خسرت فيها هذه المجتمعات كثيراً من منجزاتها، وفي مقدمتها الأمن والاقتصاد؛ وطفت على السطح تيارات لا علاقة لها بالنور والتقدم والتحضر قدر علاقتها بالتراث والموروث والشعارات الجوفاء؛ وها هي الشعوب بدأت تكتشف أن ثوراتهم اقتنصها أناس نكوصيون، قادوا بلدانهم إلى طريق مُتعرج تحفّه المخاطر من كل جانب، ومفتوح على كافة الاحتمالات، وأخطر هذه الاحتمالات التقسيم والتشظي على غرار التجربة السودانية.

إن كل الإرهاصات التي تزداد وضوحاً وحضوراً مع صباح كل يوم تشير إلى أن الفصل الأخير من مسرحية الربيع العربي سيكون الصراعات الإثنية والطائفية والمذهبية، بين مسلم ومسيحي، وسني وشيعي، وماروني ودرذي وعلوي، وبين كردي وعربي وأمازيغي؛ ولعل ما يجري في مصر هذه الأيام من مماحكات طائفية بين المسلمين والقبط، وما يجري في سوريا من حرب أهلية تحث خطاها لأن تكون حرباً ذات أبعاد مذهبية (السنة والشيعة)، أو طائفية (المسلمين والمسيحيين)، أو إثنية (العرب والأكراد)، يجعل من هذا الاحتمال هو الاحتمال الاقرب؛ عندها يصبح تقسيم البلد الواحد هو الخيار الوحيد الذي لا خيار غيره لحل هذه الإشكالات الطائفية و المذهبية أو الإثنية. وهذا ما بدأ يُنادي به الأقباط المصريون في المهجر علناً.

وختاماً أقول: ما يجري في العراق واليمن وكذلك في ليبيا من نزوع شعبي نحو التقسيم والتشرذم، يتسع ويزداد مؤيدوه مع مرور للوقت، يُؤكد ما أقول؛ وهذا - بالمناسبة - ما تريده وتحلم به إسرائيل، وتعمل على تحقيقه منذ (بن جوريون) وحتى (نتنياهو)؛ وها هو الحلم الإسرائيلي يكاد أن يصبح حقيقة، ويزداد وضوحاً مع كل يوم جديد للأسف؛ وبعد: أي ربيع هذا الذي يتحدثون عنه؟

إلى اللقاء

شيء من
مسرحية الربيع العربي
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة