Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 23/04/2013 Issue 14817 14817 الثلاثاء 13 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

كنت في صالة انتظار المسافرين في مطار الطائف ننتظر الإقلاع إلى الرياض، كانت الصالة ملأى بالمنتظرين بالرغم من وقت الإقلاع المتأخر بعد منتصف الليل، إن لعب الأطفال وحركتهم الدائبة في الصالة يؤكد مدى التغير الكبير في أسلوب حياتنا وكأنما قلبنا نواميس الحياة فجعلنا الليل معاشا والنهار لباسا،

وفي ذلك من الخلل الصحي والنفسي والسلوكي ما لا يخفى.

كنت أحاول أن أشغل الوقت بالتجول في أنحاء العالم من خلال جهاز الاتصال الصغير في يدي الذي يزودني بعشرات المعلومات والأخبار في دقائق، وبينا أنا كذلك إذ وقف أمامي ثلاثة من الشباب تظهر عليهم آثار النعمة وبادروني بالسلام فقمت لهم مصافحا مرحبا وقد أصروا على تقبيل رأسي ففعلوا ذلك على غير رغبة مني، وجلسنا جميعا وكنت أكرر ترحيبي بهم، فقال أحدهم نريد أن نكسب الوقت قبل وقت الإقلاع، قلت له تفضل، فقال:

نحن نمثل شريحة كبيرة من الشباب، نشعر بعدم قدرة على استيعاب ما يجري في العالم ونحن جزء من هذا العالم، نحن نشاهد ما تشاهده من الفتن العظيمة والقتل الفظيع الذي يحدث أمام أعيننا ليل نهار، ونتابع وسائل الإعلام المتضاربة إلى درجة التناقض، ونرى شبح الفتن يهددنا ليل نهار، ونحن لا ندري كيف نتعامل مع هذه الحالة العالمية المخيفة، نحاول أن نشغل أنفسنا بالرياضة متابعة وممارسة، وفي كل مباراة في كرة القدم نكون في مقدمة المشجعين، ونضع سماعات في آذاننا نستمع من خلالها إلى عشرات النكت والأغاني والأناشيد لتشغلنا عما نشعر به من القلق، ولكن ذلك كله لا يجدي. وسكت الفتى قليلا فقلت له: واصل حديثك فأنا مصغ إليك، قال: خلاصة الموضوع أن لدينا نحن الشباب اضطرابا كبيرا في مواجهة ما يحدث، فماذا نصنع؟

قلت له ونحن نسمع الإعلان الأول عن إقلاع الطائرة: ألا ترى هذه الصالة التي تموج بحركة الناس ينتظرون السفر؟ هل يمكن أن تجد بعد ساعة من الآن منهم هنا أحدا أو تسمع لهم ركزا ؟ قال: لا، فها هم الآن يتزاحمون على بوابة الصعود، قلت: ألم يكن هنالك نظام في المطار رتب لهم طريقة السفر حتى اتجهوا إلى الطائرة وسيجدون في الرياض نظاما معروفا لترتيب نزولهم وخروجهم من المطار؟ قال: بلى،، قلت فإنها صورة الحياة الدنيا التي نعيشها إنها صالة سفر ضخمة رتب الله للناس كيف يعيشون فيها ويسافرون منها، ووضع لذلك تشريعا يصلح أحوال هؤلاء المسافرين ويرتب لهم طريقة سفرهم المثلى وطريقة العيش في هذه الصالة حتى يحين وقت السفر،، أنت وصديقاك من الشباب الذين يتميزون بوعي وإحساس بما يجري في العالم بدليل حديثكم معي، ولكنكم تشعرون باضطراب شديد تجاه الفتن المشتعلة في هذا العصر، وقد حاولتم التخلص من هذا الاضطراب بمتابعة المباريات واستماع الأغاني والنكت والطرائف، وربما بأسفار التسلية والنزهة، فلم يجدكم ذلك كله نفعا، أتدرون لماذا؟

لأنكم لم تستشعروا ما أنتم عليه من نعمة عظيمة متمثلة في دينكم الإسلامي العظيم الذي يرقى بنفوس أهله المتمسكين به المطبقين لشرائعه حتى تصبح رؤيتهم للأحداث واضحة، ويصبح إيمانهم بالله قويا راسخا، فما يشعرون أبدا بهذا الاضطراب المؤلم الذي يدفع بالإنسان إلى القلق والأرق وقد يصل به إلى مرحلة اليأس والقنوط.

توقف الحديث لأن موظف المطار نادانا إلى الصعود واتفقنا على التواصل لاستكمال الحديث، فقد كانوا آذانا صاغية ونفوسا متفتحة تريد أن تسمع من القول ما يدلها على الطريق.

إشارة،، اللهم احفظ شبابنا من كل قلق وأرق واضطراب -آمين-.

towa55@hotmail.com
altowayan@ :تويتر

كيف نواجه الفتن؟
د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة