Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 23/04/2013 Issue 14817 14817 الثلاثاء 13 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الاقتصادية

كعادته دائما؛ يتدخل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز؛ لمعالجة الأزمات الاقتصادية والإنتاجية المتفاقمة والمؤثرة سلبا على مصالح الموطنين؛ ومشروعات التنمية المتراكمة. يبدو أننا نخلق الأزمات لأنفسنا بسوء التخطيط الإستراتيجي؛ وتدني ثقافة التكامل الوزاري؛ والتحرك كفريق عمل متجانس لدعم القرارات الإستراتيجية وتنفيذها. تباين الأنظمة وتضادها في بعض الأحيان يؤدي إلى خلق الأزمات لا حلها.

«أزمة الإسمنت» إحدى تلك الأزمات التي حظيت بأكثر من تدخل منظم خلال الأعوام الماضية؛ بهدف زيادة الإنتاج أو خفض السعر أو كليهما معا؛ وهو تدخل لم يكن ليحدث لولا غياب التخطيط الإستراتيجي والتكامل والتنسيق بين وزارات الدولة المعنية بقطاعات الإنتاج؛ المتمثلة في وزارة التجارة والصناعة؛ وزارة البترول والثروة المعدنية؛ ووزارة الإقتصاد والتخطيط؛ إضافة إلى مصلحة الإحصاءات العامة المسؤولة عن تقديم البيانات الدقيقة التي يُعتمد عليها في التخطيط والإنتاج.

كتبت غير مرة عن أزمة الإسمنت؛ والأضرار التي يتسبب بها البطء في منح تراخيص المصانع، وربما رفضها، ما يؤدي إلى حدوث فجوة في الإنتاج تقود؛ مع مرور الوقت؛ إلى ظهور أزمات السوق؛ وإن توفير العرض، وبكميات تفوق بكثير الطلب المحلي، إضافة إلى إيجاد فائض استراتيجي، كفيلٌ بالضغط على الأسعار، أو على الأقل المحافظة على مستوياتها المقبولة. وأشرت العام 2011 في «الجزيرة» إلى أن «وزارة التجارة والصناعة ليست الجهة الوحيدة المسؤولة عن قصور التخطيط الإستراتيجي، والحد من الاستثمارات الصناعية المُسببة لحدوث أزمات قطاع الإنتاج؛ الأكيد أن هناك وزارات أخرى على علاقة بالمشكلة، ومسؤولة عن وضع الخطط الإستراتيجية، ووضع تصور متكامل لتطور الطلب المحلي على السلع والخدمات، وفق دراسات علمية تقوم على أرقام دقيقة، ورؤى مستقبلية، تجنب البلاد والعباد عنصر المفاجأة.. فوزارة الاقتصاد والتخطيط مسؤولة عن رسم الإستراتيجية المستقبلية للاقتصاد، وحاجاته الأساسية، الإنتاجية منها على وجه الخصوص؛ ووضع خطط إستراتيجية واضحة للقطاع الصناعي، اعتمادا على حاجة السوق الآنية والمستقبلية.

مصلحة الإحصاءات العامة مسؤولة عن تقديم البيانات الدقيقة، وهي بيانات يعتمد عليها قطاع الأعمال في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية، إضافة إلى ذلك، يمكن لمصلحة الإحصاءات العامة أن تقدم العون للحكومة في كل ما له علاقة بالمتغيرات المهمة التي تحتاج إلى تدخل الحكومة للتعامل معها وفق خطط إستراتيجية مستقبلية. وزارة البترول ممثلة في وكالة الوزارة للثروة المعدنية قد تكون إحدى الجهات المتسببة في حدوث الأزمات، فمصانع الإسمنت وبعض المصانع الأخرى، تعتمد في مدخلاتها على المواد الطبيعية التي تحتاج إلى تراخيص خاصة كرخص التعدين، محجر المواد الخام، محجر مواد البناء وغير ذلك. وكالة الوزارة تعمل بمعزل عن الخطط الإستراتيجية الداعمة لقطاعات الإنتاج، ما يجعلها غير قادرة على تلبية طلبات المستثمرين وفق الأنظمة والمحققة للمصلحة العامة.

هل أكرر نفسي في إعادة ما كتبت؛ ربما؛ إلا أن المنفعة تقتضي التذكير لمعرفة جوانب القصور والمتسببين فيه؛ حذرت مطلع العام 2011 في بعدم جدوى الحلول الوقتية، ولا بد من وضع حلول إستراتيجية شاملة؛ ومنه التوسع في إنشاء المصانع ومعالجة بيروقراطية وكالة الوزارة للثروة المعدنية؛ وضعف التكامل والتنسيق بين الوزارات المعنية للقضاء على الأزمات.

بإختصار شديد وزارة التجارة تعطي تراخيص مزاولة النشاط؛ وتتبقى معضلتان رئيستان؛ تصريح المحجر؛ وتوفير كميات النفط الخام؛ وهاتين المعضلتين حدتا من تفعيل التراخيص المصدرة خلال الأعوام الماضية؛ في الوقت الذي حد فيه توفير النفط الخام من عمليات توسع المصانع الحالية.

ما زلت أعتقد أن الاستيراد لن يكون سهلا؛ ولن يعالج مشكلة الطلب بشكل نهائي؛ التي يعتقد البعض أنها وقتية؛ ويخشى من كساد الإنتاج مستقبلا؛ وهذه نظرة إستراتيجية يمكن التغلب عليها من خلال تصدير فائض الإنتاج؛ ولنا في استيراد الحديد وتكديسه وخسارة سابك فيه خلال أزمة الحديد عبرة وعظة؛ الحل الأمثل في توسيع المصانع الحالية وإنشاء مصانع جديدة وهذا لن يحدث بقرار موجه لوزارة التجارة؛ بل يفترض أن يشمل وزارة البترول والثروة المعدنية المعنية بتصاريح المحاجر وتوفير كميات النفط؛ وإدارة المدن الصناعية المسؤولة عن توفير الأراضي الصناعية.

أعتقد أن توفير النفط الخام للمصانع الحالية يمكنها من زيادة إنتاجها الحالي بمستوى 50 في المائة في مدة زمنية قصيرة؛ من خلال التوسعة وزيادة خطوط الإنتاج. فلنركز على جانبي التوسعة وإنشاء مصانع جديدة؛ وليكن الاستيراد علاجا وقتيا؛ ولنشرع في تحقيق تكامل القرارات الإستراتيجية والالتزام بتنفيذها من جميع الوزارات؛ وتذليل المعوقات بما يحقق المصلحة العامة ويحد من ظهور الأزمات.

f.albuainain@hotmail.com

أزمة إسمنت أم أزمة تخطيط؟
فضل بن سعد البوعينين

فضل بن سعد البوعينين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة