Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 28/04/2013 Issue 14822 14822 الأحد 18 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

متابعة

يقول استطلاع أجراه مكتب تيلدر ومعهد مونتينيه، تحت عنوان (نظرة الفرنسيين إلى الديانة الإسلامية)، ونشرته جريدة (العرب) اللندنية في تقرير لها: (إن 87 بالمائة من الفرنسيين لديهم صورة جيدة عن البوذية، و76 بالمائة عن البروتستانتية و69 بالمائة عن الكاثوليكية و64 بالمائة عن اليهودية، لكن هذه النسبة تتدنى إلى 26 بالمائة بالنسبة للإسلام، فيما رفض 1 بالمائة الإدلاء برأيهم). والراجح أن هذه النسبة السلبية عن الإسلام لدى ثلاثة أرباع الفرنسيين ستتكرر في كل دول أوربا وليس في فرنسا فقط لو أُجري هذا الاستطلاع على مستوى أوربا أو أمريكا، ما يجعل السؤال: لماذا ينظرون لنا هذه النظرة السلبية؟.. يطرح نفسه على بساط البحث.

أعرف أن كثيرين سيتبادر إلى أذهانهم الجواب السهل والجاهز: لأنهم يخافون منا، ومن الإسلام، ومن نهضة المسلمين وتقدّمهم؛ وهذا غير صحيح وإجابة مضللة؛ فالتهديد الحقيقي للغرب ولحضارة الغرب ليس قادماً من الإسلام ولا من المسلمين؛ وقطعاً ليس من العرب الذين ما زالوا يعيشون (عالة) على حضارة الغرب والشرق معاً، وإنما من دول شرق آسيا، وبالذات (الصين)، التي تسعى بخطى حثيثة إلى تزعّم العالم الصناعي، وهذا ما يُقلق الغرب عموماً، ويُشكِّل هاجساً مخيفاً لهم وبالذات لنخبهم السياسية والثقافية والاقتصادية.

ووفقاً لعدد من المصادر فإن عدد معتنقي (البوذية) في الصين كدين هم في حدود 660 مليون شخص تقريباً، أي 50% من الصينيين؛ في حين أن الاستطلاع الذي أشرت إليه في بداية المقال يذهب إلى أن أغلبية كاسحة (87%) من الفرنسيين لديهم صورة جيدة عن البوذية وهي ديانة الأغلبية في الصين؛ فإذا كان (الدين) هو باعث الخوف لدى الغربيين، كما يتوهّم كثيرٌ من المسلمين، والدين بالتالي هو دافع الغرب لكراهيتنا والنظرة إلينا بسلبية، فلماذا لا ينظرون لدين الصينيين النظرة نفسها، فيخافون من البوذية ديانة أغلبية الصينيين لا أن يحترموها كما جاء في الاستطلاع؟

سؤال بسيط يضع كثيراً من النقاط على الحروف؛ ويُشير إلى أن هناك قناعات تكرّست لدى كثير من العرب وبعض المسلمين، وهي مجرد (أوهام)؛ فالغرب (علمانيٌ) محض، الدين لا يُشكِّل له هاجساً، كما لا علاقة لدساتيره وقوانينه بأية ديانة؛ قضيته (الأولى) استقراره وأمنه وتقدّمه ومصالحه الاقتصادية وليس نصرة أي دين؛ ولعـل ما يُؤكِّــد ما أقول أنهم يسمحون للمسلمين أن يُقيموا مساجدهم على أراضيهم، ويعاملون تلك المساجد على قدم المساواة مع دور العبادات الدينية الأخرى تماماً، دون أية تفرقة أو تمييز.

إننا - أيها السادة - يجب أن نعترف أن (الحركية الإسلاموية المعاصرة) التي خرجت من تحت عباءتها ما يُسمى (الحركات الجهادية) الدموية، هي بيت الداء وأُس البلاء وباعث هذه النظرة (السلبية) التي تزيد وتتسع مع كل حادثة (جهادية) جديدة.

ومن أجل أن تكون عادلاً وموضوعياً في أحكامك ضع نفسك في موضع من تحصدهم تفجيرات الجهاديين الإسلامويين من ذوي القتلى والجرحى، وآخرها تفجيرات (بوسطن)، ثم اسأل نفسك: هل لو كان ابنك أو أحد أقاربك من ضمن ضحايا تفجير بوسطن مثلاً، ثم قرأت أن الشابين الشيشانيين اللذين ارتكبا هذه الجريمة الدموية كان دافعهما دينياً جهادياً، فأقدموا على قتل الناس بهذه الهمجية لأن دينهم يأمرهم بذلك، ماذا ستكون نظرتك لهذا الدين؟.. صحيح أن في الغرب، كما في بقية دول العالم، جماعات متطرفة مُنتنة تنطلق من منطلقات عنصرية أو طائفية، غير أن هذه الجماعات تظل على هامش الأغلبية، وهي قطعاً بمثابة الاستثناء الذي يؤُكِّد القاعدة ولا يُلغيها.

وفي نهاية التقرير المشار إليه آنفاً جاءت هذه الخاتمة وكأنها توصية لما انتهى إليه الاستطلاع: (على الخطاب الإسلامي أن يعي المهمة الأساسية التي عليه القيام بها وهي تقديم تصوّر للتعايش داخل المجتمعات الغربية وفق أسس للفكر الديني الوسطي الذي يؤمن بالحوار والاختلاف والاعتدال ويحترم ثقافة الآخر وحضارته).

والمشكلة أن الجهاديين المتأسلمين يرفضون هذه المنطق، ويتعاملون مع الغرب وقيم الغرب وحضارة الغرب بما ينسف هذا المنطق نسفاً كاملاً؛ ومن هنا تأسّست هذه النظرة السلبية.

إلى اللقاء

شيء من
لماذا ينظرون إلينا سلبياً؟
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة