Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 29/04/2013 Issue 14823 14823 الأثنين 19 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

لدارة الملك عبدالعزيز المُوقَّرة جهود طيبة يعرفها كُلَّ المعرفة الكثيرون من المهتمين بتاريخ أُمَّتنا؛ وبخاصة تاريخ شبه الجزيرة العربية، ويُقدِّرونها غاية التقدير. ومن أفضالها على كاتب هذه السطور بالذات لطفها وتَكرُّمها بإهدائه ما يصدر منها من

دراسات وبحوث قَيِّمة. ومما تسلَّمته أخيراً من تلك الأفضال كتاب الأخ الفاضل الباحث الكريم أحمد إبراهيم العلاونة عن المُؤرِّخ الأديب الشاغر خير الدين الزِّركلي، رحمه الله تعالى؛ وهو الكتاب الذي أصدرته الدارة في العام المنصرم. ويتألَّف من 175 صفحة مشتملة على تقديم مختصر جميل من الدارة، فقائمة بالمحتويات، فَمُقدَّمة من المؤلف، ثم فصلين عن الزِّركلي، فملحق يضم صوراً ووثائق، فقائمة بالمصادر والمراجع، فكشَّاف عام لما ورد في الكتاب.

ومما جاء في التقديم المختصر الجميل، الذي عملته الدارة للكتاب، أنه “يعرض سيرة أحد الرجال الذين استعان بهم الملك عبدالعزيز، رحمه الله؛ وهو خير الدين الزِّركلي؛ مُبيِّناً اسمه وولادته وتَعلُّمه وذريته وأعماله واشتغاله بالحركة الوطنية؛ مُفصِّلاً الحديث عن صلته بالملك عبدالعزيز -رحمه الله- وأبنائه ملوك المملكة العربية السعودية من بعده؛ موضحاً المكانة الكبرى التي حظي بها الملك عبدالعزيز لدى الزِّركلي. وتناول، أيضاً، مؤلفات الزِّركلي؛ مُتوفِّقاً عند كتابه: شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز؛ ذاكراً قصة تأليفه، ومُبيِّناً مصادره وفصوله؛ مُختتماً بالحديث عن محاسن ذلك الكتاب وما أخذ عليه من مآخذ”.

وكلام الدارة في تقديمها للكتاب وافٍ شافٍ عنه وعن مضمونه بحيث لا يحتاج إلى مزيد من الإيضاح. وقد ذكر المؤلِّف الكريم في مُقدَّمته؛ إضافة إلى شكره الدارة وإشادته بجهودها وتكريمها لأسرة الزِّركلي، وحفاوة هذه الأسرة به ومساعدتها له، أنه سبق أن أفرد كتاباً عن الزِّركلي، ونشره سنة 1423هـ (2002م) تناول فيه سيرته وعَرَّف بكتبه. لكنه - في كتابه الأخير؛ وهو المُتحدَّث عنه في هذه القراءة، تَوسَّع في الحديث عن سيرته وأوجز التعريف بكتبه اتِّقاء للتكرار. على أنه أطنب في التعريف بكتاب: شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز، كما تَوسَّع قليلاً في الحديث عن الزِّركلي؛ شاعراً، لأن معظم دارسي الشعر الحديث قد غبنوه، ولأن دراسته عن شعره، هنا، مختلفة عما كتبه في الكتاب الأول.

وقد اشتمل التمهيد، الذي عمله المؤلف الكريم، على الحديث عن اسم المُؤلَّف عنه وولادته وتعلُّمه وذريته وأعماله واشتغاله بالحركة الوطنية وعنه؛ شاعراً، ووفاته. ومما ذكره عن طفولته ونشأته بداية ولعه بالقراءة. ومما ذكره عن أعماله؛ وبخاصة في مجال الصحافة، إصداره لصحيفة الأصمعي مع وجيه الكيلاني، فصحيفة لسان العرب مع إبراهيم حلمي العمر، ثم صحيفة المفيد مع يوسف حيدر، التي تَوقَّفت مع دخول الفرنسيين دمشق عام 1920م، والتي كانت أرقى الصحف الدمشقية وأكثرها رواجاً. ومما تحدَّث عنه المؤلِّف الكريم في التمهيد إظهار الزِّركلي عداءه للفرنسيين بحيث حكموا عليه بالإعدام، فذهب إلى فلسطين، فمصر، ثم إلى الحجاز بدعوة من الملك الحسين بن علي، رحمه الله، حيث مكث هناك ثلاثة أشهر ألَّف خلالها باكورة أعماله المطبوعة ما رأيت وما سمعت. ولقد واصل الزِّركلي أعماله الوطنية مدافعاً عن أُمَّته. ومما ذكره المؤلف الكريم من شعره في هذا المجال أبيات من قصيدة كتبها، عام 1919م، مُستهلُّها:

فِيم الوَنَى وديار الشام تُقتسمُ

أين العهود، التي لم تُرعَ، والذِّممُ

ما بال بغداد لم تنبس بها شَفةٌ

وما لبيروت لم يخفق بها عَلَمُ

وَيلُ امِّها نكباتٍ كلها ظُلَمٌ

وقد تنير صراط السالك الظُّلَم

ومما ذكره المؤلف الكريم مطلع قصيدة كتبها الزِّركلي، عام 1933م، وقال إنه كتبها تعبيراً عن ثورته على بيع الفلسطينيين (هكذا) أراضيهم لليهود طمعاً بالثمن المغري:

هي الأوطان تُحمَى أو تُفدَّى

ولم أَرَ قبلُ أوطاناً تباعُ

وهنا كنت أَودُّ عدم وجود عبارة “بيع الفلسطينيين أراضيهم لليهود”.

ذلك أن العبارة تقتضي التعميم. وهذا مخالف للحقيقة. وطليعة الذين باعوا أراضي فلسطين -ذلك الوقت- أناس غير فلسطينيين كانت الأراضي التي امتلكوها إقطاعات من المسؤولين العثمانيين مع الأسف الشديد. على أن لكل زمن ظروفه وأوضاعه الخاصة. وفي العقود الأخيرة يرى المُتأمِّلون في مجريات الأمور كيف تباع الأوطان علناً. وكنت ممن تَحدَّث عن هذا الأمر؛ وذلك في كتابي، الذي صدر عام 2011م بعنوان: بيع الأوطان بالمزاد العلني.

وبالعودة إلى الحديث عن كتاب خير الدين الزِّركلي.. أقول: إن مؤلفه الكريم تَحدَّث عن شعر الزِّركلي تَحدُّثاً لا بأس به. والواقع أن من أحسن أشعاره -إن لم يكن أحسنها- قصيدته التي كتبها مُعبِّراً عن حنينه إلى وطنه السوري وشوقه إلى بَرَدى وهو على ضفاف وادي النيل. ومن أبيات تلك القصيدة الرائعة:

العين بعد فراقها الوَطَنا

لا ساكناً أَلِفَت ولا سَكَنا

ريَّانة بالدمع أقلقها

أن لا تُحِسَّ كَرَىًّ ولا وَسَنا

كانت ترى في كل سانحةٍ

حُسْناً وباتت لا ترى حَسَنا

والقلب لولا أًنَّةٌ صعدت

أنكرته وشككت فيه أنا

يا طائراً غَنَّى على غُصُنٍ

والنيل يسقي ذلك الغُصُنَا

زدني وهج ما شئت من شَجَني

إن كنت مثلي تعرف الشَّجَنا

أذكرتنى ما لسـت ناسِيَه

ولَرُبَّ ذكرى جَدَّدت حَزَنا

أذكرتنى بَرَدى وواديَه

والطير آحاداً به وثُنَى

وأَحبَّة أسررت من كَلَفي

وهواي فيهم لاعجاً كمنا

كم ذا أُغالبه ويغلبني

دمع إذا كفكفته هَتَنا

لي ذكريات في رُبوعهمُ

هن الحياة تألُّقاً وسنا

إن الغريب مُعذَّب أبداً

إن حلَّ لم ينعم وإن ظعنا

قراءة في كتاب: خير الدين الزِّركلي ( تأليف: أحمد إبراهيم العلاونة )
د.عبد الله الصالح العثيمين

د.عبد الله الصالح العثيمين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة