Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 29/04/2013 Issue 14823 14823 الأثنين 19 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

متابعة

ربما كان أوضح وجوه الشبه بين دبي وسنغافورة التطبيق الصارم للنظام. أهم الفضائل المعيشية في العالم شعورك بالأمان واطمئنانك إلى وجود سلطات الأمن والعدالة حين تحتاجها. كلا الأمرين مضمون في دبي وسنغافورة.

هذه الفضيلة الأمنية تميل لصالح دبي التي تحتوي تعايشا سكانيا من كل أعراق و شعوب الأرض، وربما بعض الزوار من المريخ وكواكب أخرى لا يمكن مشاهدتهم. ضمان الأمن والنظام لأكثر من مائة وخمسين جنسية عالمية في مدينة لا يشكل سكانها الأصليون سوى عشرة بالمائة تعتبر معجزة قياسية. هذا هو الحاصل في إمارة دبي، بينما أهل سنغافورة الأصليون يشكلون ستين في المائة من مجموع السكان.

وجوه التشابه والتباعد الأخرى بين دبي و سنغافورة سوف تتضح، جزئيا على الأقل من خلال المقارنات التالية.

مساحة سنغافورة 704 كم مربع، ومساحة إمارة دبي 4114 كم مربع. عدد سكان سنغافورة 5.2 ملايين نسمة، ستون بالمائة منهم مواطنون والباقي أجانب. سكان دبي 2.25 مليون نسمة، تسعون بالمائة منهم أجانب وعشرة بالمائة مواطنون. ستة وخمسون بالمائة من القوى العاملة في سنغافورة مواطنون، وأربعون بالمائة عمالة أجنبية. تركيبة القوى العاملة في دبي تقفز فوق نسبة التركيبة السكانية لصالح الأجانب بفارق إضافي آخر.

المركز المالي في العالم تتقدم فيه سنغافورة ليس على دبي فقط، وإنما على أغلب دول العالم، حيث تأتي في المركز المالي العالمي الرابع. مركز دبي المالي العالمي متقدم لكنني لا أعرف الرقم. لدى سنغافورة أعلى مؤشر عالمي في نسبة التجارة من الناتج القومي الكلي، وهي تجارة شديدة التنوع تدخل فيها الصناعات الالكترونية والطبية والمعلوماتية، وهذه الأنواع تتنافس بشدة مع تجارة السياحة الترفيهية والخدمات.

في دبي تشكل السياحة الترفيهية المصدر الاقتصادي الرئيسي، إلى جانب تجارة العقار والخدمات المالية واستضافة المناسبات الرياضية والترفيهية الكبرى على مستوى العالم. في دبي يتركز النشاط التصنيعي في إعادة تصدير البضائع المستوردة المحسنة ويحتل مركزا متواضعا بالنسبة لمصادر الاقتصاد الأخرى. في سنغافورة حوالي عشرة في المائة من الاقتصاد السياحي يقع في خانة السياحة الطبية، أي الاستفادة من إمكانيات سنغافورة المتميزة في الاستشفاء وإعادة التأهيل. حسب تقديري هذا النوع من السياحة غير موجود في دبي.

في سنغافورة يشكل الإنتاج الصناعي أكثر من سبعة و عشرين بالمائة من الناتج القومي، وتدخل فيه صناعة الالكترونيات وتكرير النفط والهندسة الميكانيكية والمنتجات الحيوية الطبية والبيطرية، وتسيطر سنغافورة على عشرة بالمائة من صناعة صهر الرقائق المعدنية في السوق العالمي.

ليس لدي أرقام عن إمارة دبي في مجالات التصنيع المذكورة أعلاه، ولاأعتقد أنها تشكل رقماً رئيسياً في مصادرها الاقتصادية.

أختتم المقارنة بما هو أهم الأنشطة البشرية في أي تجمع مدني، التعليم والصحة.

لدى سنغافورة جامعتان من بين المائة جامعة الأولى في العالم، هما الجامعة الوطنية والجامعة التقنية، ويشكل الطلبة الأجانب عشرين في المائة فيهما، والإقبال أكبر من إمكانيات القبول. تحتل سنغافورة دائما أحد المراكز الخمسة الأولى في مسابقات الطلبة في الرياضيات على مستوى العالم، وحازت على المركز الأول عام 2011م. أما نظام الرعاية الصحية فيأتي من ناحية الكفاءة في المركز السادس على مستوى العالم. قبل عدة اعوام بدأت السلطات التعليمية في سنغافورة في استقطاب أي عالم أو باحث مرموق يبلغ سن التقاعد في بلده الأصلي، ليساهم في تدريب الطلبة والباحثين الصغار على مهارات البحث العلمي في كل المجالات.

بالمقابل، كيف هي أحوال التعليم والصحة في دبي؟. التعليم الأساسي جيد مقارنة بالتعليم في الجوار، لكن ليس بسنغافورة. أما التعليم العالي ومراكز البحث العلمي فلا يمكن مقارنتها لا كما ولا نوعاً بسنغافورة. التعليم الجامعي في دبي محدود بفروع تابعة لجامعات أجنبية هندية وأمريكية في المقام الأول، وهناك كلية الخليج للعلوم الطبية.

أختتم المقارنة بالتالي: إمارة دبي المتوثبة والطموحة تمتلك إمكانيات مالية وعلاقات عالمية هائلة، لكنها حتى الآن تركز على الاستثمار في السياحات الترفيهية وتجارة العقار والخدمات المالية والإعلامية. استثمارات دبي في التطور العلمي والتعليمي والصحي والإنتاجي لصالح المنطقة العربية وأبناء دبي بالذات لا يختلف كثيراً عن أي دولة عربية أخرى، بل وربما كان الوضع أفضل في دولة قطر المجاورة.

السؤال إذا الموجه للمتحمسين لتجربة دبي الاقتصادية.. أي نموذج تفضلون؟ دبي أم سنغافورة؟. في كل الأحوال وبصرف النظر عن الاختيارات، على قدر أهل العزم تأتي العزائم، ولا يزال المجال مفتوحاً.

إلى الأمام
أيهما تفضل نموذج دبي أم سنغافورة 2-2
د. جاسر عبدالله الحربش

د. جاسر عبدالله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة