Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 30/04/2013 Issue 14824 14824 الثلاثاء 20 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

سقتُ في مقال الخميس الماضي طرفاً من تلك الأقوال التي قالتها وزيرة الثقافة الجزائرية “خليدة مسعودي” في ثنايا المقابلة التي أجرتها معها الصحفية الفرنسية “إليزابيث شلمة” والتي نُشرت قبل أربعة عشر عاماً أو يزيد في كتاب حمل عنوان (خليدة مسعودي “جزائرية واقفة”)!!، وعاد الحديث وكثر الكلام عن “القول” و”القائل” في عالمنا العربي مطلع هذا الشهر وما زال، ولقد حاولت أن أعرف سبب إثارة الحديث عن هذا الكتاب هذه الأيام على وجه الخصوص، ومن يقف وراء ذلك، ولم أجد جواباً!!، المهم أن هذه الشريحة من المثقفين سواء في المغرب العربي أو الخليج أو بلاد الشام أو غيرها يعانون أزمة كبيرة، وتتجاذبهم أمواج الانتماء والولاء فترمي بهم تارة يسرى وتارة يستقر بهم المقام فيما يسمى باليمين، ويفتقدون إلى قاعدة صلبة وأساس مكين يسهل عليهم فهم هذا الدين العظيم، وييسر لهم سبر أغواره والوقوف على معالم أركانه وأسرار أحكامه، والمطلع على شيء من واقع هذه الشريحة التي تذهب إلى مثل ما ذهبت إليه “مسعودي” أو بعض منه يلحظ أن هناك عدداً من الإشكاليات المتجذرة في تكوين هؤلاء القوم، ولعل من أهمها في نظري “إشكالية المرجعية”، فهي مثلاً ترى من خلال أقوالها وإن لم تصرح بذلك أن “القرآن الكريم” هو وحده مصدر التشريع خلاف الصحيح من السنة النبوية المطهرة، مع أن المسلم يعتقد أن ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح سنداً ومتناً وتوفي عليه الصلاة والسلام وهو مسكوت عنه وحي من الله قطعي الثبوت وواجب الاتباع على الإطلاق، فهو مع كونه بشراً إلا أن الله عز وجل اختصه واصطفاه بالرسالة وأمره بالتبليغ والإرشاد والهداية، وقال عنه وعما يتفوه به أو يقره ويفعله في كتابه الكريم {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إن هُوَ إلاّ وحيُ يُوحَىَ}، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}، {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً}، ولذا فإن من المجزوم به أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من طاعة الله.

وليست هذه الإشكالية خاصة بالتيار التغريبي في عالمنا العربي بل إن الصحف الجزائرية اليوم تتحدث عن انتشار طائفة “القرآنيين” في كثير من المدن الجزائرية وتحذر منهم، وهؤلاء كما هو معروف يعتقدون بحجية القرآن فقط دون السنة النبوية الشريفة، فهي ليست مصدراً للتشريع ولذلك فإن في كثير من أقوالهم وسلوكياتهم التعبدية والحياتية تناقضا وخللا لا يستقيم معه دين ولا تطمئن إليه نفس وتسكن، والمعروف عن هذه الطائفة أنها نشأت في مصر ومنها انتقلت لليبيا ومن ثم بقية بلاد المغرب العربي.

لقد عُدتُ إلى كتب المستشرقين نهاية الأسبوع الماضي أحاول أن أجد تأصيلاً لما قالت “مسعودي” عن الصلاة التي هي “عمود الدين” خاصة السجود فيها الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد” أو الحجاب أو الحج أو شرعية الزواج أو بدو السعودية أو.. فأعياني البحث، وأضناني التنقل بين النصوص، وقطعت أن هذا القول لم يقله من قبل لا “كارل برو كلمان” صاحب كتاب “تاريخ الشعوب الإسلامي” المعروف، ولا “مونتغمري وات” ولا “ترتون” الذي يرى أن “صلاة الجمعة اقتبسها محمد من الزرادشتية” ولا “جيب” صاحب كتاب “المذهب المحمدي” ولا “جولدزيهر” ولا.. وهذا لا ينفي عن هؤلاء وغيرهم كثير أنهم قالوا كلمة الكفر، وحاولوا تشويه الإسلام، واجتهدوا في صرف الناس عنه، وادعوا أنه دين أُخذ من الديانة اليهودية أو النصرانية وربما قال بعضهم عنه إنه الوثنية التي كانت بمكة ولكنها لبست ثوباً جديداً!،، ولكن ما جاء على لسان وزيرة الثقافة الجزائرية في نظري أشد وأنكي، وحتى حين تم استجوابها في غضون الأيام القليلة الماضية من قبل النائب عن حركة الإصلاح الوطني “عبد الغني بودبوز” أقرت الوزيرة أمام مجلس الأمة أنها أساءت للإسلام في تصريحاتها، موضحة أنها تنتمي إلى عائلة أشراف!! وأن والدها كان شيخ زاوية!!، وأن حديثاً مطولاً جرى بيني وبين والدها حينما كانت شابة بخصوص طريقتها في أداء الصلاة والتي كانت تتم دون ركوع أو سجود، اعتقاداً منها بأنه لا يوجد آية قرآنية تنص صراحة على كيفية أداء الصلاة أو تنص صراحة على الركوع والسجود، وأنها رأت حينها بأن ذلك هو مجرد إرث وصل إلى الجزائر من البدو الخليجيين!!، ولكنها اقتنعت في آخر الأمر بأنه “ينبغي ألا أختلف مع المجتمع الذي أعيش فيه حتى لا أقع في مشاكل”!!!، فهي لم تقتنع بالسنة القولية والفعلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم القائل “صلوا كما رأيتموني أصلي”، ولا تكترث بقول الله عز وجل “واركعوا مع الراكعين”، “فاسجدوا لله واعبدوا” ولكنها حتى تجنب نفسها المشاكل اقتنعت بوجوب مسايرة المجتمع فقط لا غير، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.. اللهم أمين، وللحديث بقية، وإلى لقاء والسلام.

الحبر الأخضر
خليدة مسعودي «جزائرية واقفة» (2-3)
د.عثمان بن صالح العامر

د.عثمان بن صالح  العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة