Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 01/05/2013 Issue 14825 14825 الاربعاء 21 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

تتوافر كثير من الدراسات والبحوث وحتى الكتب التي سبقت ظهور الربيع العربي بل وحتى قبل سقوط العراق في يد الاحتلال المزدوج، تتحدث عما آلت إليه الأمور في الوطن العربي اليوم، وإذا كان البعض يخجل من استحضار المؤامرة فإن إنكارها وتجاهلها رغم حضورها على الواقع ليس مخجلا بل هو غباء مخزٍ.

إذ كيف يمكن إنكار المؤامرة ونحن نعلم أن قيام الدول العربية بهذه الحدود المصطنعة إنما تم تحت رعاية مارك سايكس وزير الخارجية البريطانية وفرانسوا جورج بيكو وزير خارجية فرنسا عام 1916م، ونعلم أن الولايات المتحدة الأمريكية التي ورثت عن القوى الامبريالية الهيمنة على مجريات الأمور في الوطن العربي وغيره من أنحاء العالم هي اليوم السيدة المتحكمة وهي الشرعية الدولية بتاجها الصهيوني، وحق لها إذن حماية وتقوية سيادتها ومصالحها وإن على حساب الآخرين، هذا منطق طبيعي مارسته كل الإمبراطوريات على مر التاريخ والولايات المتحدة الأمريكية ليست استثناء، ثم إن المؤامرة والتآمر هو من صميم السياسة وأحد أدواتها المهمة بصرف النظر عن المثل والمبادئ الأخلاقية التي تتراجع أمام المصالح والنفوذ، وبالتالي فليس من المهم إثبات وجود مؤامرة من عدمه، فهذا لن يقدم أو يؤخر، لكن تجاهل هذه الحقيقة أو إنكارها لا يصح أن يكون إلا لمن يشارك فيها أو يرغبها، لأن الوعي والإدراك بحقيقة وجود المؤامرة يساعد في تجنب آثارها السلبية ويعين في استثمار سلبياتها والاستفادة منها في الوقاية من آثارها ويعين على تحقيق الأهداف النبيلة المطلوبة دون الاصطدام بهذه القوة المضادة.

أليس إخلاء المنطقة العربية من أي قوة قادرة على تهديد الكيان الصهيوني هدف معلن للولايات المتحدة الأمريكية وليس سراً، أليس خروج مصر من الصراع بموجب اتفاقية منتجع داوود يخدم هذا الهدف، أليس سقوط العراق الوطني القوي يخدم هذا الهدف أيضا، أما كيف تم هذا وكيف تم ذاك فالأمر يحتاج مراجعة للسياسات التي مهدت السبيل والطريق لتحقيقه، ولو كنا مهتمين ومدركين لأهمية مراكز الأبحاث والدراسات الإستراتيجية في أمريكا والغرب ومدى قوتها وتأثيرها لكنا استفدنا مما ينشر ويسرب إعلاميا من دراسات وبحوث رأينا فيما بعد تنفيذا لتوصياتها بشكل دقيق.

لقد كتب (اوديد بوفون) وهو احد المتعصبين اليهود في عام 1982م دراسة ترجمها إلى اللغة الانجليزية يهودي آخر هو (إسرائيل شاهاك) جاء فيها ( ينطوي العالم العربي على قدرة مذهلة لتدمير ذاته، فهو بيت من الكرتون تم لصقه بواسطة البريطانيين والفرنسيين وتم تقسيمه إلى تسع عشرة دولة صغيرة تضم كل منها خليطا من الأقليات والمجموعات العرقية ) ثم يضيف في مكان آخر قوله (السودان هو أكثر الدول العربية القابلة للتمزق سريعا ولا يختلف عنها العراق) وفي مكان آخر يقول (إن تقسيم سوريا والعراق إلى أقاليم متمايزة عرقيا أو دينيا أو مذهبيا هو هدف إسرائيلي) وليس هذا إلا غيض من فيض نشر وقرئ في الوطن العربي، ولكن دون وعي أو حس، وربما بعنترية جوفاء لم تع ولم تدرك نعمة الشك والظن التي منحها الله للإنسان ليحتاط ويحمي نفسه.

إن إعادة الاعتبار للشك وتبويبه من ضمن المزايا الحسنة للعقل والفكر هو أولى خطوات تنشيط الفكر، فالشك في الغالب يوصل إلى الحقيقة، وفي هذا العصر لم يعد هناك أسرار تصمد لفترة طويلة، خاصة مع سهولة النشر ونمو الرغبة في كشف خفايا السياسات، ولو لاقت مشروعات التقسيم البريطانية والفرنسية للوطن العربي اهتماما حقيقيا من العقل العربي لما سهل رسم مسارها فيما بعد، وأصبح مستقبلها اليوم مرهونا بنتائج الدراسات البحثية في أمريكا، ونتساءل اليوم عن سر ظهور الطائفية والمذهبية بيننا بعدما كدنا ننسى وجودها من الأصل، خاصة في أتون المد القومي والتضامن الإسلامي، ونتجاهل انه تم القضاء عليهما في حرب 1967م واتفاقية منتجع داوود عام 1978م، في الأولى سقط الحلم العربي وأجهز عليه بوش الصغير في العراق عام 2003م، وفي الثانية انهار الحصن الإسلامي أمام إسرائيل وأصبحت العلاقة معها أمرا طبيعيا، بل وصار الصراع الوجودي معها صراعا سياسيا مع جزء من شعب دولتها المصطنعة، وبكل أسى فإن تصميمنا وعزمنا العنيد على مواصلة إنكار خاصية الشك تأخذنا إلى مرحلة نستهن فيها بعقولنا وقناعاتنا، لنحصل في النهاية على درجة النجاح الكامل في التحول إلى أدوات وآليات سوق استهلاكي وحقل تجارب طبيعي، وهذا هو حقيقة الواقع الذي نعيشه اليوم.

Hassan-Alyemni@hotmail.com
Twitter: @HassanAlyemni

الشك بوجود مؤامرة فضيلة لا خطيئة
حسن اليمني

حسن اليمني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة