Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 02/05/2013 Issue 14826 14826 الخميس 22 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الاقتصادية

قبل أيَّام، أمضيت 8 ساعات بين تراث منطقة سدير وحضارتها، تلك المنطقة التي تقف على مسافة واحدة من العاصمة الرياض، طبعًا كان الهدف من الرحلة التي نظمتها لجنة الإعلام السياحي تعريف الإعلاميين على ما تحويه المنطقة من إرث تاريخي وتراثي وكيف حافظ أهالي المنطقة على التراث واجتهدوا في تطويره والسعي إلى استثماره بما يقدم ميزة نسبية للمنطقة.

في الطَّريق إلى سدير كان لديّ انطباع بأننا ذاهبون لمشاهدة مدن تاريخية ومكانٍ سياحيٍّ للذين ينشدون المواقع التي تعتني بالتراث والموروث الشعبي على غرار ما هو موجود في بعض دول العالم التي تعتني بتاريخها.. وكانت ستصبح كذلك!، لو لم تعترضها بعض «التعقيدات» التي جعلت فكرة إعادة تأهيل التراث قاصرة على اجتهادات فردية من الأهالي أنفسهم!.

ثمة بقع هادئةٌ في منطقة سدير تتجلَّى فيها الأصالة بأبهى صورها أينما نظرت، وهي مثالٌ لصورة حية للمناطق التي تحتضن التراث وتحافظ في الوقت ذاته على جذورها الأصيلة.. لا يحتاج المرء إلى زمن طويل ليكتشف أن أهالي المنطقة هم من بادروا للتعريف بتراثهم وانشغلوا بطريقة المحافظة عليه وإعادة تأهيله، ولكن ذلك غير كافٍ لأن يكون لدينا مناطق تراثية جميلة يمكن أن تجلب سائحًا، فما شاهدته إلى حدٍ ما جيّدٌ؛على الرغم من أن غالبية المواقع التراثية لا تزال مهدمة وتنتظر التأهيل، والسبب ـ حسب ما فهمت ـ أنّه ليس هناك ميزانية مخصصة لإعادة تأهيل هذه المناطق التراثية بِشَكلٍّ منظمٍ وأن توفرت الرُّؤْية في مسألة الاستثمار في التراث وتطويره.

هناك مَن كان يتحدَّث عن السياحة التراثية!، لكن في حقيقة الأمر لم أرَ إلا جهود «متناثرة» يقوم الأهالي بأنفسهم على إعادة تأهيل بعض بيوتهم التراثية ضمن القرى القديمة ومن حسابهم الخاص ـ ويشكرون على ذلك ـ في حين أن الأغلب من هذه المباني والمرافق الملاصقة لها لا تزال مهدمة، فالبعْض من الأهالي المقتدر يستطيع تحمل تكاليف إعادة الترميم، لكن الغالبية لم يكن يعتقد أنّه سيجد نفسه أمام تحمل تكاليف باهظة لإعادة ترميم منزل من الطِّين وقد تساوى مع الأرض منذ عشرات السنيين. وبعكس الانطباع السائد فإنَّ هناك عاتبين ومتألمين من عدم تولي الحكومة ممثلة في وزارة الماليَّة تحديدًا الإنفاق على إعادة ترميم وتأهيل البلدات التراثية وتهيئتها للاستثمار السياحي، والتعجيل في تنفيذها، كتلك التي نراها في بعض الدول المجاورة ومنها سوق «واقف» في الدوحة وغيرها الكثير.

عظمة الرحلة كانت بالاستقبال والترحيب الحار من أهالي المنطقة الرائعين، وروعتها كانت بمرافقة الزُّملاء الإعلاميين والفنانين، وبساطتها كتلك الجدران الطينية التي كانت تحيط بنا، وذكرياتها ستبقى عالقة في الذهن كتلك التحف العريقة والنوافذ المكسوة بالبياض.. اتفقنا على ألا ننسى مشهد خرير الماء المتدفق في حوض سقيه المزارع التي طالما صدح في سمائها صوت تلك الـ»ماكينة» الزراعيَّة القديمة صاحبة الصَّوت الشجي أحيانًا.. أو تلك الزوايا المليئة بأنواع الأثريات بدءًا من الأنسجة المزخرفة، وانتهاء بالصُّور والمخطوطات، لقد كانت تعرض نوعًا مختلفًا من الرفاهية، إنّها البساطة بأجمل حالاتها. البساطة التي كانت تخفي وراءها رغبة حقيقة ونشاطًا متواصلاً من الأهالي لإعادة إحياء التراث كي يصبح لمنطقتهم بريقٌ خاصٌ ورقمٌ صعبٌ في السياحة التراثية على أمل أن تعود المتاجر التَّقْليدية إلى الحياة مرة أخرى وتكون مقصدًا للسياح داخليًّا وخارجيًّا.

أعرف أن 8 ساعات لا تكفي لتقديم صورة معقولة عن رحلة كهذه، غير أن ما شاهدته يؤكِّد لي ملاحظة كنت قد توقعتها مع أول يوم تحرَّكت فيه الهيئة العليا للسياحة والآثار لتعميم فكرة سياحة التراث، بأن هناك قدرًا من «التعقيد» سيعترض طريقها، واعتقد أنَّه لا يمكن بأيِّ حال إلا أن يكون هناك توجيه صريح من القيادة للإنفاق على سياحة التراث، كما الحال في الكثير من المشروعات المشابهة.

a.anazi@al-jazirah.com.sa
@alionazi تويتر

سدير.. سياحة التراث بجهود الأهالي
علي العنزي

علي العنزي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة