Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 03/05/2013 Issue 14827 14827 الجمعة 23 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

مع تنوع وتعدد سائل الاتصال ووسائط نقل الثقافة ونشرها في أرجاء المعمورة بأساليب وطرائق تتقاطع وتتوازى بأشكال وتركيبات مذهلة يلتقي فيها ومن بُعد المرسِل والمتلقي.. ظهرت وظائفُ جديدة لمعنى الثقافة بمفهومها الأوسع وطبيعة تأثيرها على المجتمعات الإنسانية.. بعبارة أخرى تحول المشهدُ الثقافي العالمي في هذا القرن إلى صناعة تُمثِلُ ثورة متعددة الأبعاد ومختلفة الأطوار.. وباتت تُؤثرُ على مشاعر الناس وأنماطِ تفكيرهم وسلوكياتِهم. ولم يقتصر الأمر على ذلك فقط.. بل كان لها سطوة في تحديدِ مسار حياتهم ومواقفهم من مشكلاتٍ مختلفة سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية.

تعدْ الثقافة في عصرنا الحالي مقصورةً على ما يملأ العقول من أفكارٍ وقراءات..أو يتشربُها من ينابيع الحكمة والدراسات المختلفة..أو متخمة بعيون الشعر والتاريخ الفكري الذي أبدعته عقولُ وتجاربُ المبدعين الأوائل خلال مراحل العصور السابقة من تاريخ الإنسانية هذا المخزون التاريخي للثقافة والمعارف وإن ظل راكناً في الوعي الإنساني نستحضِرُه وقت ما نشاء..إلا أنه يظل محصوراً في دائرة ضيقة يعودُ إليه ذوو الاختصاص..إضافة إلى أولئك الذين يملكون ملكة الإبداع في المجال الثقافي والأدبي ليعيدوا صياغتها صياغة تمتزج مع أشكال الثقافات الجديدة وتنويعاتها فتصلَ إلى المتلقي في ثوبٍ جديد قديم يُثيرُ دهشته حتى ليكاد ينكرُ أصولَها القديمة.. وهذا ما نلحظه في الكم الهائل من ملايين المعلومات والثقافات الفكرية والمعرفية التي تتدفق على المتلقين بين الفينة والأخرى.

في عصرنا الحالي لم يعدْ المشهدُ الثقافي مقتصراَ في الأشكال والأجناس الثقافية..أو محصوراَ في تلك الدائرة الضيقة والمحدودة التي عُهِدت من قبل..ولم يعدْ هناك حماسٌ يجذبُ البعض نحو الأدب الكلاسيكي وفنون الشعر التقليدية كما كانت عليه في القرن التاسع عشر والقرن العشرين..بل حدثت تغيراتٌ عديدة وواسعة في الهيكلة الثقافية العامة لتشمل أذواقَ الناس والشعوب..وكافة النخب على مختلف مستوياتهم ومدى استيعابهم لمختلف الأشكال الثقافية الجديدة التي صاحبت التقدم والتطور في مجال علوم الاتصالات وثورة المعلومات والسرعة الفائقة في التقاطها وبثها في جميع أنحاء الكرة الأرضية . ثقافاتٌ جديدة تقفُ على التخوم الفاصلة مابين القديم والجديد حتى توائم عصرَ الاستهلاك السريع لمنتجات الحضارة سواء في أشكالها المادية والصناعية والحياتية أو في تجلياتها الفنية والعلمية والتقنية..فمثلاً لم تعد أذواقُ وثقافة الناس في الطعام والشراب..هي نفسها التي كانت سائدة قبل نصف قرن من الزمن..بل تنوعت معايير ومشارب الأذواق بما يتفق مع مستوى الوعي بالأمور الصحية..بالمقابل نجد ثقافة غذائية جديدة..ألا وهي ثقافة الوجبات السريعة وعدم اهتمام بمفردات الطعام والقيمة الغذائية له..هذا مجرد نموذج لثقافة من ثقافات مختلفة وجديدة بمعطياتها ولا تقل أهمية وتأثيراً عن الثقافة بمفهومها التقليدي..إذن هناك الكثير من أنواع الثقافات انتشرت وسادت العالم بشكلٍ عام وكان للمجتمعات العربية حظوة كبيرة من هذه الثقافات..في بادئ الأمر دخلت باستحياء على العالم العربي لتتحول بعد ذلك إلى ثورة جارفة في الفضاء الثقافي..فتشمل فنون العمارة والإسكان وفنون الرسم والتصوير والأزياء..وتمتد أكثر وأكثر لتطال كيفية تمضية أوقات الفراغ واللهو والتسلية وما تقدمه من مغريات تجذب الناس إليها . إنها ثورة ثقافية بمفهوم حديث...إذ لا يوجد مجال من مجالات الحياة والنشاط الإنساني إلا كان لها دور فيه...فتشكلت بذلك خلفية ثقافية بمفهوم جديد استندت إلى دراسات وتطبيقات عملية تُرجِمت في برامج ووسائط معرفية واسعة الانتشار هذه الثقافات المتنوعة غيرت من أذواق المجتمعات وسلوكيات الأفراد وعواطفهم فضاعفت الشعور لديهم لإحداث التغيير والتجديد ليشمل النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بما يتناسب والانفجار الثقافي العالمي الجديد..ولكن أكثر ما يُؤخذ على المشهد الثقافي القائم في العالمالعربي هو أنه لازال رهنَ نفسه محصوراً في أضيق الحدود..يقف على أطلال حضارة قديمة يحاول إحياءها باجترار الماضي..وَكَيلِ المديح لشيءٍ أصابه الجمود في الوقت الذي نجد فيه أصداء ثورة ثقافية عالمية وقد امتزجت بثقافات جديدة شاركت في صناعتها ثورة الاتصالات ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وسوقتها آليات مجتمع المعرفة..فهل يا ترى يكون للعالم العربي نتاجٌ ثقافيٌ متعدد ومتنوع يُثيرُ فضولَ المجتمعات العالمية فتتسابق لاستحواذه.

zakia-hj1@hotmail.com
Twitter @2zakia

عود على بدء
إلى متى يبقى المشهدُ الثقافي العربي رهنَ نفسه !!؟؟
زكية إبراهيم الحجي

زكية إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة