Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 04/05/2013 Issue 14828 14828 السبت 24 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

- - يُروى أن الشيخ محمد صديق المنشاوي -رحمه الله- لم يقبل أسلوبَ الدعوة التي وُجهت إليه من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ليتلوَ القرآنَ الكريم أمامه؛ إذ أضاف مبعوثُ الزعيم للدعوة الشفهية جملةً من عنده افترض فيها شرفًا للمدعو أن يَمثُل بحضرة الداعي فرفض الشيخُ هذا الأسلوبَ الاستعلائيَّ ولم يُجب طلبَه وانتقل الرجلان للدار الآخرةِ دون أن يلتقيا.

- - المشكلةُ هنا ملحقٌ شكليٌ وآخرُ موضوعي تسكنهما الحاشيةُ دون أن يفترق في ذلك “نصٌ” عن “شخص”؛ فكما يجني فردٌ على سيده يتجاوز شارحٌ على مؤلِّف فتجيء الزيادات تارةً والمزايدات تارة وتتيه المعاني، كما تتبدل المباني بإضافات لم تُقل و تفسيراتٍ لا تَحتمل.

- - الاكتفاءُ بالمتنِ أصلٌ وتجاهلُ الحواشي حل، وفي زمنه لم يهجُ الفرزدق “عبدالله بن أبي إسحق” لأنه مولىً لمولى:

فلو كان عبدُالله مولىً هجوتُه

ولكنَّ عبدَالله مولى مواليا.

- - غابت دلالةُ البيت وسط خلاف النحويين حول مبرر نصب” موالي”، ولم يأبه بهم “أبو فراس همَّامُ بن غالب” كما فعل حين رفع” مجلف” في بيته الذائع:

وعضُّ زمانٍ يا ابنَ مروان لم يدعْ

من المال إلا مسحتًا أو مجلفُ

“بما يسوءُ النحويين وينوءُهم” -وَفق تعبيره- وهو ما يعني رؤيته إياهم هامشًا في متن نصه مثلما صنع مع ملحقاتِ الموالي المرتهنين لمشيئةٍ تبقيهم في دائرة العبودية المستجيبة للتأثير الخارجي بعدما ارتضَوا تأجيرَ عقولهم والاندفاعَ خلف بيارقَ دون معركة كما الانتفاعِ من فضلاتٍ غيرِ ذات قيمة؛ فلم يصبحوا أسيادًا “شكلاً” ولم يرتقوا علماءَ “موضوعا”.

- - وفي مثلٍ آخرَ طلب الشيخ محمد شاكر “والدُ الشيخين أحمد ومحمود” من مُصلِّي الجمعة في الجامع القريب من قصر عابدين إعادةَ صلاتهم لبطلانها بسبب ما رآه من شططِ خطيبه في الثناء على “السلطان حسين كامل” إثر استقباله العميد الدكتور طه حسين بما يليق به إذ بالغ فما بلَغ ولا بلَّغ حين قال على المنبر: “هذا الذي جاءه الأعمى فما عبس ولا تولى”، وفي الأمثلة الأربعة مزيجٌ تختلط فيه إشكالات الشخوص والنصوص.

- - كذا تُعرف الحواشي فيَعزفُ الكرامُ عن أجوائها، وبذا نتجاهل هوامشَ المتون فنجهل أهواءَها، وكذا تستقيم الحياةُ المطمئنةُ النائيةُ عن الركض العبثي خلف سرابِ النص وتكهف الشخص ومحورية التحيز.

- - تتجلى هذه الأدواءُ في زمننا بعدما غلب الصوتُ الأبكم وبتنا نأتزر بما لا يستر عورةً ونستأمن بما لا يهدئ روعة، وازداد الخلل في معادلة غير متوازنةٍ بين المتون والهوامش والأصول والصور وبين من يحكم ومن يحلم فصار الخلط والخبط وتورع الكبار عن الائتمامِ بالصغار.

- - كذا الكاتبُ والكتاب والحقيقةُ والسراب ومن يعنيه أن يعمل للغد ومن يكفيه أن يتوهم المجد ومن يفرغُ للخير والبر والإنجاز ومن يلاحقُ الأضواء علها تُفيض عليه بخيطٍ مستدقٍ مسترَقٍ ولو كشفت سوءتَه.

- - الشخوصُ نصوص.

ibrturkia@gmail.com
t :@abohtoon

متونٌ وهوامش
د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي

د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة