Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 04/05/2013 Issue 14828 14828 السبت 24 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

وجهات نظر

في هذا الزمن، زمن الفضائيات، ووسائط الإعلام الجديد، ارتفع سقف الحريات طوعاً أو كرهاً، فباتت المعلومة صحيحة أو مريضة بين يدي المتلقي عبر أجهزة الاتصال الحديثة، وباتت الفرقعات تحيط بك من كل جانب، فلم يعد للحجب قيمة، إلا في حدود ضيقة، ما إن تُحجب المعلومة في وسيلة من وسائل الإعلام إلا وتُفاجأ بها في وسيلة أخرى، وما إن تمنع داعية أو مفكراً أو من في حكمهما من الظهور في وسيلتك الإعلامية لأي سبب كان إلا وتفاجأ به في وسيلة أخرى، وهذا أمر غير مقلق من وجهة نظري، لكن المزعج والذي يثير تساؤلات مربكة عندما يتولى كِبَر هذا التوجه مواطن، يُعتبر في نظر محبيه من فلتات الزمان وعصارته، يستغل الوسائط الإعلامية المختلفة، ولاسيما من كان منها خارج المحيط، وتحمل ألواناً صفراء ورمادية في التوجه، تستقطب أصحاب الهوى والعجب، لحاجة في نفس يعقوب، تستغل من يعشق التغريد خارج السرب، وتستغل من عُرف بازدواجية الطرح والتشدد أو التحرر. أتفهم من يقع في الفخ للمرة الأولى، أو يخطئ في تقديره لبعض الحسابات، ثم يعود للطريق السليم، ويكون ذلك درساً له في قادم الأيام، لكن لا أجد عذراً على الإطلاق لمن يكون ديدنه هذا اللغط المتكرر والقائم على ازدواجية الطرح، يُردفها بكثرة التراجعات والاعتذارات السامجة، لا تعدو كونها محل تندر عند من يتوافر لديه أدنى نوع من الثقافة، وإذا ما شعر بالخنْق تشعر به وهو يطل عليك من بوابة أخرى ومن خلال سيناريوهات محبوكة ومكشوفة، بين مفرداتها الاعتذار المغلف بالعلل الواهية. مجتمعنا تتقاذفه ثقافة المتحرر والمتشدد؛ فهو بين مطرقة هذا وسندان ذاك، الطرفان يحاولان بحساباتهما الخاطئة رسم خارطة طريق محفوفة بالمخاطر، تطول المجتمع حسب وجهة متطرفة لكل واحد منهما، وهما بالطبع على طرفي نقيض، بعيدان بمسافات متقاطعة عن المنهج الوسطي، الذي قامت عليه هذه البلاد منذ تأسيسها على يد البطل الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - حتى هذا العهد الزاهر الذي يقوده الملك الصالح عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ومعهم الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود - حفظهم الله جميعاً -.

هالني ما شاهدته وسمعته بنفسي من خلال قناة فضائية، تستقطب في الآونة الأخيرة بعض المتشددين والمتحررين الذين يلهثون بصورة هوجاء وراء الإعلام؛ لكي يضع نفسه بنفسه في موطن الحرج وفي شراك المصيدة، بعضهم شاهدته - وعبر فرقعة مقصودة لذاتها - يدافع عن القاعدة عينك عينك، ولكأنه للتو يسمع بها، يترحم على زعيمها بطريقة استفزازية مكشوفة، ثم شاهدته مرة أخرى يتراجع عن كلامه بطريقة ممجوجة وغير مقبولة عند من لديه أدنى معلومة عن إرهاب القاعدة على مرّ السنين، خاصة ما تعرضت له هذه البلاد من أفعالهم القبيحة تدميراً وخراباً وتكفيراً. قلتُ في نفسي: على أي كوكب يعيش هذا الرجل الهلامي؟ كم كنت متمنياً لو نأى بنفسه عن هذه المواطن المحرجة له ولمحبيه، وماذا سيقول محبوه وقد شاهدوا وسمعوا دون واسطة ما قاله؟ هذا الرجل - هداه الله - ضرباته الموجعة متكررة، ما إن تنتهي واحدة إلا ويغرد بالأخرى، حتى أخذ مساحة من القيل والقال في حقه. ولعمري لأظنه من هواة هذا اللون، يقوده هواه لذلك، أستطيع دون مواربه أن أصنفه من (أهل الهوى). شاهدت هذا الرجل حديثاً في إحدى القنوات التجارية، يسأله صاحبه بقوله: هل أنت داعية أم مُفْتٍ؟ قال له بالحرف الواحد (أنا داعية ومفتٍ!). قلت في نفسي: رحمك الله يا أبا حنيفة! كنت في مقال سابق كتبته بعنوان (تفكيك الخطاب المتشدد) ألقي اللوم على أحد الدكاترة في إحدى الجامعات وهو يصبّ جام غضبه على مخالفيه في موقع (تويتر)، ويذْكرهم بالاسم، ويُصهينهم، وهم مواطنون مسلمون، قلت كيف سيكون فكر الأجيال الذين يتتلمذون على يد هذا البروفيسور ومن سار في فلكه، في قادم الأيام، وهم بهذا الفكر الأحمق؟ وما قلته في حق هذا البروفيسور ينسحب على كل من تعاطف مع القاعدة، ومن سار على نهجها المتطرف وهي في الحرم الجامعي، أو من سار في الطريق المقابل، من المتحررين، خاصة المولعين بالغرب وحضارته، ممن يحتقر عروبته وحضارتها العريقة، وحتى عادات وتقاليد مجتمعه، تشاهد تغريداته دون استحياء، أظن أن لدى هذه النوعية مشكلة في التربية والسلوك، ولنقل في الولاء، وما أحوجهم لزيارات العيادات النفسية، مع دروس مكثفة في التربية الوطنية؛ ليتداركوا فكرهم قبل فوات أمرهم. لماذا لا يتركون حال مجتمعهم يرسم خارطة طريقه، على يد أهل الحل والعقد من ولاة الأمر والعلماء المعتبرين والمؤتمنين؟ فالدين ثم الوطن وثالثهم المجتمع مثلث ليس هو بالحاد ولا المنفرجبل متساوِية أضلاعه في سلم أولويات المحافظة عليه، في وجه من يحاول كسر أضلاعه أو إصابة أحدها بالخدش.

ودمتم بخير.

dr-al-jwair@hotmail.com

التغريد.. خارج السرب!
د. محمد أحمد الجوير

د. محمد أحمد  الجوير

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة