Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 05/05/2013 Issue 14829 14829 الأحد 25 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

مع قدوم (المستر جون كيري) إلى الخارجية الأمريكية.. خلفاً للسيدة (هيلاري كيلنتون) المولعة بـ(الشهرة) والأضواء، والتي لم تكفها سنواتها الثماني في معية زوجها الرئيس الثاني والأربعين: بيل كلينتون في البيت الأبيض.. وهي تحمل لقب (السيدة الأولى)،

فأرادت أن تجددها.. بمحاولة الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لها لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية التالية لرئاسة (بوش الابن)، فلما لم يتحقق لها ذلك.. (ترشيحاً) من الحزب فضلاً عن الدخول إلى حلبة التنافس على الرئاسة الرابعة والأربعين التي فاز بها أول رئيس أمريكي أسود يدخل إلى البيت الأبيض (باراك أوباما).. كانت ترحب وبسرعة البرق بمنصب (وزير الخارجية).. عندما عرضه عليها (أوباما): منافسها على ترشيح الحزب الديمقراطي لها.. أخذاً بمبدأ (نصف العمى.. ولا العمى كله)، وعلى ركيزة.. أن منصب (الخارجية الأمريكية) يعطي صاحبه (المركز الثاني) في الإدارة الأمريكية، وهو (موقع) تحيط به الأضواء الساطعة من كل جانب.. وهو ما يُرضي غرورها وعطشها لـ(الأضواء) والشهرة، رغم أنها لم تكن تحمل من الخبرة أو الجدارة ما يُؤهلها لإدارة منصب رفيع كهذا بكل تشابكاته وتعقيداته الدولية: بين (الرضا) على بكين و(السخط) على موسكو، و(الحب) للندن و(التوجس) من (باريس)، و(التدليل) لسيئول و(العصا) لبيونج يونج، و(الحذر) من العاصمة الإيرانية طهران و(القلب المفتوح) لعواصم دول الخليج العربية، إلا أن (أوباما) أطفأ من حولها الأضواء.. بعد أن انتهت حاجته إليها مع انتهاء دورته الأولى في البيت الأبيض، ليأتي بـ(جون كيري).. رئيس لجنة الشؤون الخارجية السابق بـ(الكونجرس) الأمريكي، ليساعده على مواجهة الملفات الشائكة.. التي تصاعدت سخونتها عبر سنواته الأربع الأُول في البيت الأبيض.. كالملف النووي الكوري، والملف النووي الإيراني، والملف الإسرائيلي الفلسطيني.. وملف إعادة ترتيب مواقع دول الشرق الأوسط العربية ودول آسيا الوسطى: قُرباً وبُعداً.. من الولايات المتحدة الأمريكية، ولأنه (جون كيري) نفسه مرشح (الديمقراطيين) السابق.. الذي عرفه العالم خلال معركته الرئاسية أمام بوش (الابن)، وعرف فكره ونضجه السياسي.. وتعلّق بـ(فوزه) الذي لم يتحقق - بكل أسف - لخلاص أمريكا والعالم من (عته) بوش الابن واختلالاته العقلية - التي تحدثت عنها الصحافة الأمريكية نفسها - فقد استقبل العالم إجمالاً قدومه لـ(الخارجية) الأمريكية بأكبر قدر من التفاؤل والأمل، في أن يرى العالم سياسة خارجية أمريكية تليق بـ(القوة الأعظم) التي يتفاخر إعلامها صباح مساء بقيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، الأمر الذي كان يأسف (كيري) على غيابه عن المخرجات الفعلية للسياسة الأمريكية أيام خوضه للاتخابات الرئاسية عام 2004م.. وهو يندد متهكماً بـ(بوش الابن) وسياساته الخزعبلية بتقسيم العالم إلى: معسكر للأخيار وآخر للأشرار.. الغارقة في طفولية (من ليس معنا.. فهو ضدنا)، والمزهوة بتحالف المؤيدين له في غزو العراق واحتلاله، الذي وصفه كيري آنذاك بأنه (تحالف المجبرين والمرتشين)!! أما العرب الأمريكان.. فقد هللوا لقدومه بفرح لا يخلو من الشماتة بالقوميين و(اليساريين) والمثقفين من أشقائهم العرب، الذين لا يرون (حلاً) للقضية الفلسطينية على يد الأمريكيين، وأن أقصى ما يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية الوكيل الفعلي و(الحصري) لإدارة شؤون الضفة الغربية وقطاع غزة.. نيابة عن (إسرائيل)، هو إنشاء (محافظة فلسطينية) في الضفة الغربية تضم المدن والقرى الفلسطينية التي لا تريدها إسرئيل برئاسة (المحافظ) محمود عباس أو سلام فياض، وأخرى في قطاع غزة برئاسة (المحافظ) إسماعيل هنية أو حتى خالد المشعل.. تحت ولاية الدولة الإسرائيلية وعَلَمها وعاصمتها (القدس)..!! بينما ظل (العرب الأمريكان) على فرحهم ويقينهم بأن حل القضية الفلسطينية.. وإقامة دولتها التي (تعيش جنباً لجنب مع دولة إسرائيل.. في سلام) لن يتحقق إلا على يد الأمريكيين، وأن من تفوته (عربة) الحل الأمريكي.. سيجد نفسه في عراء الأحلام وخواء الأوهام، وحجتهم أن الرئيس (أوباما) صاحب الخطاب الأمريكي الأوحد والأشهر في جامعة القاهرة في يونيه 2009.. في الهجوم والتنديد بـ(الاحتلال الإسرائيلي) للضفة وغزة.. قد جاء (أخيراً) بمن يُعينه على رفع (الاحتلال)، وإطلاق الأسرى، وترسيم الحدود لإقامة الدولة الفلسطينية: المستر جون كيري.. لـ(إدارة) الشؤون الخارجية الأمريكية.. بما يُحقق السلام والعدل والإنصاف للقضية الفلسطينية ولبقية القضايا العالقة!!

لكن..

وعلى أرض الواقع.. أخذت الأمور تجري في التناول (الأمريكي) الجديد لـ(الشأن الفلسطيني) - بعد خيبات (أوباما) في إيقاف الاستيطان الإسرائيلي في القدس وبقية مدن الضفة الغربية وتوقف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية تبعاً لذلك، وقدوم (كيري) لـ(الخارجية الأمريكية) - على غير ما توقّع حتى (العرب الأمريكان) أنفسهم: المهرولون من قبل.. والمنادون من بعد، وطوال الوقت على ركوب عربة (الحل الأمريكي)، فمع أول ظهور سياسي شرق أوسطي لوزير الخارجية الجديد (جون كيري) في شهر إبريل الماضي.. كان يطلب من رئيس الوزراء التركي (رجب طيب أردوغان) تأجيل زيارته إلى (غزة).. التي كان يعتزم القيام بها مساهمة منه في فك الحصار عنها!! والتي كان مقرراً لها أن تتم في نهاية الشهر الحالي (مايو)، ثم ظهر فيما بعد أن كشفت المصادر الفلسطينية.. أن خارجية كيري - بعلمه أو بدون علمه - لم تطلب (تأجيل) زيارة أردوغان ولكنها طالبت بـ(إلغائها)، تماماً.. وكما فعلت من قبل الخارجية الأمريكية في (إلغاء) زيارة (وفد مجلس الأمن) لأراضي السلطة الفلسطينية، لـ(التعرف) على حقائق الأوضاع فيها بدلاً من الاعتماد على التقارير المتناقضة التي تأتي لأعضائه من الجانبين: الإسرائيلي.. أو الفلسطيني..؟! وكما فعلت بعد ذلك في شهر مايو من عام 2010م.. عندما اعترضت في مجلس الأمن باستخدامها (حق الفيتو) على إرسال لجنة أممية إلى (إسرائيل) لتقصي حقائق ما حدث لـ(أسطول الحرية) التركي، وهو في طريقه - في عرض المياه الدولية - إلى ميناء غزة لفك الحصار عنها، وما أسفر عنه الهجوم العسكري الإسرائيلي عليه.. من سقوط عشرين قتيلاً من دعاة السلام في العالم (بينهم سبعة من الأتراك) وستون جريحاً.. ولكن خارجية - هيلاري كلينتون - آنذاك لم يكن ليهمها مات من مات.. أو جُرح من جُرح، وغضب الأتراك أو لم يغضبوا لأن ما فعلته الغارة الإسرائيلية الوحشية على أسطول السلام التركي حامل المؤن والأغذية والمواد الإغاثية الطبية لـ (غزة).. من وجهة النظر الأمريكية هو دفاع مشروع عن النفس!!

لا نريد أن نتحدث عن الماضي.. فالأمريكيون لا يحبون الحديث عن الماضي، ولكننا نريد أن نتعقب - فقط - من أجل سواد عيون الولايات المتحدة.. خطوات وزير خارجيتها الجديد (جون كيري) صاحب التاريخ السياسي المنصف المحترم، الذي قَدِم مؤخراً إلى المنطقة في أول زيارة لها بعد طلب خارجيته بعلمه أو بدون علمه إلغاء أو تأجيل زيارة (أردوغان).. ليُفاجئ الفلسطينيين بأحاديث مطولة مسهبة عن (السلام الاقتصادي)!؟ الذي جاء يرجو تحقيقه بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأنه (يعمل على استقطاب مستثمرين أجانب ليساهموا في إرساء مشاريع إسرئيلية فلسطينية مشتركة)!!.. أما الحديث عن (السلام السياسي) و(إنهاء) الاحتلال الإسرائيلي عن الضفة والقطاع، و(رسم الحدود)، و(إطلاق) سراح الأسرى والسجناء الذين مضى على بعضهم عشرون وثلاثون عاماً، وإيقاف الاستيطان في أراضي الضفة الغربية بصفة عامة و(القدس) الشرقية بصفة خاصة باعتبارها.. عاصمة الدولة الفلسطينية المحتملة أو (الحلم).. فإنه حديث مؤجل، قد يأتي بعد تحقيق (السلام الاقتصادي).. وقد لا يأتي، وهو أمر يبلغ حد العجب.. عندما يأتي من رجل في قامة جون كيري الفكرية والسياسية التي عرفناها، ولكن يبدو أن فكرة (السلام الاقتصادي) هذه.. هي إحدى أفكار مراكز الدراسات والبحوث الأمريكية اليهودية المسمومة التي أمكن تمريرها لـ(كيري) لإشغال الفلسطينيين المنهكين اقتصادياً بـ(لقمة العيش) عن (لقمة الحرية).. عن الاستقلال والدولة وحق العودة، وقبل هذا كله عن إيقاف الاستيلاء على أراضي الضفة الغربية - بالاستيطان أو الطرد أو بالقتل إن قضت الضرورة - فهذا هو (الهمّ) اليهودي الأول الذي تبنته الإدارات الأمريكية المتعاقبة بعد مغادرة (جيمي كارتر) للبيت الأبيض.. باستثناء سنوات (بيل كلينتون) الرئيس الثاني والأربعون للولايات المتحدة.. وهو ما يجعلنا نعيب على (كيري) وإدارته الديمقراطية المشتركة مع (أوباما) تبني فكرة هذا (السلام الاقتصادي)، وما يعنيه من قبول لـ(الاستيطان) والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية أو التنازل عن أراضي ما يُعرف بالمستوطنات الإسرائيلية الكبرى لصالح (إسرائيل)..!!

لقد كان هذا هو لب (السلام الاقتصادي) المشبوه الذي جاء (كيري) إلى المنطقة من أجله.. بدليل أنه عندما استقبل وفد الجامعة العربية الوزاري في واشنطن، وقد جاء لإحياء (مبادرة السلام العربية).. أو التذكير بها - على وجه الدقة - بعد أن نسيتها الولايات المتحدة.. طيلة أحد عشر عاماً، ولم تعرها (إسرائيل).. حتى بالتفاتة، وجرى الحديث.. خلال اللقاء طوعاً أو كرهاً أو ابتزازاً عن إمكانية (تبادل) الأراضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، في سبيل تحقيق (حل الدولتين على أساس خطوط الرابع من يونيه 1967م)، اعتبر (كيري) أن ذلك إنجازاً.. بينما هللت لذلك وزيرة العدل الإسرائيلية (تسيبي ليفني)، المسؤولة عن ملف (المفاوضات) مع الفلسطينيين.. وهي ترحب بـ(أول خطوة) نحو التطبيع مع العرب.. والمتمثلة في: الاستيلاء على مزيد من (الأرض) الفلسطينية.. تحت أي مسمى سواء أكان بـ(التبادل) أو الشراء.. أو غيرهما!!

يبدو أننا كنا أبرياء بأكثر مما يجب.. عندما بكينا لخروج (المرشح الديمقراطي) جون كيري.. عام 2004م من حلبة سباق الرئاسة الأمريكية وهو الأجدر والأقدر والأليق بها.. أمام (دوبيا) المعتوه أو طفل الجمهوريين المدلل (جورج بوش الابن)..! فـ(كيري) الذي بكينا لـ(خروجه).. عاد يبكينا بـ(عودته) إلى الخارجية الأمريكية..؟

dar.almarsaa@hotmail.com
جدة

أحبولة السلام الاقتصادي الأمريكية الجديدة
د.عبدالله مناع

د.عبدالله مناع

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة