Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 05/05/2013 Issue 14829 14829 الأحد 25 جمادى الآخرة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الأخيــرة

ابني الأصغر عبدالعزيز يتلقى تعليمه في الولايات المتحدة الأمريكية، وعندما عاد في إجازة الصيف الماضي وجدته يتحدث عن التاريخ الأمريكي باستفاضة وفهم واستيعاب لأدق تفاصيله. السبب أن أغلب الجامعات الأمريكية تطلب من الطلاب، أمريكيين وأجانب، خاصة في المرحلة الأولى من التعليم الجامعي، دراسة التاريخ الأمريكي بوصفه مادة إجبارية، في حين أن جامعاتنا - ما عدا جامعة الإمام فقط - تنتهي علاقة الطالب بتاريخ وطنه فيها بمجرد أن يدلف إلى التعليم الجامعي؛ فلا يُطلب من الطالب دراسة التاريخ كمتطلب إجباري.

التبرير الذي يبررون به إقصاء التاريخ الوطني عن المرحلة الجامعية أن ما يتلقاه الطالب من هذا التاريخ في مرحلة ما قبل التعليم الجامعي كافٍ، ولا داعي للإثقال عليه بمثل هذه المواد؛ هكذا يُبررون. أما السبب الحقيقي - في تقديري - فيعود إلى أن التيارات الحركية الإسلاموية المؤدلجة في جامعاتنا، وبخاصة الإخوان والسروريون، يتعمَّدون فصل الطالب عن تاريخه الوطني؛ لأنهم لا يؤمنون بفكرة الوطن، وإنما بدولة (الخلافة)، ومن خلال مادة (الثقافة الإسلامية) التي يُهيمنون عليها هيمنة كاملة تتم (برمجة) الطالب؛ ليكون منتمياً ليس لوطنه وإنما لدولة الأمة كمشروع بديل ونهائي لفكرة (الوطن). ومن المعروف أن الطالب في المرحلة الجامعية يكون أكثر (نضجاً) واستعداداً لتشكل شخصيته الثقافية والعلمية التي سيبقى في الغالب عليها ما تبقى من حياته.

تاريخنا، وبخاصة تاريخ الدولة السعودية الأولى، وجزء من تاريخ الدولة السعودية الثانية، يصطدم اصطداماً مباشراً بدولة (الخلافة) العثمانية؛ فلم يقضِ على الدولة السعودية الأولى، ويهدم عاصمتها (الدرعية)، ويُشوه الدعوة الدينية التي قامت عليها، ويرتكب من الفظائع الدموية ما يشيب لهوله الولدان، إلا دولة الخلافة المزعومة تلك. وعندما يدرس الطالب وهو في مرحلة النضوج في المرحلة الجامعية هذه الفظائع والظلم والدموية والطغيان التي يحكيها تاريخ آبائه وأجداده القريب ستكون - بلا شك - عائقاً وعقبة كأداء في طريق مشروعهم السياسي (دولة الخلافة)؛ وهذا ما يسعون إلى تفاديه؛ وقد اتخذت هذه التيارات المسيّسة من مادة (الثقافة الإسلامية) مطية لمشاريعهم السياسية؛ فهذه المادة لا تحفل (بالعقيدة) إلا لماماً، وربما لذر الرماد في العيون، كما أنها لا تهتم بالارتقاء بثقافته الدينية العامة التي يحتاج إليها المسلم في حياته الاجتماعية، قدر ما تطرح مشاريع وثقافة سياسية ذات أهداف واضحة ومحددة المعالم، ترمي إلى إقناع الطالب في هذه المرحلة العلمية المهمة من حياته بأن الدولة الوطن يجب أن تذوب وتنتهي، وتأتي مكانها (دولة الأمة).

لذلك فإن أملنا في القائد الباني والوطني الأول الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أمد الله في عمره - كبير بأن يوجه (بفرض) مادة تاريخ الوطن، وبخاصة تاريخ المراحل الثلاث التي مرت بها الدولة السعودية، كمتطلب (إجباري) لجميع الطلبة في كل جامعاتنا، بغض النظر عن تخصص الطالب النهائي، بحيث لا يتخرج الطالب إلا وقد درسه وجوباً.

والملك عبدالله - كما هو معروف - هو من تبنى ترسيخ التربية الوطنية في مدارسنا، ومثل هذا القرار يُكرس مفهوم الوطنية، ويقطع الطريق على دعاة (الأممية) لهز إيمان إنسان هذه البلاد بانتمائه الوطني، فالإنسان الذي يعيش بلا (ذاكرة تاريخية) هو في حقيقته إنسان (لا منتمي) سياسياً، و(اللا منتمي) يكون عجينة طيّعة لهذه التيارات المسيّسة لتشكيله أيديولوجياً كما يطمحون.

إلى اللقاء.

شيء من
تاريخنا الوطني يا خادم الحرمين
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة